تخريب نورد ستريم.. من وراءه؟ - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:46 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تخريب نورد ستريم.. من وراءه؟

نشر فى : السبت 22 أكتوبر 2022 - 8:00 م | آخر تحديث : السبت 22 أكتوبر 2022 - 8:00 م

نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتبة مارجريت كيمبرلى، ذكرت فيه دوافع واشنطن التى تجعلها الطرف الوحيد المتسبب فى تدمير خطوط أنابيب نورد ستريم الشهر الماضى. كما تناولت الكاتبة كيف حولت سياسة الولايات المتحدة الخارجية ــ تجاه الحرب الأوكرانية ــ الدول الغربية إلى دول تابعة فقيرة لا تختلف عن الدول الواقعة تحت الاحتلال فى شىء، بمعنى أن شركات الوقود الأمريكية تستفيد من جنى أموال بيع الغاز لأوروبا، كما قد تنجح روسيا فى تقسيم الأراضى الأوكرانية، فى حين تزداد أحوال الغرب سوءا.. نعرض من المقال ما يلى:

بداية نتساءل، من المستفيد من تخريب خط أنابيب نورد ستريم الذى يربط ألمانيا بالغاز الطبيعى فى روسيا؟
الإجابة عن هذا السؤال غير بريئة، الولايات المتحدة تمتلك الوسائل والدافع والفرصة وقد عارضت المشروع علنًا لسنوات عديدة. ومع ذلك، فإن الدول الغربية ــ ضحايا الجريمة ــ صامتة بشكل غريب تجاه الجانى.
سبق أن علق وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكين على الحادث قائلا: «وفى النهاية، هذه أيضًا فرصة هائلة. إنها فرصة هائلة لإزالة الاعتماد على الطاقة الروسية بشكل نهائى، وبالتالى التخلص من استخدام الطاقة كسلاح من قبل فلاديمير بوتين كوسيلة لتعزيز مخططاته الإمبراطورية. هذا مهم للغاية ويوفر فرصة استراتيجية هائلة للسنوات القادمة»...!
فى 26 سبتمبر 2022، تعرض خط أنابيب نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2 لانفجار أدى إلى تدفق الغاز الطبيعى فى بحر البلطيق بين السويد وبولندا. وفى الحقيقة، لم يعتقد أحد أن السبب كان عرضيًا، بل تم الاشتباه على الفور بأن التخريب متعمد.
بالطبع، ألقت الولايات المتحدة باللوم على روسيا، لكن ليس لدى موسكو سبب لتخريب خط أنابيب نورد ستريم 2 الذى أنفقت على بنائه ملايين الدولارات، لتتركه فى النهاية بلا طائل منه!
فى المقابل، عارضت الولايات المتحدة المشروع بشدة، وصرحت إدارتا ترامب وبايدن علنًا بذلك مرات عديدة. وعندما زار المستشار الألمانى، أولاف شولتس، واشنطن فى فبراير من هذا العام، قال جو بايدن علنًا إن الولايات المتحدة «ستنهى» نورد ستريم 2 إذا عبرت روسيا الحدود مع أوكرانيا.
رغم أن الولايات المتحدة تدرك أن ألمانيا والدول الأوروبية الأخرى تعتمد على الغاز الطبيعى الروسى، فإن واشنطن لديها حل للموازنة بين تأمين حلفائها وتدمير نورد ستريم. يحدث هذا من خلال تقديم الغاز الطبيعى المسال (LNG)، غاز التكسير، المنتج فى الولايات المتحدة كبديل. باختصار، تخريب نورد ستريم ضرب عصفورين بحجر واحد وهما؛ الإضرار بروسيا، وثانيا مساعدة صناعة التكسير الهيدروليكى فى الولايات المتحدة فى نفس الوقت.
• • •
قبل انفجار خط الأنابيب، تسبب الاضطراب فى أسواق الطاقة فى أوروبا فى ارتفاع الأسعار، ونزل الألمان إلى الشوارع مطالبين بالتخلى عن سياسة العقوبات التى تفرضها حكومتهم على روسيا وعودة إمدادات الوقود إلى طبيعتها. لكن بعد وقت قصير من رفع صوت الاحتجاج، انفجر خط الأنابيب.
قد يعتقد المرء أن الشعوب الأوروبية ستشعر بالغضب لرؤية انخفاض إمدادات الطاقة بعد الانفجار والتى كانت قبله منخفضة بالفعل، لكنهم هادئون بشكل غريب. السويد مثلا أعلنت أنها لن تشارك فى فريق تحقيق مشترك بسبب مخاوف من تعرض الأمن القومى للخطر!. ومن المرجح أن الدول المعنية الأخرى صامتة لأنها تعلم أن حليفتها العظمى، الولايات المتحدة، متورطة فى التخريب. صحيح هم متذمرون من روسيا لأنها مذنبة فى نظرهم بشنها الحرب ضد أوكرانيا، لكنهم يعرفون أيضًا أن موسكو لا علاقة لها بالانفجار الأخير.
• • •
جوهر القول، تقع أوروبا تحت سيطرة الولايات المتحدة المصممة على تحويل الحلفاء إلى دول تابعة فقيرة. فها هى فرنسا تعانى من نقص فى الوقود بفعل العقوبات المفروضة على روسيا. ويحتج الشعب الإيطالى أيضًا على أسعار الوقود المرتفعة ويدعون إلى إنهاء عضوية بلدهم فى الاتحاد الأوروبى وحلف شمال الأطلسى. لكن هذه الحكومات لا تجرؤ على الشكوى.
تدير الولايات المتحدة عملية احتيال لا تختلف عن تلك التى تمارسها العصابات الإجرامية، بينما الحكومات الأوروبية لا تفعل شيئًا سوى التذلل بدافع الخوف. بعبارة أخرى، تعيش هذه الدول الأوروبية تحت الاحتلال ولا يوجد الآن أى دليل على أنها ستُعامل بشكل مختلف عن البلدان الأخرى التى تعيش تحت سيطرة ونفوذ الولايات المتحدة. ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبولندا والمملكة المتحدة لديها قوات أمريكية متمركزة على أراضيها. احتياطات الذهب الألمانى موجودة فى الاحتياطات الفيدرالية الأمريكية. حلفاء واشنطن ليسوا مستقلين حقًا ويظهر ذلك فى تخريب نورد ستريم.
• • •
روسيا ليست الدولة الوحيدة التى تحاول الولايات المتحدة إضعافها. كشفت واشنطن عن وجهها الحقيقى. ليس لديها أصدقاء، فقط أعداء ودمى وكلهم ينتهى بهم الأمر بمعاملة سيئة.
اتضح للغرب فى النهاية أن روسيا لديها اقتصاد قوى بينما اقتصاداتهم ضعيفة للغاية، ناهينا عن أن الحرب فى أوكرانيا لا تسير حسب توقعاتهم. فروسيا حشدت الآلاف من القوات الجديدة وتقصف البنية التحتية الأوكرانية متى شاءت. إذن، انقلبت الطاولات من جميع النواحى.
إجمالا، أوروبا تعيش فى خوف ولا تعرف كيف تترك جلادها. وفريق إدارة بايدن من غير الأكفاء فى السياسة الخارجية، يفجرون خطوط الأنابيب دون التفكير فى العواقب. فى النهاية، سوف تستمر شركات الغاز الطبيعى المسال الأمريكية فى جنى الأموال، وقد تقسم روسيا أراضى أوكرانيا، وحدها أوروبا سيصبح حالها أسوأ بكثير.
كلمة أخيرة، بايدن وإدارته وشركاته لا يتصرفون بطريقة عقلانية أو يمكن التنبؤ بها. لا أحد يعرف ماذا سيفعلون؛ ما إذا كانوا سيعملون على تخريب خطوط أنابيب أخرى، أو قد يستفيدون من تصريحات بايدن بشأن الحرب النووية. فى كل الأحوال، دفع إجرامهم العالم بأسره إلى حافة الهاوية.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:

التعليقات