هل أتتك أخبار حكومة مهدى جمعة؟ - امال قرامى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 11:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل أتتك أخبار حكومة مهدى جمعة؟

نشر فى : الثلاثاء 18 فبراير 2014 - 6:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 18 فبراير 2014 - 6:00 ص

لعلّ من مميّزات مسار ما بعد الثورة التونسيّة تعاقب الحكومات المؤقتة بدءا بحكومة محمّد الغنوشى، فالباجى قائد السبسى، فمحمد الجبالى، فعلى العريض وصولا إلى مهدى جمعة، وكأنّ التونسيين الذين عاشوا طيلة عقدين تحت هيمنة الحاكم الواحد، والحزب الواحد، والسياسة الواحدة، قد آلوا على أنفسهم القطع مع الألفة، والاستئناس، وجريان العادة، والرضوخ للأمر الواقع، والرض بالمصير المحتوم: «حاكم غشوم خير من فتنة تدوم».. فها هم اليوم، يمارسون الرقابة، والانتقاد، والاحتجاج، والضغط على كلّ حكومة حتى لا تتصوّر أنّها دائمة، وعلى كلّ رئيس حكومة حتى لا يذهبنّ فى ظنّه أنّه قد نجح فى الاختبار، ونال إعجاب التونسيين فإذا هم يعدّدون فضائله ويُشيدون بمحاسن أفعاله. هيهات قد ولّى ذاك الزمن. فالشعب الذى رفع «ارحل» فى وجه المستبدّ لن يتوقّف عن المقاومة وتكرار نفس التجربة.

•••

ما إن تسلّم رئيس الحكومة مسئوليته حتى انطلقت مبادرة «جمعة ميتر» وهو موقع أطلقته جمعيّة «أنا يقظ» لتراقب أداء الحكومة الجديدة وتقارن الوعود المقطوعة بما سيتمّ تحقيقه. فأين المفرّ؟

إنّه المجتمع المدنيّ يتحرّك، ويجوّد أداءه حتى لا تستفحل الانتهاكات مثلما وقع فى «العهد السابق» مع حكومة العريض: أحداث الاعتداء على التونسيين فى يوم 9 أبريل: عيد الشهداء، وعلى مناضلى الاتحاد العام التونسى للشغل فضلا على أحداث الرشّ بسليانة، واستمرار تعذيب الموقوفين، وغيرها من الأحداث.

31 وعدا التزم مهدى جمعة بتنفيذها أمام المجلس التأسيسى، وتتفرّع إلى محاور رئيسية متعلّقة بالانتخابات والأمن والاقتصاد. وستكون مهمّة المشرفين على الموقع المراقبة، والأرشفة، والمقارنة والتحليل والاستنتاج.. هى إذن عيون يقظة لن يغمض لها جفن حتى تتأكّد من سلامة الأداء، والإيفاء بالالتزامات والوعود والمواثيق، ومدى قدرة الحكومة على إدارة ما تبقّى من المسار الانتقالى، ومدى تحمّل الوزراء الجدد للمسئولية.

•••

إنّ ما يلفت الانتباه فى هذه التجربة الفريدة من نوعها فى التاريخ السياسى لتونس المعاصرة هو أنّها غيّرت ملامح العلاقة بين «السياسيين والمواطنين» إذ لم يعد بمقدور الحاكم أن يحتكر رسم سياسات البلاد بمفرده، ولا أن يصمّ أذنيه، ويستمرّ فى ممارسة العمى مستعليّا، مظهرا نرجسية مفرطة.

لقد استيقظ التونسيون من سباتهم، وغفلتهم، والدهشة التى أصابتهم، خاصّة أثناء حكم حزب النهضة فإذا هم اليوم، يخوضون فى الجدل السياسى، ينخرطون فى الشأن العامّ، يعبّرون عن تصوّراتهم، ويرفعون سقف مطالبهم، ويندّدون بالتجاوزات مستمتعين تارّة بـ«الفضائح» وسقوط الأقنعة، وكشف المستور، متألّمين من مخطّطات الإرهابيين طورا آخر.

لم يعد التونسيون «تحت» حكم الزعيم الأوحد، ولا صانع التغيير، ولا الأب الراعى، ولا الخليفة السادس، و«الحكومة الرشيدة» ولا المهدى المخلّص. ثنائيات من قبيل فوق/تحت، عمودى/أفقى، تخلخلت، وخطابات مشحونة بكلمات من قبيل «شعبى» «مواطنونا» اربكت لتفسح المجال أمام نمط مغاير من العلاقات قائم على استلهام قيم الديمقراطية التشاركية، وخطاب سياسى مختلف يعى أنّ الشعب سيّد نفسه وأهميّة الشفافية والمساءلة والمحاسبة وغيرها.

•••

اكتسب التونسيون وعيا سياسيا جديدا جعل صوتهم عاليا «يسمع من به صمم» ولكن يبقى السؤال إلى أيّ مدى ستكون حكومة مهدى جمعة متطابقة مع ما ارتكز فى المتخيّل السياسى من صور؟ فالخطاب الذى صيغ حول هذه الحكومة يبدو إلى هذه اللحظة، مشيدا بالقرارات الأولى الصادرة عن رئيس الحكومة، ميّالا إلى المدح، ساعيّا إلى التغاضى عن التقصير أو البطء فى الإنجاز والحسم فى قضايا عالقة. فهل هى عين المحبّ كليلة لا ترى إلاّ المحاسن أم أنّ توق التونسيين إلى أداء مختلف، وإدارة حكيمة قادرة على توفير الحدّ الأدنى من الاستقرار والأمن والأمل جعلهم يصنعون صورة مغرقة فى الطوباوية، علّهم بذلك يتناسون ما عاشوه طيلة حكم الترويكا من أحداث أليمة؟

وبين مُشيد بسياسة مهدى جمعة ومشكّك فى «مناقبه» المزعومة ستأتينا الأيام بما نحن فيه اليوم نتجادل.

التعليقات