«داعش».. والجبهة المصرية - محمد عصمت - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:19 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«داعش».. والجبهة المصرية

نشر فى : الثلاثاء 17 يونيو 2014 - 5:15 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 17 يونيو 2014 - 5:15 ص

مع الانتصارات المفاجئة التى حققها تنظيم «داعش» خلال الأسابيع الأخيرة فى العراق،أطلق مصرى ملثم تصريحات نارية فى فيديو على موقع «اليوتيوب»، قال فيها إن تنظيمه سوف يشن الحرب على مصر، وإنهم سوف يقتلون الرئيس عبدالفتاح السيسى والمسيحيين الصليبيين، وإن فتح مصر هو البوابة الوحيدة لتحرير المسجد الأقصى والصلاة فيه، كاشفا عن أن العمليات الانتحارية ستكون سلاح التنظيم لتحقيق أهدافه فى مصر.

ومع أن هذا الفيديو قد يكون مفبركا، بثه أحد التنظيمات المتطرفة المتعاطفة مع مافيا الإخوان، أو حتى جهات استخبارية تريد إدخال مصر فى الحرب على «داعش»، إلا أن إعلان أجهزة الأمن عن ضبط أحد المتطرفين بتهمة السعى لتاسيس فرع لداعش فى مصر، يقتضى أخذ هذه التهديدات العنترية الغامضة بمأخذ الجد، خاصة أن التنظيم هدد بعمليات انتحارية ضد أعدائهم داخل مصر، وهى عمليات لا يستلزم تنفيذها قوات مسلحة وعتاد عسكرى وحروب على الأرض، بل يكفيها مجرد سيارة مفخخة أو حزام ناسف لتؤدى الغرض، وتحقق انتصارات سياسية قد تفرض على الحكم الجديد فى مصر اتخاذ قرارات استثنائية مقيدة للحريات، وتعرقل خطواته نحو تحقيق أهدافه فى تحقيق استقرار سياسى يوفر المناخ لتنفيذ رؤاه لمواجهة الأزمات الاقتصادية المتفاقمة التى يراهن بحلها على تأسيس شرعيته بين الناس.

قد لا تستطيع «داعش» خوض حرب عصابات فى مصر، لكن التنظيم لن يعدم وجود مئات المتطرفين المصريين الذين يؤمنون بأفكاره حول عودة الخلافة الإسلامية، والمستعدين للف حزام ناسف حولهم لتفجير منشأة أمنية أو حكومية هنا أو هناك، وقد يجد هؤلاء الانتحاريون ظهيرا سياسيا يوفر لهم الدعم المعنوى وربما المادى أيضا من عناصر إخوانية أو من عناصر مسلحة فى سيناء، لكن التنظيم فى كل الأحوال لن يستطيع تطبيق تكتياته العراقية أو السورية فى مصر..

بموازين القوى يستطيع النظام الجديد فى مصر مواجهة لسعات «داعش» وحربها المزمعة فى مصر، لكن بحسابات السياسة هناك الكثير من جبهات المواجهة داخليا وإقليميا تشهد غيابا تاما للدور المفترض أن يلعبه هذا النظام، فعلى المستوى الداخلى لم يقدم النظام الجديد فلسفة واضحة لتوجهاته الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية، والتى ستقدم فى حالة فشل النظام فيها كل المبررات للقوى المعارضة له، لإشعال موجات غير مسبوقة من العنف، فملايين المصريين الذين كابدوا الكثير من الكوابيس خلال السنوات الماضية، لن يكتفوا بالفرجة على ثورتهم وهى تسرق منهم، ودون أن يشاهدوا أى تقدم ملموس لتحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية..

أم على المستوى الإقليمى، فحسابات النظام الجديد فى مصر تصطدم بغموض يحيط بالقوى التى تدعم «داعش»، وتخطط لإعادة تشكيل المنطقة على اسس جديدة قد لا تكون فى صالح شعوبها، فمع سعى مصر لتأسيس حلف مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية، تثار الكثير من التحليلات حول دعم خليجى تتلقاه داعش من دول خليجية لمواجهة المد الشيعى، وسعى ايران لتطويقها من خلال رجلها فى العراق نورى المالكى، وما يستتبعه ذلك من إثارة التناقضات بين حرب داعش على مصر، وتحالف مصر مع الخليج، فى نفس الوقت الذى تثار فيه أقاويل حول دعم تركيا ـ بحلمها الإمبراطورى العثمانى ـ لداعش، لمواجهة ايران التى تستهدف توسيع نفوذها الشيعى فى المنطقة، بما يحعل الإقليم كله على حافة حرب سنية ـ شيعية، لن تكون مصر فى مأمن منها اقتصاديا وأمنيا.

الأسابيع القادمة ستكشف الكثير من الأوراق الغامضة حول أسطورة «داعش»، وستسقط الأقنعة عن اللاعبين الحقيقيين فى العراق، وستكون أيضا امتحانا حقيقيا لقدرة النظام الجديد فى مصر على المناورة.. وأنه لا يلعب «دور الشرف» فى المسرحية الساخنة التى تشهدها المنطقة!

محمد عصمت كاتب صحفي