موجة الإرهاب العكسي - نادر بكار - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 10:49 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

موجة الإرهاب العكسي

نشر فى : الجمعة 20 نوفمبر 2015 - 12:05 م | آخر تحديث : الجمعة 20 نوفمبر 2015 - 12:05 م
موجات ردود الفعل الطائشة تتوالى في باريس وغيرها من المدن الأوربية في أعقاب سلسلة تفجيرات الجمعة الماضية...ردود أفعال عفوية مرتجلة في أغلبها صدرت من جماهير غاضبة تتحلى بقدر ٍلابأس به من التطرف والعصبية..ويعلم الله وحده لو تملك هؤلاء أسلحة إلى أي حد ٍقد يصل بهم التهور والاندفاع.

وكأي قائد عادي يفتقر إلى إمكانية ضبط النفس وتقدير العواقب، سارع الرئيس الفرنسي بشن هجمات جوية عشوائية لا يعلم أحد على وجه الدقة كم أسقطت من ضحايا سوريين أبرياء حتى ولو ادعت فرنسا غير ذلك ، كل هذا ليهدئ من روع الجماهير ويثبت لها من منطلق الغريزة البدائية قدرته على الثأر لضحاياها أيا ًكان الثمن...وبم يسمى ذلك سوى الإرهاب العكسي ؟

حرق مصاحف، حرق مساجد، اعتداءات جسدية ولفظية على مواطنين ومهاجرين مسلمين، توعد اللاجئين البائسين، توسع في انتهاك حقوق الإنسان العربي أو المسلم فقط ...كلها توابع تتعاظم لتشكل كرة ثلج ضخمة تنحدر بأقصى سرعة وتسحق في طريقها كل صوت عاقل حتى تصل بالبشرية كلها وليس أوروبا وحدها إلى المصير المحتوم.

قرع طبول الحرب العشوائية ليس حلاً، وردود الفعل المبالغة في استرضاء الأوربيين أيضا ًليست حلاً.....كلنا يعاني نفس المعاناة تقريبا ً، وإن كان لابد من شماعة تعلق عليها الأسباب فلتتحمل واشنطون وحلفاؤها إذن فلقد كان غزوها للعراق أول المأساة ...أما أحداث الحادي عشر من سبتمر التي سيقت وقتها مبررا ًللغزو فلو افترضنا صحة نسبتها إلى القاعدة فلنوجه لأنفسنا السؤال مباشرة : وماسبب ظهور القاعدة ؟

الظلم الذي عاشته هذه الأمة لعقود تحت الاحتلال ، والهوية التي بذل السيد الغربي وسعه لطمسها أو استبدالها بأخرى ممسوخة باهتة ، والفقر الذي خلفه الاحتلال وتلامذته بعد نهب الثروات، والقهر الذي عانته الشعوب في مرحلة الاستقلال الصوري ،والأزهر الذي هـُمش دوره ، والمعلم الذي شوهت نفسيته وصورته ، وغيرها أسباب بالعشرات فرخت هذا الانحراف الفكري ولم تزل.

أوروبا مسؤولة عما لحق بأبنائها وأبنائنا على يد صبية صغار وجدوا من شحنهم بأسباب الكراهية لمن ظلم أجدادهم وأهان دينهم واستهتر بحرماتهم فما كان منهم على قلة العلم وحداثة السن وافتقاد العالم المربي والحاضنة الفكرية السوية إلا أن فرغوا شحنة الكراهية في وجوه الأبرياء.

منذ ثلاثة أسابيع تقريبا ًقُتل زميلي مصطفى عبد الرحمن على يد نفس الأوغاد المدعين ديانة ًورشادا ً، ومن قبله وبعده عشرات بل مئات المصريين بنفس الطريقة وباسم نفس التدين..وفي لبنان والسعودية وتركيا وسوريا والعراق وليبيا واليمن...جراحكم تنزف وجراحنا استنزفت الدماء من عروقنا أصلا ً...تحلوا بالمسؤلية واضبطوا ردود أفعالكم لأن النار إذا مااشتعلت فلن تميز ألسنتها بينننا وبينكم.