التغيرات السلوكية فى سن المراهقة - جورج إسحق - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التغيرات السلوكية فى سن المراهقة

نشر فى : الأربعاء 16 ديسمبر 2020 - 9:10 م | آخر تحديث : الأربعاء 16 ديسمبر 2020 - 9:10 م

لقد آلمنى كثيرا ما حدث مع طفل المرور وكيف وصلت الأمور إلى وضعه فى الإصلاحية إلى المحاكمة وهذا حدث كله فى غياب مراقبة الطفل فى سن المراهقة، فليتحمل هذا الجرم الوالدان وخاصة أن القيادة عند الأطفال فى العائلات الثرية يشمل أيضا الأطفال مع الآخرين وخاصة راكبى التوكتوك فى كل مكان ولم يجرمهم أحد أو يمنعهم.
فالمراهقة هى العمر الفاصل بين الطفولة والرشد، فقد تبدأ مرحلة المراهقة من سن 13 وتنتهى فى سن 19. هذه المرحلة من أهم المراحل العمرية التى يمر بها الإنسان لأنها فترة انتقالية من الطفولة إلى مرحلة الشباب، ويتخللها الكثير من الجوانب والظواهر الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية. ولذلك مطلوب من الوالدين مراقبة ابنهم فى هذه المرحلة حتى يصبح إنسانا سويا. فيجب أن نراقب سلوكه المتعلق بالذات والمظهر الخارجى وهل هناك توافق نفسى أم لا، وعلاقته بأفراد الأسرة، وعلاقته بالمجتمع. هذه الأمور شديدة الأهمية، فالتغيرات الهرمونية والتطورات العصبية تؤثر على السلوك. ففى هذه المرحلة يحتاج المراهق إلى من يفهمه ويتمكن من التواصل معه، فيجب أن تكون هناك علاقة جيدة بين المراهق والأهل. وأن يكون هناك حوار دائم وصبر شديد لتلقى رغبات المراهق.
أما عند الإناث فظهور الدورة الشهرية يسبب لها الشعور بالخوف والانزعاج أو حتى الابتهاج فى بعض الأحيان. فيجب أن يقابل هذا الحدث بموضوعية وشرح فسيولوجى لأسباب هذا الحدث وطمأنة البنت بأن هذا شىء طبيعى وعدم الخجل منه ومواجهته بشجاعة.
***
كيف نواجه كل ذلك فى وسط إطلاع المراهقين على وسائل الاتصال الجديدة وتلقى معلومات مضللة فى هذا الأمر! فيجب أن ننتبه لهذا الخطر.
ومن ظواهر هذه المرحلة أن المراهق يكون سريع الغضب فيقابل من الأهل بعنف وغضب أشد، فيجب أن نتعرف بهدوء على هذا الغضب. لأن فى هذه المرحلة يحاول التخلص من شخصية الطفل الذى بداخله ويحاول أن يقنع الآخرين أنه قد كبر، ولذلك يبدأ بمحاولات التحرر من التبعية والخضوع لأوامر الأبوين والمدرسة والكبار ويخلق لنفسه عالما خاصا، هل نترك المراهق لحالة التمرد هذه؟ أم نقابل ذلك بشكل أفضل وإعطائه مساحة من حرية الحركة! وإعطائه مسئوليته عن نفسه وترك الفرصة له للتعبير عن نفسه وعن مشاعره، وهذا يحتاج من الأبوين التواصل العاطفى.. فإذا استمر الأبوان فى تجاهل ما يحدث للمراهق، فمن السهل جدا أن يقبل من أصدقائه أن يتعاطى المخدرات ويسلك سلوكا مخالفا تماما بما يتمنى الوالدان. فى هذه المرحلة يتطلب الأمر أن نشغل أفكاره هذه بتدريبه على مهارات مختلفة وأنشطة رياضية لما يتمناه هو ويقبله ليتم له الاستقرار النفسى.
ومن أهم هذه المراحل نظرته إلى الأنثى، هذا موضوع شديد الأهمية والخطورة. إذا عنفناه أو عنفناها على هذا السلوك بأن ترتبط فى هذه السن الصغيرة سيكون نتائجه غير سليمة. كيف نواجه هذه المشكلة؟ بإعطاء مزيد من العاطفة من الوالدين ومناقشة هذه الأمور معهم وكسب ثقتهم بعدم إخفائهم هذه العلاقات.
وللبيئة فى مجتمعنا المصرى دور مهم.. يأتى دور المدرسة، فقد كان فى الزمن القديم يوجد أخصائى اجتماعى فى المدارس يسمع فيها مشاكل الأبناء ويحاول أن يحلها. ومن البيئات الخطيرة التى نتمنى أن تنظر لها وزارة التعليم والتربية كما تسمى نفسها فى النظر إلى ما يحدث فى الصعيد، فهذه البيئة شديدة التعامل تجاه الإناث. ولنا تجربة فى مدارس الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية بأن قمنا بعمل بحث حول معاناة الإناث فى هذه المرحلة السنية وسميناها (برنامج البوح)، واستقبلنا معلمين من الخارج حتى لا يشعر البنات بالحرج، ورصدنا كمية من الألم والخلل والعذاب لهؤلاء الفتيات فى هذه المرحلة السنية لأنه لا يوجد من يستمع إليهن أو يحل مشاكلهن بل التهكُم عليهن فى أى تصرف يحملنه.. فهل هذا يصنع إنسانا جديدا كما يصدعون رءوسنا ليل نهار؟
***
أنا أرجو أن تهتم كل وسائل الإعلام، بدلا مما ينشر من كلام غير مفيد، بهذه القضية، ويجتمع علماء الاجتماع فى مؤتمر لمناقشة هذا الأمر وهو أحوال المراهقة فى مصر وكيفية التصدى لهذا الانفلات الأخلاقى غير المسبوق. وظاهرة طفل المرور ليست الوحيدة فى مصر بل منتشرة فى كل أنحاء الجمهورية. فالذى حدث من طفل المرور هو أسلوب لتحقيق إثبات نفسه، فلم يفكر كثيرا قبل الإقدام على هذا العمل بأنه شىء خطير. وإنما يرى الإيجابيات فقط لذلك السلوك ولا يرى سلبياته، إلى جانب نتيجة الانفلات وعدم العناية والمتابعة لدرجة تعاطيه المخدرات!
ومن كل ما سبق نرى أن التنشئة الاجتماعية من أهم الأمور التى تساعد على تخطى هذه المرحلة، ونلاحظ جيدا أنه يميل إلى الجنس الآخر ويؤثر هذا الميل على نمط سلوكه، ويجب أن نراعى ذلك إلى أن ينتقل من مرحلة المراهقة إلى مرحلة البلوغ. ونساعده على التخلص من المشاعر السلبية التى تصاحب التغيرات الفسيولوجية للمراهقة، لأن هذه المرحلة قد تؤدى إلى أزمات نفسية جسيمة مثل الاكتئاب والشعور بالملل والوحدة! فيجب أن نشاركهم فى آلامهم وأفراحهم، وكيف نمنع من تفكيرهم أن أى سلطة تعلوهم ينظرون إليها على أنها متخلفة.
وكذلك يعانون من مشاكل جنسية التى يجب أن نعلمهم كيفية التعامل مع هذا الأمر بالشرح والتوضيح ودون خجل بالنسبة للإناث والفتيان. وقد كررنا كثيرا أن الثقافة الجنسية يجب أن تعلم فى المدارس على أساس علمى وعن طريق الأطباء، وعدم النظر إلى الأمور الجنسية بتحفظ شديد ولكن إعلامهم بالأمر هو الذى سيخفف عن أفكارهم هذا التحدى، وتلقى المعلومات فى داخل المدارس أفضل من أن يتلقوها فى الشوارع من زملائهم الذين ليس لهم خبرة فى هذا المجال.
ومن الأمور المهمة التى يجب أن يلاحظها الآباء هو الاهتمام بغذاء المراهق وتناوله للمعادن المهمة. ومشكلة العصر هى تناول الوجبات السريعة، فيجب التقليل منها بقدر الإمكان وعدم الإهمال فى وجبة الإفطار وتناول الحبوب والفواكه الطازجة. ويجب أن يكون الآباء قدوة يحتذى بها وأن يشاركوا أبنائهم فى تناول الوجبات التى يأكلون منها وتشجيعهم وعدم إعطائهم أى ملاحظات أثناء الغذاء لأن هذا يجعلهم يفعلون العكس.
هذا أمر شديد الأهمية، نحن كتربويين يجب جميعا أن نهتم به وندعو به قدر طاقتنا والتفرغ لهذا الأمر لأن هذا أول لبنة لبناء الشخصية المصرية.

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات