الرهينة - محمود قاسم - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:05 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الرهينة

نشر فى : الجمعة 18 مارس 2022 - 8:30 م | آخر تحديث : الجمعة 18 مارس 2022 - 8:30 م

هذا هو حال المصريين فى أوكرانيا.. الفيلم من إخراج ساندرا نشأت عن قصة لـ نبيل فاروق وسيناريو وحوار أحمد عبدالله عام 2007 وهو يتحدث عن أحوال المصريين فى دولة أوكرانيا.

لقد دفعتنى الظروف الأخيرة للكتابة عن الفيلم والسبب هو أن الأخبار المنشورة عن عودة المصريين من أوكرانيا هو أن كل العائدين من الطلاب الدارسين وأغلبهم من الشباب، ولكننى لاحظت أن المصريين الذين فى أوكرانيا حسب الفيلم ليس من بينهم أبدا طلاب، أى أن هناك تناقضا واضحا بين السينما والواقع، فالفيلم لم يشر بالمرة إلى وجود طلاب فى هذا البلد، كما أن الأخبار التى قرأناها وتبعناها ليست بها أى إشارة إلى أن هناك مهاجرين أو عمالا بفيزا مؤقتة يعيشون فى هذا البلد، وحسب زياراتى لتلك الدول فإن ما عرضه الفيلم يحدث بالتقريب فى كل دول أوروبا حيث يقوم المصريون بعمل تجمعات صغيرة يعيش فيها هؤلاء الشباب، بعضهم جاء بشكل قانونى مثل شخصية مصطفى «أحمد عز» أو الإعلامية «ياسمين عبدالعزيز» أو جاءوا عن طريق التسرب إلى أوكرانيا من دول أخرى، وقد التقيتهم كثيرا فى الأسواق الشعبية بكل من سلوفاكيا والتشيك وليتوانيا وغيرها.

أول ظاهرة يقدمها الفيلم أن التجمع الصغير للمصريين يعكس الحياة البائسة جدا التى يعمل بها كل منهم، فهم يعيشون فى مربعات ضيقة متجاورين ما يزيد الاحتكاك فيما بينهم والجدل، وقد شاهدت مثل هذا التجمع بشكل بالغ السوء فى دولة الكويت، إلا أن الفيلم قدم هؤلاء الشباب بشكل أكثر تمدنًا، ولعل هذا يفسر الحالة المدنية التى يعيشون فيها لكنهم جميعا ذهبوا إلى هناك وحملوا معهم مشاكلهم وصاروا يتجادلون فى هذه المشاكل ولكن الفيلم يتوقف بشكل خاص عند الخلافات الاجتماعية بين المسلمين والأقباط، ويبدأ هذا من المشاهد الأولى فى الطائرة حيث مصطفى مسافر بشكل شرعى إلى أوكرانيا ويحاول إثارة الشغب فى الطائرة بما يخص المقعد الذى يجلس عليه فى الدرجة الثانية فيدعوه عالم مصرى ذاهب إلى نفس البلد هو الدكتور ماجد الحاصل على جائزة نوبل فى العلوم وهو مواطن قبطى يتعرض للاختطاف بعد نزوله من الطائرة ويتمكن الشاب من حصول الحاسوب الخاص به والذى يتضمن أسرارا حول قنبلة نووية.

هى فكرة أقرب إلى الخيال السياسى فليس لدينا عالم مصرى أيا كانت ديانته حصل يوما على جائزة نوبل فى العلوم ولكن فى الفيلم فإن مصطفى يحمل رسالة العالم ويسعى إلى إنقاذه بينما تبدو السفارة المصرية فى أوكرانيا أقرب إلى الفكر الروتينى بالدبلوماسية لا تسعى لأى نوع من المواجهة.

هناك أسباب متباينة لسفر كل شاب إلى هناك لكن ما يجمع بينهم جميعا هو البحث عن ظروف عمل أفضل من التى يمنحهم فرص أفضل مما فى وطنهم وهم يرسلون أموالهم إلى ذويهم ومنهم المسلم والمسيحى وتبعا لاختطاف الدكتور والعالم المصرى فإن الفيلم يتسم بجرأة ملحوظة فى الحوار ولا يخشى إثارة موضوعات عادة ما تتجنبها الحوارات السينمائية، ولكن باعتبار قانون الغربة فإن العمال المسلمين الذين يسعون إلى إنقاذ العالم من براثن العصابة التى خطفته فإنهم يقولون أحيانا إن الأقباط يأخذون جميع حقوقهم، أما العمال المسيحيون فإنهم يعترفون بأنهم وذويهم لديهم اضطهاد دينى.

ومن مظاهر حمل الظواهر المصرية إلى هذا البلد الآمن الذى تدمره الحرب الآن فإن الفيلم يمتلئ بمطاردات سيارات فى شوارع المدينة وأيضا فى أجوائها العليا من خلال مطاردات بين المروحيات ما يتناسب مع أجواء تحبها المخرجة، لكننى على مستوى الشخصى ومن خلال زياراتى المتعددة لمثل تلك البلاد فإن هناك هدوءا شديدا فى تلك الشوارع ولا أعتقد أن هناك أبدا مثل مطاردات الفيلم، ولعل هذا يذكرنى بما حدث فى الفيلم الأمريكى «رونين» بطولة روبروت دينروا والتى تدور أحداثه فى باريس والذى كان به مطاردات مثيرة للغاية لا يعرفها عادة أهل باريس ولكنها موجودة فى السينما الأمريكية بما يكشف أن مطاردات السينما غير موجودة فى الواقع وأنها مصنوعة لتسلية المشاهد، ولهذا السبب فإن الفيلم تحول إلى حركة حول عصابة إرهابية دولية خطفت العالم المصرى ليساعدها فى عمل قنبلة نووية تستخدم فى الإرهاب الدولى، وهى فكرة ساذجة ليست لها علاقة بالواقع ولكنها تنبؤية مقارنة بـ أخبار التى جمعناها عن المفاعلات النووية فى أوكرانيا.

التعليقات