فايلر ذاكر مباريات فريقه السابقة وأدرك أن أجايى مهاجم خطير وليس رأس حربة..!
المدرب السويسرى هاجم من اليمين ودافع من الشمال وأطلق الجناح أحمد فتحى وعطل جبهة شيكابالا والنقاز!
لم يعد مركز رأس الحربة الصريح موجودًا ولكن مصطفى محمد شكل خطورة بقوته البدنية وتحركاته فلماذا لم يبدأ به ميتشو؟!
المباراة تسقط نظرية أرقام المراكز التى ظهرت مطلع الثمانينيات من القرن الماضى..!
** لعب الأهلى وسيطر وأخذ المبادرة لمدة ساعة وخمس دقائق وسجل ثلاثة أهداف وأهدر مثلها، واستيقظ الزمالك بعد ذلك مع أنه بدأ المباراة بضغط عال أربك الأهلى قليلا لكن هذا الضغط لم يستمر سوى 5 دقائق، ثم بادر الأهلى بالتنظيم الهجومى وسيطر وسجل وفى نهاية الشوط الثانى تحرك الزمالك وسجل هدفين من ضربتى جزاء نتيجة الضغط عبر مصطفى محمد أهم تغيير أجراه ميتشو. والفوز شهادة نجاح أولية للمدرب السويسرى فايلر. فإذا كانت الحرب خدعة، ففى بعض الأحيان يكون فى اللعب خدعة أيضا. وكانت أهم خدعة مارسها السويسرى أنه جعل منافسه ميتشو ينتظر هجوما من الشمال ناحية على معلول، فجاء الهجوم من اليمين ناحية أحمد فتحى مفتاح أداء الفريق فى الشوط الأول بانطلاقاته لموقع الجناح وبكراته العرضية التى منحت مجموعة الهجوم فرصا للتهديف.
** إن مهارات وقدرات اللاعب تفرض أحيانا على الفريق إسلوب اللعب وخطته. وظروف المباراة. ففى كرة القدم لم تعد الكرة الطويلة تستعمل، ولكنها باتت وسيلة مختصرة لنقل اللعب إلى ملعب المنافس عبر لاعب يملك سرعات فائقة ويملك مساحات خالية فى دفاعات الخصوم. وإذا لم تكن هناك تلك المساحات فلا فائدة إطلاقا من الكرة الطويلة إلا إذا كان هذا اللاعب يملك سرعة كارل لويس أو أوسان بولت مقارنة بالدفاع المنافس.. مثل صلاح مع ليفربول. وستيرلينج مع مانشستر سيتى وإمبابى مع باريس جيرمان على سبيل المثال لكن مع ملاحظة أين وكيف يتحركون؟!
** فى المقابل قيدت جبهة الأهلى اليسرى القدرة الهجومية لكل من شيكابالا وحمدى النقاز. واحتفظ على معلول بموقعه كمدافع لفترات أطول فيما انطلق رمضان صبحى فى المقدمة ضاغطا على دفاع الزمالك، وبما يملكه من قوة ولياقة بدنية. وكان ذلك أهم إنتاجه فى المباراة. فهذا الضغط بجانب انطلاقات أحمد فتحى الهجومية كانت جزءا من التنظيم الدفاعى للاهلى باعتبار أن «الهجوم خير وسيلة للدفاع»..
** ذاكر فايلر مباريات الأهلى فى الأعوام السابقة القريبة. ورأى قدرات جونيور أجايى، فدفع به أساسيا. وليس فى مركز رأس الحربة. لأن الفريق لم يلعب برأس حربة. ففى أوقات كان الشحات هو المهاجم الأول فى العمق، وفى أوقات كان أجايى، وفى أوقات كان رمضان صبحى، وفى أوقات نرى الشحات جناحا فى اليمين ثم جناحا فى الشمال، والأمر نفسه يسير على أجايى أو صبحى. فالثلاثة يتحركون فى دائرة ومن يدخل منطقة جزاء الزمالك يخرج منها بعد لحظة. بل إن مجدى قفشة ضبط متسللا فى الدقيقة 43 من الشوط الأول وهو يمارس دور المهاجم الأول كما اقتحم السولية منطقة الزمالك فى الدقيقة 85 وأرسل تمريرة خطيرة إلى مروان محسن.. وكان الأهلى يلعب بهذا الأسلوب التكتيكى فى سنوات سابقة حتى حين لعب برأس حربة هو أزارو وفى وجود وليد سليمان، وأجايى أو مؤمن زكريا وعبدالله السعيد..
** أخطأ ميتشو فى البدء بدون مصطفى محمد أحد أذرع الزمالك القوية. وكان يمكنه اللعب بنفس تكتيك فايلر حتى فى وجود رأس الحربة. فلم يعد هناك هذا المركز الثابت فى كرة القدم منذ عام 2014 ثم فى بطولة القارات عام 2017 عبر المنتخب الألمانى.. حتى فى وجود توماس موللر أو كلوزه فالتهديد كان يأتى من أوزيل ودراكسلر وخضيره وتونى كروس وماريو جوتزة وغيرهم من لاعبى الوسط المختارين أو المهاجمين المتقدمين. وقد اسقط هذا الإسلوب كل الكلام القديم عن مراكز اللاعبين وعن أرقامهم. حين كانت المراكز ثابتة، لها مواقع ومهام وخطوط لعب مرسومة، ولكنها لم تعدكذلك فى كرة القدم الجديدة، ومن تلك الارقام مثلا اللاعب رقم ( 8 ) مهاجم الوسط أو اللاعب رقم ( 9 ) رأس الحربة أو اللاعب رقم ( 10 ) صانع الألعاب المتقدم.. وهى أرقام مراكز مرتبطه بمهام وواجبات قديمة محددة أطلقت مع طريقة 4/4/2 حين قدمها الألمان عام 1982..!
** تفوق الأهلى تكتيكيا بواسطة لاعبيه قد يكون محسوبا لفايلر كخطة لعب وتكليفات، مثل فرض قيود على شيكابالا، وعلى النقاز وعلى فرجانى ساسى وبن شرقى وأوناجم وأوباما. وهو ليس خطأ يسجل على ميتشو ففى تلك الصراعات الفردية يتحمل اللاعب بقدراته ومهاراته الفنية والبدنية مسئولية الفوز أو الهزيمة فى تلك الصراعات الفردية التى تصب فى النهاية فى مصلحة مجموع الفريق. وهى نقطة مهمة للغاية لابد من توضيحها بأشهر نموذج للاعب على الكرة الأرضية فى أخر 10 سنوات وهو ميسى. إذ يدرك الجميع أنه لاعب خطير. يعلم ذلك كل خصومه، لكنه يهرب بمهاراته، ويتفوق بمهاراته، ويمرر ويسدد ويهدد بمهاراته. وهنا تتجلى فكرة قدرة اللاعب على الانتصار أو الهزيمة فى الصراع الفردى التكتيكى..!
** الإصابات أثرت بالطبع على الزمالك وعلى الأهلى.. واربكت بعض المراكز مثل قلبى الدفاع فى الفريقين. لكن فى النهاية كانت مباراة مثيرة، فيها هذا الصراع التكتيكى بين فريقين كبيرين. والمشهد إجمالا كان جيدا باستثناء خروج عن النص فى بعض الأحيان، وباستثناء عدم تقدم فريق الزمالك لاستلام الميداليات أو كما أوضح النادى فى بيان بأن ذلك كان حزنا ومشاركة من اللاعبين على حادث وفاة أحد مشجعى الفريق. وهو أمر مؤلم. إلا أن هذا الحزن كان يمكن التعبيرعنه أيضا لحظة استلام الميداليات بوقفة حداد صريحة أمام الكاميرات فى رسالة عزاء لأسرة المشجع الصغير..
** قلنا كثيرا أن كرة القدم ليس لها قواعد، وهذا سرها، وأن مباراة القمة بين الأهلى والزمالك شأن كل الدربيات الشهيرة فى العالم ليس لها قواعد وهذا سرها.. فهو لقاء لا يمكن توقعه نتائجه دائما.. وأرجو فى النهاية أن تضع خطا تحت تقييم المدربين. فالهزيمة لا تسلب من قدرات مدرب الزمالك ميتشو، وشخصيته ورؤيته، والفوز والأداء لا يعنى حكما مطلقا ونهائيا على فايلر مدرب الأهلى. لكن ما يمكن قوله أنه ذاكر أداء الفريق سابقا، وأنه يملك روح المغامرة وقدرته على قراءة المنافس بصورة جيدة.. وربما يختصر ذلك قراره بالبدء بأجايى. مما يثبت أن بعض المدربين تكون لهم وجهات نظر فى بعض اللاعبين، فقد كان لاسارتى لا يرى أجايى ورأه فايلر..