أمريكا والصين: أرى بين الرماد وميض جمر - محمد زهران - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 10:07 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أمريكا والصين: أرى بين الرماد وميض جمر

نشر فى : الأحد 19 مايو 2019 - 2:05 ص | آخر تحديث : الأحد 19 مايو 2019 - 2:05 ص

 

العلاقة بين التكنولوجيا والإقتصاد علاقة متبادلة فالتكنولوجيا تدفع الاقتصاد للأمام إذا أُحسن استخدامها (وهذه علوم الإدارة) والإقتصاد هو قوة الدفع للتكنولوجيا التي تحتاج إلى مصادر تمويل، يجب أيضاً ألا ننسى أن التكنولوجيا تولد من رحم الإكتشافات العلمية والتي تحتاج أيضاً إلى تمويل وحسن إدارة.

 

هذه مقدمة لابد منها حتى نتمكن من قراءة العلاقة بين أمريكا والصين فيما يتعلق بالتكنولوجيا، طبعا المشهد السياسي يسيطر على الموضوع ولكن التكنولوجيا هي المحرك لأنها تؤثر في الاقتصاد وفي قوة الدولة ومن ثم قدرتها على إملاء شروطها، لقد تكلمنا في مقال سابق عن الصراع بين الصين وأمريكا ونستكمل حديثنا في هذا المقال.

 

يوجد سلاحان في التكنولوجيا حالياً من يسيطر عليهما يسيطر على الإكتشافات العلمية القادمة وعلى سوق العمل ويحصل على تفوق كبير في الحرب السيبيرية (أي التي تحدث على شبكة الإنترنت والإختراقات على أجهزة الكمبيوتر الأخرى التي تسيطر الآن على أغلب مؤسسات الدول)، هذا السلاحان هما الذكاء الإصطناعي وأجهزة الكمبيوتر فائقة السرعة، هذه الأجهزة فائقة السرعة تستخدم في أشياء عدة (كما تكلمنا في مقال سابق) منها تشغيل برمجيات الذكاء الإصطناعي وهذا محتاج بعض الشرح.

 

برمجيات الذكاء الإصطناعي تحتاج كم كبير من المعلومات للتدريب (نعم، هذه البرمجيات تحتاج للتمرين) ثم بعد ذلك تستخدم في إتخاذ القرارات والتحكم في مختلف مجالات الحياة، كلما زادت المعلومات المستخدمة في التدريب كلما أصبحت برمجيات الذكاء الإصطناعي أقدر على إتخاذ قرارات صحيحة ولكن أيضاً هذا التدريب بهذا الكم من المعلومات (big data) يحتاج أجهزة كمبيوتر فائقة السرعة (supercomputers) وهو ما يعتبر الآن سلاح استراتيجي، لننظر الآن إلى كل سلاح منها على حدة.

 

هناك صراعاً كبيراً بين أمريكا والصين على تصنيع أجهزة الكمبيوتر فائقة السرعة، هناك قائمة بأسرع 500 جهاز في العالم، هذه القائمة يتم تحديثها في نوفمبر ويونيو من كل عام، منذ 2012 والصين تتصدر هذه القائمة ولم تتصدر أمريكا القائمة إلا في نوفمبر 2018 والمركز الثاني للصين، إذا فالصراع محتدم بينهما، بخلاف الذكاء الإصطناعي فإن هذه الأجهزة تستخدم أيضاً في المجالات الطبية وفي الكيمياء والفيزياء إلخ.

 

أمريكا والصين أيضاً في صراع شرس في مجال الذكاء الإصطناعي وكل منهما تريد أن تكون أقوى قوة في العالم في هذا المجال، الصين متقدمة عن أمريكا في مجال الذكاء الإصطناعي في شيئين، الأول هو البينات المستخدمة في تدريب برمجيات الذكاء الإصطناعي، أمريكا لديها الكثير من القوانين المقيدة لاستخدام بيانات ومعلومات الغير (ومشكلة الفيسبوك ليس عننا ببعيدة) لكن الصين ليس لديها هذه القيود وتستطيع استخدام بيانات المليار ونصف مواطن القاطنين في الصين بالإضافة إلى البيانات التي تستطيع الحصول عليها من خارج الصين، العامل الثاني الذي تتفوق فيه الصين على أمريكا هو وجود خطة تشترك فيها الدولة كلها لتطوير منظومة الذكاء الإصطناعي، أمريكا ليس لديها هذه الخطة ولكن لديها شركات كبرى (مثل جوجل وميكروسوفت وفيسبوك واي بي ام وأمازون وآبل) وكل منهم تعمل بمفردها وتتنافس مع الآخرين والحكومة تنظر من بعيد، أما الصين فتعمل عن قرب مع الشركات الصينية العملاقة مثل (AliBaba, Tencent, Baidu) وتوفر لها كل البينات وعندها خطة طموحة لإدخال تدريس الذكاء الإصطناعي للمدارس وليس فقط الجامعات وـاهيل أعداد كبيرة من المدرسين.

هل إنتهى القرن الأمريكي؟ هذا عنوان كتاب (Is The American Century Over?) من تأليف (Joseph S. Nye, JR) الأستاذ بجامعة هارفارد، وصل المؤلف أنه ليس بعد، لكن المؤلفة أمي ويب (Amy Webb) الأستاذة بجامعة نيويورك وصاحبة شركة استشارية لاستشراف مستقبل التكنولوجيا وضعت ثلاث سيناريوهات للصراع بين أمريكا والصين في مجال الذكاء الإصطناعي منهم سيناريوهان تتفوق فيهما الصين.

 

أين موقعنا نحن من كل هذا؟ ماذا تستطيع مصر أن تفعل؟ هذا موضوع مقال آخر إن شاء الله

محمد زهران عضو هيئة التدريس بجامعة نيويورك فى تخصص هندسة وعلوم الحاسبات، حاصل على الدكتوراه فى نفس التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية، له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات والمؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى الأبحاث والتدريس.. له اهتمامات عديدة بتاريخ وفلسفة العلوم ويرى أنها من دعائم البحث العلمى، يستمتع جداً بوجوده وسط طلابه فى قاعات المحاضرات ومعامل الأبحاث والمؤتمرات، أمله أن يرى الثقافة والمعرفة من أساسيات الحياة فى مصر.
التعليقات