اعتذار وتحية إلى بنات مصر - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 12:09 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اعتذار وتحية إلى بنات مصر

نشر فى : الخميس 22 ديسمبر 2011 - 9:05 ص | آخر تحديث : الخميس 22 ديسمبر 2011 - 9:05 ص

وسط لحظات اليأس والكأبة والإحباط والإحساس بالعجز، التى تحاصر بعضنا جراء كوارث وفضائح الأسبوع الماضى، شعرت بوميض أمل وشعاع ضوء وأنا أتابع المسيرة النسائية فى ميدان التحرير مساء الثلاثاء الماضى، دفاعا عن شرف بنات وسيدات مصر ضد ما تعرضن له من اعتداءات همجية على يد بعض أفراد الشرطة العسكرية.

 

ساورتنى لحظات كثيرة من الشك بأن الثورة تم سرقتها.. لكن آلاف الفتيات والسيدات محروسات بمئات الشباب وهن يهتفن «ارفعى رأسك، ارفعى رأسك.. رجلك أشرف من اللى داسك»، كن يبعثن برسالة عريضة مفادها أن هذا الشعب حى ولم يمت بفتياته قبل شبابه ونسائه قبل رجاله.

 

لاحظت وراقبت بتمعن وجوه السيدات فتأكدت أن هذه الثورة يصعب فعلا هزيمتها، قد يتم الالتفاف عليها أو تعويقها، لكن المؤكد أن مصر فعلا لن تعود إلى ما قبل 25 يناير الماضى.

 

أثناء الهتافات فى ميدان التحرير بعد عودة المسيرة من نادى القضاة، عرف الحاضرون باعتذار المجلس العسكرى عن الاعتداء على الفتيات فترسخت فكرة أن اليقظة الشعبية هى الوحيدة التى تحرس الثورة.

كنت أتمنى أن يبادر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالاعتذار فور حدوث الواقعة، وليس بعدها بأربعة أيام، وقتها كان كثيرون سيقدرون خطوته إذا فعل ذلك.

 

مقابل هذا الفخر بالسيدات المصريات كدت أصاب بحالة من الغثيان وأنا اقرأ وأسمع وأشاهد البعض وهو يهاجم «الفتاة المسحولة»، قائلين ببلاهة شديدة: ولماذا نزلت إلى الشارع؟!

 

عذرت بعض سائقى التاكسى وبعض المواطنين المتزمتين، لكن للأسف فإن هذا التساؤل الأبله ردده كثيرون يدعون التحضر واحترام حقوق الإنسان.

 

 الفتاة التى تم الاعتداء عليها والإهانة لم ترتكب جرما، كانت تمارس حقا، وإذا خالفت القانون كان ينبغى إيقافها والتحقيق معها، وليس سحلها وتعريتها، والذين يهاجمونها ينبغى أن يخجلوا من أنفسهم، ويتذكروا أنهم ــ أو بناتهم وزوجاتهم ــ قد يكونوا فى مكانها غدا أو بعد غد. علينا أن نتعلم احترام أنفسنا، وأن نكون أخلاقيين.. ندافع عن المبدأ سواء تعلق بنا أو بخصومنا.. علينا ان نعتذر لكل فتاة مصرية شعرت بإهانة.

 

أكثر ما ألمنى هو التصريح المنسوب لياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية، حينما قال إن الفتاة التى تعرضت للاعتداء ليست منتقبة وليست سلفية، وارتدت النقاب لتصعيد واستثارة الأحداث، إذا صح هذا التصريح فالمؤكد أننا مقدمون على كارثة خصوصا أن التيار الذى يمثله الشيخ ياسر حصل على ثقة 25٪ من الشعب فى الانتخابات حتى الآن.

 

على الشيخ ياسر أن يدافع عن حقوق الإنسان سواء كان الطرف المعتدى عليه منتقبة أو متبرجة، مسلمة أو مسيحية.. يا شيخ ياسر الإسلام يحرم الاعتداء على قطة وليس على سيدة محترمة.. ثم كيف شققت عن قلبها لتعرف أنها تريد الإثارة والتصعيد؟!

 

لسوء الحظ أن كثيرين يفكرون مثل الشيخ البرهامى وهو أنهم يتحدثون عن حقوق الإنسان فقط إذا تعلقت بهم وبتيارهم.

 

لو أن الشيخ ياسر ومن يفكر مثله تأمل فى مشهد المسيرة الحاشدة مساء الاثنين فسوف يتأكد أن هذه المسيرة المهمة لم تكن موجهة ضد الجندى الذى اعتدى على الفتاة أو حتى ضد المجلس العسكرى وحكومة الجنزورى فقط.

 

يا شيخ ياسر المسيرة كانت موجهة لكل شخص أو طرف أو تيار يحاول الاعتداء على المرأة وسلبها حريتها سواء كان هذا الطرف يريد تعريتها كما فعل الجندى أو تغطية عقلها كما تحاول أنت.

 

من سوء حظ المرأة المصرية أن عليها مواجهة أعداء كثيرين فى المرحلة المقبلة. كان الله فى عونها وفى عون كل المجتمع.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي