التفكير التقليدى للعسكرية المصرية - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:59 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التفكير التقليدى للعسكرية المصرية

نشر فى : الثلاثاء 21 يوليه 2015 - 8:25 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 21 يوليه 2015 - 8:25 ص

نشر معهد ستراتفور مقالا تحليليا يتناول فيه بالتقييم المنهج التقليدى الذى تتبعه القوات المسلحة المصرية فى تطويرها ورفع كفاءتها، محددا أشكال هذا التطوير وآلياته، فضلا عن أبرز الدوافع التى تقف وراء طبيعة التطوير تلك وأهم تحديات التطوير التى تواجه الجيش المصرى، ومختتما المقال بأبرز التوصيات التى يجب على العسكرية المصرية وضعها فى الاعتبار لمواجهة التحديات المحيطة بها.

ويبدأ المقال بالتأكيد على أنه منذ القضاء على الاستعمار كان لدى مصر أكبر وأقوى جيش فى العالم العربى. وخلال تاريخ الدولة المصرية المستقلة اعتمدت بشدة على الجيش لحماية المصالح الإقليمية، فى صراعها الذى استمر عقودا مع إسرائيل ومرة أخرى فى نزاعات مع ليبيا والسودان على حدود مصر الغربية والجنوبية. لكن بينما تضاءل التهديد الوجودى من الجيوش الأجنبية التقليدية فى السنوات الأخيرة، ظهرت أخطار غير تقليدية خاصة بالمتمردين والإرهاب والعناصر الفاعلة غير التابعة للدول لتحل محله. وربما لا تكون قوات مصر الكبيرة والحازمة، الملائمة بشكل أفضل للتصدى للغزو الخارجى، قادرة على معالجة قضايا الأمن الحالية فى البلاد.
ومع سيطرة الجيش المصرى بقوة على الحكم واستدعاء قواته للوقوف إلى جانب القوة العربية المشتركة، من غير المرجح أن يقلل القادة العسكريون من طابع نفقات دفاع الدولة أو يغيروه، على الرغم من اقتصاد البلاد الضعيف والمخاوف الأمنية الناشئة. بل إن مصر ستواصل التركير على تطوير جيشها التقليدى للتصدى لتهديد الغزو الخارجى المفجع غير المرجح لكنه ممكن.

***

ويشير المقال إلى عقود قد مضت كان فيها صراع مصر المطول مع إسرائيل يحتل مركز الأحداث باعتباره التهديد الأكثر إلحاحا الذى يواجه الحكومة. لكن بمرور الزمن تضاءل تهديد غزو مصر بواسطة بلد آخر. ومن غير المرجح إلى حد كبير الآن أن تحاول إسرائيل، القوة التقليدية الحقيقية الواقعة على الحدود مباشرة، مهاجمة مصر. وقد توددت حكومة الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى إلى نظيرتها الإسرائيلية حيث عملت القوات المصرية على احتواء حماس فى غزة وتقويضها.

ومنذ الربيع العربى كان على مصر التعامل مع مشكلة أكثر إلحاحا هى تدهور الاقتصاد إلى جانب التهديد المستمر من التمرد أو الإرهاب فى شبه جزيرة سيناء، وعلى امتداد نهر النيل وعبر الحدود الليبية. ولذلك لا ينبغى تجاهل الصلة بين علة مصر الاجتماعية الاقتصادية والتمردات.

ويتعرض المقال إلى ما يحدث فى الوقت الراهن حيث تهديد وجود الدولة المصرية من خلال الجماعات المسلحة فى شبه جزيرة سيناء. والواقع، من وجهة نظر المقال، أنه منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسى، واحتمال وجود تحد للقيادة المصرية تضاءل بشكل كبير. وبينما يثير عدم الرضا بين قطاعات كبيرة من الشعب بشأن ظروف مصر الاجتماعية الاقتصادية والسياسية احتمال قيام ثورة أخرى، وإن كان احتمالا طفيفا، سوف يظل القادة العسكريون يديرون المعارضة السياسية بالحفاظ على وجود أمنى راسخ فى البلاد.

ويطرح المقال ضرورة أن تعدل مصر من وضعها الأمنى لتصبح أكثر براعة عن معالجة التمرد والإرهاب. وأوضحت الولايات المتحدة وإسرائيل هذه النقطة للقاهرة. وسوف يتطلب هذا الجهد استثمارا ثقيلا فى قوات الانتشار السريع المجهزة بأسلحة المشاة المتطورة والأجهزة البصرية وأجهزة الاتصال. ولابد أن تكون هذه القوات مدعومة بالمعلومات الاستخبارية والمراقبة والاستطلاع المحسنة. ومع أن مصر اتخذت بعض الخطوات نحو تحسين تجهيز قواتها من أجل حملات التصدى للتمرد، فهى مازالت تركز بشكل طاغ على تحسين قدرات جيشها القتالية التقليدية. وهى لا تزال تستثمر بقوة فى بطاريات الصواريخ أرض جو، والصواريخ المضادة للسفن، والدبابات والفرقاطات التى لا فائدة منها لمعالجة محاربة مصر للتمرد والتصدى للإرهاب.

***

وهناك بعض العناصر تفسر غياب التعديل الهيكلى فى وضع قوة مصر هى تحليل تهديد الجيش، والجمود المؤسسى وهدف المكانة وبنية القوة المركزية والمصالح المحصنة.

ويعتقد المقال أنه ربما يكون تقدير الجيش للتهديدات أكبر عامل يسهم فى تأكيده المستمر على القدرات التقليدية. ولا شك فى أن القادة المصريين يفهمون أن التمرد والإرهاب يمثلان التهديد الأكثر إلحاحا. ولا يعنى هذا أنهما كذلك الأكثر خطورة. فالمعارك المصرية فى القرن العشرين، ومنها حربا 1967 و1973 مع إسرائيل، مازال لها أثرها الكبير على حسابات الجيش. وبما أن الظروف الجيوبوليتيكية فى الشرق الأوسط متقلبة فمن المرجح ألا يقلل قادة مصر من الهجوم العسكرية التقليدى باعتباره تهديدا محتملا. وسوف يستمر التمرد سواء فى سيناء أو عبر الحدود الليبية.

وقد بُنيت المؤسسات العسكرية المصرية على مر العقود وتحسينها من أجل الحرب التقليدية واسعة المجال. وتسرب هذا التركيز إلى داخل التعليم العسكرى والتدريب والأيديولوجيا والمبدأ، وتشكيل التصورات وكذلك بنية القوات، حيث إن القادة المدربين على الحفاظ على تفوق مصر وتعزيزه فى الحرب التقليدية لهم أدوار فى التخطيط العسكرى.

ويرجح المقال أنه نظرا لتحمل القدرة على التباهى بأكبر الجيوش العربية وأكثرها تقدما وذات مكانة كبيرة. سوف تواصل الدولة المصرية والجيش المصرى السعى للحصول على القدرات التقليدية فى محاولة للاحتفاظ بتصور إيجابى وتعزيزه.

ويبين المقال أن الجيش المصرى فى جوهره مؤسسة شديدة المركزية. وعلى الرغم من الأدلة التاريخية الوفيرة على أن مركزيته المفرطة أضر بتفوقه القتالى، فليس للجيش رغبة فى الانتقال إلى وضع قوة أكثر مرونة يسمح بمساحة للمبادرة الفردية على مستوى صغار الضباط. وذلك يعود إلى بعض التخوفات حيث إن أفراد الجيش المصرى جاءت من شرائح عريضة من السكان ومن ثم هى غير محصنة من موجات السخط التى تقضى على استقرار مصر بشكل دورى. ومع أن هذه المخاوف ربما تكون مبررة إلى حد ما، إلا أن النظام المركزى الصارم، وطبقات التحكم والرقابة وتقييد تدفق المعلومات أدت إلى تنظيم بطىء الحركة يجد صعوبة فى التفاعل مع العناصر المرنة غير التابعة للدول التى تهدد البلاد.

يضاف إلى ما سبق أن مصالح الضباط والأفراد المجندين داخل بنية قوات الجيش الحالية تخلق ضغطا إضافيا على القادة المصريين للحفاظ على الوضع القائم. على سبيل المثال، التحول إلى قوة أقدر على التصدى للتمرد سوف يمكِن ضباط الصف وقوات العمليات الخاصة على حساب القيادة التقليدية.

***

وفى ظل الدوافع القوية وراء تمسك مصر المستمر ببنية القوات التقليدية، يتوقع المقال أن يظل الجيش المصرى يواجه صعوبة فى ملاحقة حملات مكافحة الإرهاب على مدى السنوات القليلة المقبلة. وسوف تقف بنية قواته المرهقة، إلى جانب إخفاقه فى تمكين مبادرة القيادة على المستويات الدنيا.

ويضيف وجوب تصدى الجيش لآثار الابتعاد ــ أخيرا ــ عن المصادر الأمريكية للمعدات العسكرية. ففى أعقاب الربيع العربى انتهت مصر إلى أن الولايات المتحدة شريك لا يُعتمد عليه وبدأت شراء أسلحة من روسيا وفرنسا والصين. واعتقدت القاهرة أن هذه البلدان ستكون أقل احتمالا لأن تجعل السياسة تتدخل فى مبيعات السلاح. وقد عقد الانتقال إلى مصادر مختلفة للسلاح التدريب العسكرى واللوجستيات وسوف يحتاج إلى فترة من الزمن كى تتعود القوات على الترسانة الجديدة.

من منظور حجم القوة والقدرة وحده، يرجح المقال استمرار مكانة الجيش المصرى داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتكون الأوسع دون تغيير إلى حد كبير. إذ لم تستثمر مصر مبالغ ضخمة فى الأسلحة التى غيرت قدرتها على استعراض القوة، وتطوير قوتها البحرية التى مازالت مقصورة إلى حد كبير على المياه الساحلية. ومع أن مصر ستحافظ على قدرتها على تنفيذ عمليات داخل حدودها وعبرها بشكل مباشر فى ليبيا والسودان، وكذلك ضد إسرائيل من الناحية النظرية، فهى لم تستثمر فى شن هجمات مستدامة وراء حدودها المباشرة وتدرب قواتها عليها.

بناء على ذلك التقييم السابق يعنى وجود بيئة معارك غير مواتية. وإذا ظهرت البيئة المواتية التى تمنح فيها البلدان الحليفة مصر قدرة على الوصول إلى موانيها ومطاراتها وطرقها وحركة طيرانها من أجل نشر القوات المصرية وصيانتها فى المناطق البعيدة، فسوف يمكنها نشر قوات كبيرة فى أنحاء الشرق الأوسط. أن يصبح هذا ممكنا بشكل كبير.

وفى ظل العلاقات المتنامية بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجى، وكذلك تشجيع إنشاء قوة دفاع عربية مشتركة، يصبح هذا ممكنا إلى حد بعيد. ومع الدعم السياسى واللوجيستى الكافى، قد تقوم المقومات المصرية من الناحية النظرية بدور مهم فى الحملة العسكرية فى أنحاء المنطقة لتصبح الأكبر.

التعليقات