لغز مليارات مبارك - محمد عصمت - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لغز مليارات مبارك

نشر فى : الإثنين 19 ديسمبر 2016 - 11:00 م | آخر تحديث : الإثنين 19 ديسمبر 2016 - 11:00 م
آخر صدمة تلقاها المتابعون لملف الأموال المصرية المنهوبة المتهم فيها عائلة حسنى مبارك وبعض أركان حكمه، هو تقلص هذه الأموال إلى 430 مليون فرنك سويسرى بدلا من 700 مليون، بعد أن كانت تقدر بـ 70 مليار دولار عقب سقوط نظامه، كما أكد تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية منذ 5 سنوات!

النائب العام السويسرى مايكل لوبير كان صاحب الإعلان عن هذه الصدمة، حينما كشف خلال زيارته السريعة للقاهرة السبت الماضى أن تصالح الدولة المصرية مع 8 متورطين فى هذا الملف كان وراء تخفيض هذا المبلغ، وأنهم حصلوا على 180 مليون فرنك، بعد أن أثبتت التحقيقات المصرية انه ليست لهم علاقة بجرائم فساد، وأن الحكومة لم تتقاض فرنكا واحدا من هذه الملايين، وهو ما يؤكد أن القضية لا تزال تدور فى نفس الحلقة المفرغة، وانه لا أمل قريبا فى عودة المبالغ المتبقية لأن حكومتنا لم تثبت حتى الآن حصول عائلة مبارك على هذه الملايين من مصادر غير شرعية !

بعيدا عن القانون، لم يكن أحد يتخيل أن عائلة مبارك تمتلك كل هذه الملايين، إن لم تكن المليارات، من عرق جبينها، فراتب مبارك كرئيس للجمهورية لا يمكن أن يضع عائلته فى عداد المليونيرات، ومؤهلات نجليه علاء وجمال بدون استغلال سلطة أبيهما لا تساوى شيئا، ولا تؤهلهما لهذا الثراء الفاحش بأى شكل من الأشكال.

عقب سقوط نظامه، تبارت الصحف الأجنبية فى تقدير ثروة العائلة الرئاسية فى مصر، بعضها قدرها بـ 70 مليار دولار، والآخر بـ 40 مليارا فقط، تنوعت ما بين أموال سائلة وسندات وسبائك فى بنوك أمريكا ولندن وسويسرا، وعقارات راقية فى عواصم غربية، بالإضافة إلى شرم الشيخ والغردقة، أغلبها باسم علاء وجمال، فى حين ذكرت بعض هذه الصحف أنها تمتلك وثائق لهذه الثروات غير الشرعية للعائلة، ونشرت بعضها صورا لهذه الوثائق، إحداها تزعم أن مبارك نفسه حول 620 مليون دولار من حساب فى بنك باركليز الانجليزى إلى بنك إيكو تريد إيه جى السويسرى، كما كشفت «وثائق بنما» التى نشرها الاتحاد الدولى للصحفيين الاستقصائيين، امتلاك علاء مبارك شركة «بان وورلد انفستمنت» المسجلة فى جزر العذراء البريطانية، وهى أحد الملاذات الضريبية الشهيرة، ذات السمعة المالية السيئة.

ما يؤكد هذا الفساد، ما نشرته مؤسسة النزاهة المالية الدولية، عن أن حجم تدفقات الأموال غير المشروعة والفساد الحكومى ما بين عامى 2000 و2008 فى مصر بلغ 57 مليار دولار، لا أحد يعرف هل كان لعائلة مبارك تصيب منها أم لا؟ وإذا كان لها نصيب فما هو مقداره بالضبط؟.

أما الخطير فى الأمر، فإن نزيف الأموال المصرية للخارج لا يزال لغزا لا أحد يعرف أوله من آخره، فطبقا لتقرير أصدرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإن الخزانة المصرية كانت تفقد سنويًا ما يقدر بخمسة مليارات جنيه مصرى من العوائد الضريبية إلى الملاذات الضريبية، أى تحويل أثرياء مصريين لرءوس أموالهم وأرباحهم إلى خارج البلاد ثم إعادتها لمصر فى صورة استثمارات أجنبية مجهولة المصدر!

المؤسف فى كل ما سبق، أن كل حكوماتنا منذ ثورة يناير لم تتعامل بالجدية الكاملة مع ملف الكسب غير المشروع لمبارك وعائلته، ولم تتخذ أى إجراءات قانونية تكشف حقيقة ثروته بالضبط؟ وكيف حصل عليها؟ وأين خبأها؟ وهى الخطوة الوحيدة التى كانت كفيلة بالإجابة عن هذه الأسئلة المهمة، وبضمان استعادتها من الخارج، خاصة ان البنوك السويسرية اضطرت لإعادة ملايين الدولار المنهوبة لتونس ونيجيريا والفلبين وبيرو.

قبل أن ندين مبارك، علينا إدانة كل حكوماتنا التى تبذل كل جهدها فى رفع الأسعار وفرض الضرائب واقتراض المليارات من الخارج، بدون أن تتخذ أى خطوة جادة لاستعادة أموالنا المنهوبة!

 

محمد عصمت كاتب صحفي