مياه النيل فى خطر - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 1:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مياه النيل فى خطر

نشر فى : الإثنين 19 أبريل 2010 - 9:52 ص | آخر تحديث : الإثنين 19 أبريل 2010 - 9:52 ص

لم يعد الحديث عن التغيرات المناخية التى تجتاح العالم مجرد تنبؤات مستقبلية، بل أضحت واقعا لا يمكن تجاهله، وحين انشقت الأرض فى الصين بغتة خلال الأيام الأخيرة عن زلزال تصدعت له الجبال والوديان شمال غربى الصين ولقى عدة مئات حتفهم، جاء الرد عليه سريعا من أقصى الشمال فى أيسلندا بانفجار بركان أطلق حمما وسحبا بركانية غطت سماء أوروبا كلها، فأوقفت حركة الطيران وعطلت الحياة الطبيعية فى معظم المدن الأوروبية.

تدرك الشعوب المتقدمة خطورة ما يمكن أن تحمله الطبيعة من مفاجآت كارثية، فهى على استعداد دائم لمواجهة التوقعات التى يجزم علماء البيئة بقرب حدوثها، ولدى عامة الشعب من الوعى بها وتوخى الحذر من عواقبها ما يجعل وقوع كارثة طبيعية أو إنسانية مسئولية قومية تنهض الشعوب إلى جانب الحكومات بمقاومتها.

ونحن فى الشرق الأوسط نواجه خطر التغيرات المناخية من جانبين: من جانب البحر إذا طغت مياهه على أراضى الدلتا بسبب تفاقم الاحتباس الحرارى وارتفاع درجة حرارة الأرض، ومن جانب آخر بسبب الجفاف والتصحر وما يترتب عليهما من شح مائى عام يؤثر على الزراعة والرى.

نحن إذن بين خطرين: الغرق بمياه البحر أو الاحتراق جفافا من شح المياه، وهو ما يحتم علينا أن ننظر إلى المستقبل بمزيد من الجدية فى ضوء الأخطار التى تهدد مياه النيل.

وثمة بوادر وإرهاصات مزعجة، تشير إلى أن شح الموارد المائية فى حوض وادى النيل، بسبب التغيرات المناخية من ناحية والزيادة السكانية لشعوب أفريقيا من ناحية أخرى، قد يفجران صراعات وحروبا بين دولها، وكان من علاماتها فشل مصر والسودان فى التوصل إلى اتفاقية مشتركة لاقتسام مياه النيل مع دول الحوض، ولأول مرة تعترف مصر على لسان وزير الرى بهذه الحقيقة، وتحذر من احتمالات صدام إذا عجزت عن التوصل إلى اتفاق.

لقد ظل وزراء الرى فى مصر ينكرون وجود أى مشكلات مع دول الحوض منذ سنين، ولم تبذل جهود حقيقية للتوصل إلى حلول ناجعة، اكتفاء بسياسة التهدئة والاعتماد على النفوذ المصرى التقليدى الذى تضاءل وأوشك أن يتلاشى فى أفريقيا أمام تغلغل إسرائيل ودخول قوى أجنبية إلى مسرح الصراع على الثروات فيها.

لقد استولت إسرائيل على ما استطاعت الاستيلاء عليه من المياه فى الأراضى العربية، وتقوم الدول الأفريقية بنفس الدور الآن فى مياه النيل. وهو ما يستدعى انتهاج سياسات جديدة لمواجهة المشكلة.. فلم تعد تكفى الوعود باستثمارات مصرية فى أفريقيا، لأن مصر ببساطة لا تستطيع أن تنافس استثمارات إسرائيل والصين وأمريكا فى بناء السدود وإقامة المشروعات على النيل.




سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات