يوم انتخابى.. - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 8:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يوم انتخابى..

نشر فى : السبت 17 ديسمبر 2011 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 17 ديسمبر 2011 - 8:00 ص

حلّ يوم الانتخاب للمرحلة الثانية دون أن أستعد له.. كنت أقف على رصيف المتفرجين على العملية الانتخابية كما تمت فى مرحلتها الأولى.. بكل ما فيها من منافسات وصراعات واتهامات متبادلة بين المرشحين الأفراد وبين الكتل والأحزاب السياسية، وأتابع باهتمام كبير تصريحات السلفيين واتهامات الإخوان المسلمين وردود الليبراليين والمستقلين على هؤلاء وأولئك.. وأغرق فى الضحك على النوادر والنكت التى ملأت جو الانتخابات. ثم أعود إلى شىء من الجد حين أقرأ تعليقات الصحف الأجنبية وأسلوب قراءتها للمشهد السياسى بعد ظهور نتائج المرحلة الأولى، دون أن أبالى كثيرا بما ستحمله المرحلة الثانية من مفاجآت!

 

ومن ثم اتجهت إلى اللجنة الانتخابية التى لم يكن من الممكن معرفة موقعها إلا من الإنترنت. وحررت فى ورقة صغيرة رقم اللجنة ورقم المسلسل فى كشوف الانتخابات.. وذكرنى شعورى وأنا ألج باب اللجنة الانتخابية التى استقرت بإحدى المدارس القريبة، بيوم دخولى لجنة الامتحانات فى الثانوية العامة.. فقد أضفى وجود جنود قوات الجيش مع بعض أفراد الشرطة جوا من الهدوء والنظام والهيبة.

 

وكان أول منظر صدم عينى، رجل كبير السن مصابا بالشلل على الأرجح حمله أربعة من جنود الجيش من الطابق الأول إلى الطابق الأرضى. ولم أفهم لماذا لا تحدد فى اللجان الانتخابية غرفة أو لجنة فرعية لكبار السن والمرضى وذوى الاحتياجات الخاصة فى الطابق الأرضى. خصوصا وأن الأغلبية الغالبة من الناخبين من متوسطى السن والكهول، مقارنة بنسبة محدودة من الشباب.. وهو ما يمثل ظاهرة لافتة فى هذه اللجنة بالمهندسين التى تمثل الطبقة المتوسطة. وكنت أتوقع العكس: مزيدا من الشباب الثورى وقليلا من الكهول أو الفلول!!

 

ليس من المنتظر أن تصل نسبة الناخبين فى المرحلة الثانية إلى نفس نسبة الإقبال التى تحققت فى المرحلة الأولى. بعد أن تبدد كثير من الحماس للثورة.. ولن تتجاوز النسبة هذه المرة 40 بالمائة.

 

وفى تقديرى أن جانبا كبيرا من أسباب عدم الإقبال ترجع إلى تعقيدات الطريقة الانتخابية. وبغض النظر عن انتهاك فترة الصمت الانتخابى وما رافقها من بعض المخالفات مثل استخدام الشعارات الدينية، فقد لفت نظرى عدم ملاءمة حجم الورقة الضخمة التى يتحتم على الناخب أن يقرأها ليعرف من هم المرشحون ويطابق بين أسمائهم والرموز المقابلة لكل مرشح.

 

ولك أن تتخيل لجنة انتخابية تضم أكثر من 130 مرشحا فرديا وأكثر من عشر قوائم فى الدائرة. ومؤهلك لا يزيد على شهادة متوسطة أو الإعدادية، وعليك أن تختار من بين أكثر من مائة مرشح (مرشحين فرديين من الفئات والعمال أو الفلاحين).. وأن تختار من بين القوائم واحدة لحزب أو كتلة سياسية.. ورقة المرشحين المائة يبلغ طولها أكثر من 75سم وعرضها يزيد على 50 سم. وقد كتبت أسماء المرشحين فى جدول بخط صغير لا يكاد يقرأ. وعليك فى خلال دقائق معدودة أن تختار وتحدد مرشحى الفردى والقائمة. وهو أمر شبه مستحيل ما لم تكن تعرف مقدما أسماء المرشحين ورموزهم. وهذا أمر طبيعى فى هذا النظام المعقد فى بلد نسبة الأمية فيه تتجاوز 30 بالمائة ونسبة من يجيدون القراءة والكتابة لا تتعدى أربعين بالمائة!

 

المفروض أن توضع أسماء المرشحين فى جداول مكتوبة بخط كبير ومعلقة فى مكان بارز، يقرأها الناخب وهو فى طريقه إلى الإدلاء بصوته، فتتضح أمامه معالم الخريطة الانتخابية ويمكنه بذلك فرز الأسماء والأشخاص فى وعيه ليكون أكثر قدرة على التمييز.

 

بغير ذلك يجد الناخب نفسه فى متاهة بين أسماء لا تعنى له شيئا فى الواقع. ولا تمثل اتجاها أو وعدا بالإصلاح أو برنامجا للمستقبل. وهو ما قد ينتهى بالناخب إلى وضع العلامات اعتباطا.

 

فتحصل بعض الأسماء والأحزاب على أصوات لا تستحقها مهما توافرت عوامل النزاهة!

 

لست أدرى ما هى الجهة التى ترتب عملية التصويت وترسم جداول الانتخاب، وتراجع الضمانات التى تكفل للناخب حقه الكامل فى معرفة المرشحين والتمييز بينهم. وتكفل للمرشح أيا كان فردا أو قائمة ظهورا كافيا، بحيث لا يقع الاختيار فى دائرة العشوائية أو اللامبالاة.

 

إن الاهتمام بهذه الترتيبات والضمانات يكون أكثر جدوى فى الريف والأقاليم، حيث تقل نسبة من يجيدون القراءة والكتابة، وبالذات بالنسبة للمرأة التى تعتمد على ما يقرره الزوج أو رب الأسرة.. ويحصل المرشح بذلك على أصواته جزافا. وهو ما يقلل فرص المنافسة على كل حال!!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات