وداعا دكتور كلوفيس - جيهان فاروق الحسيني - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 12:34 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وداعا دكتور كلوفيس

نشر فى : الجمعة 20 مايو 2016 - 9:35 ص | آخر تحديث : الجمعة 20 مايو 2016 - 9:35 ص

بغياب الدكتور مقصود يغيب صوت مدافع لا يلين عن القضية الفلسطينية. غيَّب الموت السفير كلوفيس مقصود، عميد الدبلوماسية العربية والمناصر الأكبر للقضية الفلسطينية فى الولايات المتحدة على مدى عقود. ومن سخرية الأقدار أن يغيب الدكتور مقصود عنا فى الذكرى الـ 68 لنكبة فلسطين.

الدكتور مقصود كان فقد الوعى فى الخامس من الشهر الحالى وأبت روحه إلا أن تنتظر كى يكون يوم رحيلها عن جسده هو ذات اليوم الذى شهد نكبة العرب كى يستمر هذا الرابط بينه وبين القضية الفلسطينية التى كان يضعها نصب عينيه دائما.

كان الدكتور مقصود فلسطينيا بارزا فى دفاعه عن قضية العرب المركزية فى كل المحافل الدولية والفكرية والأكاديمية، وكان يخشاه أعداء قضية فلسطين فى الداخل والخارج لإخلاصه وقوة حجته وثقافته الموسوعية وقدراته اللغوية الفذة بالعربية والإنجليزية.

التقيت بالدكتور مقصود فى العاصمة الأمريكية واشنطن، محطته الأخيرة التى اختار أن يستريح فيها من محطات رحلته فى قطار العروبة. العروبة التى تمسك بها كهوية طوال حياته رغم كل الانتكاسات التى جعلت كثيرين يقفزون من مركبها، رافضا أن يكون رهينة للطائفية أو المذهبية أو غير ذلك.

لم أتعرف على الدكتور مقصود عن قرب إلا أخيرا إذ التقيت به وصادفته فى أكثر من تجمع عربى فى واشنطن وكنت عندما أصافحه أعجب بذاكرته الحية وحضوره القوى رغم ضآلة الجسد الذى عصف به المرض فى سنواته الأخيرة. غالبية الحضور كانوا يحرصون دائما على الذهاب إليه لتحيته. وشاءت الأقدار أن أستمع لكلمته التى ألقاها فى ندوة حضرتها فى مركز الحوار العربى والتى فقد الوعى عقبها بساعتين لذلك أجد من الضرورة إلقاء الضوء على أبرز ما ذكره خلال كلمته والتى تعتبر آخر كلماته.

قال السفير مقصود: أن القضية الفلسطينية لم تعد هى قضية العرب الأولى سواء بالنسبة للعرب أم بالنسبة للمسئولين الفلسطينيين الذين انشغلوا عنها بأمورهم، معتبرا أن الاقتتال الذى حدث بين حركتى فتح وحماس وما نتج عنه من انقسام فى الساحة الفلسطينية تسبب بأضرار بالغة للقضية الفلسطينية. ورأى أن العرب تفككوا بسبب غياب القضية المركزية التى كان العرب ملتفين حولها لافتا إلى أن فلسطين أصبحت عبئا على العرب ومشكلة يريدون الخلاص منها.

وأعرب عن أسفه بسبب سيطرة التعددية على المنطقة فأصبح الانتماء للطائفة وليس للوطن، وقال يومها: «إن الطائفية والتعددية خطر على الوطن والوجدان العربى لأنها تقسم الناس وتشرذمهم إلى قبائل وعشائر، بينما التنوع مطلوب ويثرى الوطن» وقال: أن إسرائيل لم تعد هى العدو وتم استبدالها بإيران وأعرب عن استنكاره لغياب موقف عربى فى مواجهة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذى عقد اجتماعا لحكومته بكامل طاقمها فى الجولان السورى المحتل وأعلن أن الجولان جزء من إسرائيل إلى الأبد معتبرا هذا الحدث غير المسبوق ليس إهانة لسوريا وحدها بل إهانة لكل العرب. وأبدى دهشته لعدم وجود رد فعل عربى فى مواجهة هذه الغطرسة الإسرائيلية.

وانتقد السفير مقصود المثقفين العرب ووصفهم بأنهم طبقة الأرستقراطية المثقفة وقال: «هم متعالون على الناس لا يعبرون عن همومهم ولا يدافعون عن مصالحهم، بينما دور المفكر حماية مصالح الناس ومجابهة البيروقراطية والفساد والظلم. وفى ختام الندوة عبر الدكتور مقصود عن تشاؤمه إزاء مستقبل المنطقة.

رحم الله السفير كلوفيس مقصود، الدبلوماسى العتيد والعربى الصميم والمدافع عن الحق العربى والذى سيظل حيا بما خلفه من تراث فكرى هام كان له أثره الكبير بين الملايين من العرب وغير العرب.

جيهان فاروق الحسيني صحفية من واشنطن
التعليقات