مصر والسعودية وبينهما لبنان - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:47 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر والسعودية وبينهما لبنان

نشر فى : الأربعاء 22 نوفمبر 2017 - 10:15 م | آخر تحديث : الأربعاء 22 نوفمبر 2017 - 10:15 م
خلال هذا الأسبوع قابلت العديد من السفراء والدبلوماسيين العرب وكذلك المسئولين المصريين، وكان القاسم المشترك الأكبر هو الموضوع اللبنانى واستقالة رئيس الوزراء سعد الحريرى من السعودية، ثم الجدل الدائر بشأن طريقة الاستقالة وفحواها، ثم التدخل الفرنسى والانتقاد الألمانى للمملكة، وأخيرا ذهاب الحريرى لباريس ومنها للقاهرة، ثم عودته لبيروت وعدوله الجزئى عن الاستقالة.

الموقف المصرى تطور نوعيا، وصار واضحا، وهدفه سلامة لبنان بكل مكوناته، ومنع انزلاق المنطقة لحرب إقليمية لا يستفيد منها إلا الأعداء.

الموقف المصرى كان فى وضع لا يحسد عليه، فهو يريد ألا يغضب السعودية باعتبارها الدولة العربية المهمة وعلاقتنا بها إستراتيجية ومتشعبة فى مجالات كثيرة، وفى نفس الوقت «فرملة الاندفاع السعودى» باتجاه تصعيد مع لبنان قد لا يعرف أحد عواقبه وتداعياته.

القاهرة تحركت بسرعة، وسافر وزير الخارجية سامح شكرى لكل العواصم الخليجية ما عدا الدوحة بالطبع، كما زار العاصمة الأردنية عمان، وفى نفس الوقت نشطت الدبلوماسية المصرية فى عواصم مختلفة خصوصا سفيرنا فى بيروت نزيه النجارى المتخصص البارز فى الشئون العربية.

النجارى وكما فهمت تواصل مع كل الأطراف اللبنانية وكان الهدف تأمين عودة الحريرى إلى بيروت وعدوله عن الاستقالة، لكن فى إطار تغيير قواعد اللعبة التى تجعل من حزب الله اللاعب الأوحد المتحكم فى قواعد اللعبة بسلاحه قبل أن يكون بسياساته.

تكلل كل ذلك بالزيارة الخاطفة التى قام بها سعد الحريرى للقاهرة ولقائه مع الرئيس عبدالفتاح السيسى مساء الثلاثاء، عقب عودة الرئيس مباشرة من قبرص. 

وكان العنوان الرئيسى للزيارة إخراج لبنان من دائرة الصراعات فى المنطقة وأن يتمسك بسياسة النأى بالنفس عن كل السياسات الإقليمية أى أن تتوقف إيران عن استخدام حزب الله كأداة لها فى المنطقة، وأن تتوقف الدول العربية أيضا عن استخدام أى حلفاء لها بنفس الطريقة، علما أن مصر هى الدولة الوحيدة الكبرى التى لم تصنع لها حلفاء وميشليات فى لبنان.

الأزمة اللبنانية الأخيرة ربما تكون بداية لعودة دور مصرى حقيقى فى الأزمات والملفات العربية، يقوم أساسا على المصالح العربية بعيدا عن الطائفية والمذهبية والشللية.

لكن ولكى يكتمل هذا الدور فالمطلوب من مصر أن تبدأ فى إدارة حوار عاقل وهادئ مع نفسها أولا، تحدد فيه طبيعة علاقتها بالقوى الدولية والإقليمية الكبرى وماذا تريد وما هو مشروعها القومى والموارد والإمكانات والإرادة اللازمة لتحقيقه.

قرأت بالأمس تحليلات هادئة وعاقلة لبعض السفراء المصريين السابقين تتحدث فى هذا الموضوع. ومنها مثلا أن مصر تحتاج لإعادة تحديد طبيعة علاقتها مع إيران وكيف نفهمها وكيف نحاول التأثير فى سياستها أو احتواءها، بدلا من الصدام معها على طول الخط بما لا يفيدنا ولا يفيد المصالح العربية العليا.

ولا يعنى ذلك أن نترك إيران تفرض مخططات فارسية تحت الغطاء الطائفى الشيعى. فى المقابل علينا أن نعيد قراءة ملف العلاقات المصرية السعودية، وهل التنسيق بينهما كافى؟، وهل نمارس دورا لضبط الاندفاع السعودى، أم أننا نتفاجأ بالقرارات السعودية الكبرى التى تؤثر على مستقبل المنطقة بأكملها؟.. وهل هناك انشغال جدى فى أروقة الحكومة والبرلمان والأجهزة المختصة بشأن كل هذه الأسئلة؟.. إضافة بالطبع إلى العامل الإسرائيلى ثم العامل الأمريكى وما يثار حول صفقة القرن، وهل هى فعلا تتضمن إحداث اختراق أم أنها «فنكوش كبير» كما ألمح السياسى الأردنى مروان المعشر أمس الأول؟.

أسئلة كثيرة تحتاج إلى نقاش معمق حتى لا ندخل فى المتاهة التى يراد فرضها على المنطقة.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي