عملية عقـل مفتـوح - خالد محمود - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:33 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عملية عقـل مفتـوح

نشر فى : الثلاثاء 22 مايو 2012 - 8:45 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 22 مايو 2012 - 8:45 ص

كثيرا ما تحيط الشكوك بلجان التحكيم فى المهرجانات السينمائية وبأسمائها ونواياها ونتائجها.. وربما تكون هذه الشكوك صائبة أو ليست فى محلها.. وهو أمر ربما اختلفنا حوله كثيرا وما نزال.

 

لكن الشىء المهم هو أننا يجب أن نحترم نتائج هذه اللجان مهما كانت هويتها وتوجهاتها ومشاعرها وأفكارها وانتماءاتها السينمائية، لأن أعضاء لجان التحكيم فى النهاية هم مشاهدون أيضا، لكنهم مشاهدون من نوع آخر أكثر خبرة وربما أكثر ولعا، وقد استوقفنى اعتراف المخرجة وكاتبة السيناريو البريطانية أندريا أرنولد وعضو لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائى الدولى هذا العام حينما قالت: «سأشاهد الأفلام المتنافسة وعقلى مفتوح بقدر الإمكان».. وأعتقد أن هذا هو قمة النضج، وهو الدرس الأول والأخير الذى يجب أن يحفظه ويعيه ويكرره ويعيشه عضو لجنة التحكيم بل ويعلمه للآخرين. فالعقل المفتوح هنا يتجاوز فى تحيزه وصدقه المشاعر نفسها والأحاسيس والانفعالات التى تشكل عنصرا مهما فى الحكم وماتزال، لكن عندما ينحى العقل معاناته وانحيازاته وتوجهاته وأفكاره المسبقة جانبا.. منفتحا على العملية الإبداعية بشفافية ونقاء.. حينئذ تكون مهمة لجنة التحكيم أصدق وأوقع، وكأنها عملية عقل مفتوح للموجات والتيارات السينمائية الجديدة التى تستضيفها شاشة المهرجان.. أى مهرجان.

 

واقع الأمر أن الوقوف عند منهج المخرجة البريطانية فى التحكيم يستدعيه أيضا مشهد لجان التحكيم عندنا، ليس فى المهرجانات الفنية فقط ــ التى لم تخل عاما من النقد وعدم الرضا من قبل عدم المحظيين بنيل الجوائز ــ بل فى لجان أخرى ترتبط نتائجها وأحكامها بمصير واقع ومستقبل اجتماعى وسياسى.. تلك اللجان التى قد تضطر أحيانا أن تخضع للظروف والأهواء وتهديدات الزخم الإعلامى.. وبالتالى تخرج المواقف متشنجة، ولم تكن أطراف المنافسة الفنية أو الصراع الاجتماعى والسياسى فى مصر تتعامل طوال الحقبة الماضية بعقل مفتوح مع بعضها البعض.. معظم القضايا والمنازعات تعاملنا معها بانغلاق شديد، فخرجت أحكامنا منزوعة الشفافية، وبالتالى متعصبة ومنحازة، فى اللحظة التى تحاول فيها كل الأطراف التأثير على المشاعر والأوجاع والهموم والمستحقات سواء بالوقيعة أو بالغريزة الدينية أو شعارات الاستجداء أو بمغازلة الحاجة لإثبات الذات.. فى تلك اللحظة يحين وقت النظر للوطن وللعابثين به وللغيورين عليه بعقل مفتوح.. فهى العملية الأكثر ضمانا وأمانا فى العبور إلى مستقبل صحى.

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات