كيف نهزم أنفسنا؟ - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 10:13 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف نهزم أنفسنا؟

نشر فى : السبت 22 مايو 2010 - 10:05 ص | آخر تحديث : السبت 22 مايو 2010 - 10:05 ص
بضمير ميت وبلادة منقطعة النظير، استقبل اتحاد كرة القدم والمسئولون الذين ساندوه فى النزاع مع الجزائر على مباراة كرة القدم الشهيرة فى نوفمبر من العام الماضى، قرار «الفيفا» بإدانة مصر وتوقيع عقوبات عليها بالغرامة (100 ألف فرانك سويسرى أى ما يعادل 700 ألف جنيه مصرى» ونقل مباراتين لمنتخب مصر على بعد 100 كيلومتر من القاهرة فى أول تصفيات رسمية نخوضها فى كأس العالم 2014. وإغلاق ملف مباراة أم درمان لأن مصر أخفقت فى تقديم شكواها فى الوقت المحدد طبقا للقانون.

ومع أننى لست من الذين يتعصبون أو يتحمسون أو حتى يفهمون كثيرا فى كرة القدم، فقد استفزنى كمواطن حجم الفساد والفوضى فيها. والذى لا يقل عن الفساد المتفشى فى بيع أراضى الدولة ونهب المال العام. وأذهلتنى تلك القدرة الفائقة من رئيس اتحاد كرة القدم على إطلاق الأكاذيب والادعاءات بأن مصر حققت انتصارا على الجزائر أمام لجنة الانضباط فى الفيفا.. بحجة أنها نجحت فى تخفيف العقوبات بدرجة تتفق مع ما كنا نتوقعه!!

هذه القدرة على الكذب وتلفيق العبارات الواضحة والصارمة التى جاءت فى بيان الفيفا ونشرت فى جميع أنحاء العالم، لإقناع الرأى العام بعكس ما تضمنته من قرار بالإدانة والغرامة.. تبين بما لا يدع مجالا للشك، أننا كذبنا على الفيفا وعلى أنفسنا. بينما كان الجزائريون أصدق وأشجع فى قول الحقيقة، وأكثر ذكاء فى ترتيب أوراقهم وخوض المعركة الإعلامية والدعائية والسياسية باحتراف قانونى مدروس.

يعرف قوانين الاتحاد الدولى ويتعامل معها بحرفية. خلافا لحالة الفوضى «والدهولة» والاستعباط التى تميزت بها تصرفات اتحاد كرة القدم المصرى!
وحتى هذه اللحظة لم أفهم كيف تحالفت كل القوى فى مصر، من الأمن الذى لابد يعرف حقيقة ما حدث إلى الإعلام بمعلقيه وكتابه ومذيعيه الذين ساهموا فى نشر الأكاذيب، إلى كبار المسئولين بمن فيهم جمال وعلاء مبارك.. على إخفاء الحقائق وإنكار اعتداء الجماهير المصرية بالطوب على أتوبيس اللاعبين الجزائريين.. والادعاء بأنهم هم الذين حطموا الأوتوبيس من الداخل وبطحوا أنفسهم؟

وهنا يتساءل المرء بحق ألم يكن من بين هؤلاء المهووسين بانتزاع نصر رخيص بأى ثمن على الجزائر رجل رشيد؟؟ يستطيع أن يقول الحقيقة ويخرج الجماهير من الغوغائية التى سيقت إليها من جانب قيادات كروية وسياسية وإعلامية مخدوعة أو مأفونة؟ ويحذر الجميع من أن مثل هذه المباريات الدولية لا يسهل تزييف الوقائع فيها وأننا سوف ننكشف فى النهاية؟ ولن تستطيع الأكاذيب الصغيرة والأوداج المنفوخة للاتحاد أن تنقذ سمعة مصر وكرامتها من هذه الورطة؟

تعتمد معظم أجهزة الدولة فى سياساتها العامة على مبدأ امتصاص غضب الرأى العام ولو بتزوير الحقائق وادعاء حدوث ما لم يحدث. وكان تلاعب الاتحاد المصرى بهذه الأساليب والادعاء بأنه لديه تسجيلات ووثائق ضد الجزائر هو الخدعة التى ظل يرددها لتهدئة غضب الرأى العام الذى شعر بالمهانة لكل ما حدث.

ولابد أن نعترف بأن وسائل الإعلام المصرية التى تفتقر إلى قدر كبير من المهنية، خصوصا فى برامج الفضائيات الرياضية والتوك شو، قد ساعدت اتحاد الكرة المصرى على مواصلة تضليل الرأى العام وامتصاص غضبه بمزيد من الأكاذيب.. على أمل أن تغلق الفيفا الملف وينتهى كل شىء!!

الآن بعد أن تكشفت الحقائق ولم يعد يجدى حديث عن تظلمات لاستئناف قرارات الفيفا، أصبح من المطلوب أن يذهب زاهر ورفاقه إلى غير رجعة.. بغير ذلك لن يتم إحراز تقدم، لا على مستوى الارتقاء بالرأى العام وضبط ردود انفعاله، ولا على مستوى إحساس المسئول بمسئوليته!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات