لماذا يهتم بنا العالم؟ - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 7:10 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا يهتم بنا العالم؟

نشر فى : الإثنين 19 يوليه 2010 - 9:32 ص | آخر تحديث : الإثنين 19 يوليه 2010 - 9:32 ص

 قد لا يبقى بمصر شىء يثير الإعجاب والاهتمام سوى ما تحمله الأنباء عن اكتشافات أثرية. مازال زاهى حواس يتحفنا بها كل يوم فيعيد إلينا الثقة بتاريخنا. وكأنه يعرف كيف يخترق ببصره أكوام الحجر وكثبان الرمل وتلال الصحراء، فيرى من تحتها ما لا نراه من المعابد والتماثيل واللوحات الملونة وتلك الحياة الأخرى التى كان يحياها الفراعنة قبل آلاف السنين.

وربما لهذا السبب ينتشر الولع بالآثار والتنقيب عنها فى الطبقات الشعبية التى اعتبرت هذه الكنوز ملكا لها. ويمكن أن تقودها إلى طريق الثراء وحين أراد سائق المقاولون العرب أن يهرب من مصيره التعس ومن سخرية زملائه فى عمل ممل، لم يجد أمامه غير البحث عن الآثار وقتل كل من يتعرض له بسوء!!

وفيما عدا ذلك فإن ما يثير اهتمام العالم بمصر لا يثير إعجابهم. إذ يريد العالم أن يرى فى مصر المعاصرة انعكاسا لتاريخها القديم بكل ما أنجزته من حضارة وتقدم. وبناء عليه فهو يقيس واقعها الراهن بمدى ما ينبئ به مستقبلها.

وبسبب هذا الوضع الحضارى والثقل الجغرافى وما تملكه من أدوات التأثير حولها.. لا تكاد تجد دولة فى المنطقة مثل مصر تتجه إليها العيون بنظرات فاحصة، تتحرى كل صغيرة وكبيرة فيها.. وهى تدرك أن انهيار هذا البناء التليد هو انهيار للعمود الفقرى لمنطقة بأسرها.. تربط بين أفريقيا وأوروبا وآسيا.

ويبدى المسئولون فى مصر دهشتهم أحيانا حين يجتمع سفراء دول الاتحاد الأوروبى، ليعبروا عن قلقهم أو استيائهم أو اعتراضهم على أساليب التزوير التى تشهدها الانتخابات، أو على أساليب التعذيب والقمع التى تطال قوى المعارضة السياسية والتى ذهب ضحيتها الشاب السكندرى.

مع أن مصر هى التى سعت إلى التعاون مع أوروبا وقبلت بشروط المشاركة معها فى مجالات عديدة.. من بينها احترام حقوق الإنسان والالتزام بالمواثيق الدولية ودعم الديمقراطية وحقوق المرأة فى المساواة.. وكلها باتت من المبادئ العالمية التى من حق الدول الأخرى أن تراقبها وتحاسب عليها.

وقد هدد المسئولون المصريون بأنهم يمكن أن يردوا على الأوروبيين بالمثل، بإثارة قضايا معاملة الأقليات المسلمة فى البلاد الأوروبية. وهو تهديد أجوف. لأن الدول العربية الإسلامية هى أول من يتراجع عن المطالبة بحقوق الأقليات المسلمة أو غير المسلمة حتى فى بلادها.

كما أنها لا تملك إحصائيات ولا معلومات دقيقة عن أحوال الجاليات المهاجرة فى أوروبا. وهناك حالات تعذيب كثيرة لمصريين فى السجون الأوروبية لم تتدخل فيها السلطات المصرية والتزمت الصمت التام.

الاهتمام بمصر وحاضرها ومستقبلها وما يجرى فيها.. أصبح محط أنظار الصحف والمجلات ومراكز الأبحاث والدراسات العالمية. وحيث لا يوجد طريق واضح لمستقبل الحكم والسياسة فى مصر، فإن أجواء الغموض والشائعات تضفى على كل حركة وسكنة لأهل الحكم ضبابية يصعب اختراقها.

ولكن الأساليب العلمية للاستقراء والتحليل ترسم صورة للمستقبل تنذر بالقلق. وتطعن فى كثير من الادعاءات الوردية التى تتحدث عن النجاحات الاقتصادية التى تحققت وعن أزهى عصور الحرية والديمقراطية التى نعيشها!؟

وفى العدد الأخير من مجلة «الإيكونومست» البريطانية، يخترق محرر التقرير ــ وهو صحفى قدير عاش فى مصر ويعرفها جيدا ــ كثيرا من الأحجار والرمال ليكشف عن حقائق تؤشر إلى تردى الأوضاع.. ويرى أن مصر مقبلة على تغيير جذرى يتراوح بين ما حدث فى روسيا أو إيران أو تركيا.. ومثل هذه التنبؤات قد لا تصدق مائة بالمائة..

ولكنها تومئ إلى الأسباب التى تثير اهتمام العالم بنا. وليس بوسعنا أن نقول: «هى بلدى وأنا حر فيها». فقد أصبح من حق العالم أن يتدخل بسبب ما نرتكبه نحن من أخطاء فى حق أنفسنا!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات