مؤتمر البحرين والسلام الاقتصادي - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مؤتمر البحرين والسلام الاقتصادي

نشر فى : الخميس 23 مايو 2019 - 10:55 م | آخر تحديث : الخميس 23 مايو 2019 - 11:46 م

مؤتمر السلام الاقتصادى الذى ستعقده إدارة ترامب فى البحرين فى نهاية الشهر القادم، أو بحسب اسمه الرسمى الأقل إثارة بكثير: «ورشة اقتصادية»، يبدو حتى الآن كحفل زفاف ينقصه وجود العروسين. من المتوقع أن يواصل ممثلو السلطة الفلسطينية مقاطعتهم الولايات المتحدة، ولذلك دُعى رجال أعمال فلسطينيون من القطاع الخاص كممثلين للشعب الذى تدعى الإدارة الأمريكية أنها تريد أن تساعده.

مَن يتابع حتى الآن العلاقات المتوترة بين السلطة الفلسطينية وإدارة ترامب، طبعا لن يتفاجأ بتصريحات رئيس الحكومة الفلسطينية محمد أشتية بأن السلطة لن تشارك فى الحدث الذى من المفترض أن يرمز إلى إطلاق خطة السلام الأمريكية. أوضح أشتية أن: «القيادة الفلسطينية لن توافق فى أى وضع على صيغة لتحسين حياة المواطنين تحت الاحتلال الإسرائيلى. إن أى خطة اقتصادية لا تحمل أفقا سياسيا لن تسفر عن شىء. الفلسطينيون لن يقبلوا خطة لا تضمن لهم قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية».

قرار الإدارة الأمريكية استهلال إطلاق «صفقة السلام» للرئيس ترامب بالفصل الاقتصادى يتلاءم جدا مع نظرته إلى العالم بصفته عالم صفقات، والمنتشرة عموما فى تاريخ العلاقات الخارجية للولايات المتحدة، والتى تقول: المال الكثير يستطيع أن يحل مشكلات كثيرة.

فى الإدارة الأمريكية هم طبعا لم يخترعوا هذا المفهوم بشأن كل ما يتعلق بالنزاع الإسرائيلى ــ الفلسطينى، فهو موجود منذ وقت طويل، وله جذور قديمة جدا فى المنطقة. رئيس الحكومة نفسه بنيامين نتنياهو، الذى لن يشارك فى الورشة، سيكتفى بإرسال موفد هو موشيه كحلون، قال مرات عديدة إنه يؤيد الفكرة. وقد صرح فى سنة 2008 أن «سلاما اقتصاديا هو ممر للوصول إلى حلول سياسية. الصراع مع الفلسطينيين بحاجة إلى ذلك... صحيح أن هذا لا يحل مشكلات التطلعات الوطنية، لكنه سيسمح لنا بالتوصل إلى الحديث عن التطلعات الوطنية فى وضع أفضل بكثير».

نتنياهو اليوم لن يعيد، على ما يبدو، الجملة الثانية من هذه العبارة. تماما كما أنه لن يدفع قدما بشعاره القديم «لنصنع سلاما آمنا». اليوم، كل هدفه هو «سلام اقتصادى» الغرض منه بالنسبة إلى إسرائيل أن يخدم سياسة تجزئة التطلعات الوطنية الفلسطينية وتمييعها.

دراسات كثيرة فحصت فى السنوات الأخيرة الاعتقاد الليبرالى بأن الازدهار الاقتصادى يؤثر باتجاه التقليل من الحروب فى العالم. والاستنتاج السائد هو أن النمو الاقتصادى يمكنه فعلا تخفيف العنف، لكنه لا يقضى عليه، ولا يؤدى بالضرورة إلى السلام. بالنسبة إلى الفلسطينيين، وجدت الدراسات أن النمو الاقتصادى فى السلطة قبل اندلاع الانتفاضة الثانية كان مرتفعا نسبيا، نحو 9%. لكن حتى من دون هذه الأسس النظرية، يكفى أن ننظر إلى التوترات فى الساحة الدولية المتغيرة حاليا لنفهم أن الرخاء الاقتصادى لا يكبح بالضرورة التطلعات الوطنية للشعوب والجماعات.

فى هذه المرحلة، يبدو أن الدفع قدما بشدة بنظرية ترامب ونتنياهو بشأن «السلام الاقتصادى» ــ بالإضافة إلى الانقسام الداخلى الفلسطينى، وتقليص المساعدة الأمريكية وامتناع إسرائيل من تحويل أموال الضرائب للسلطة ــ يدفع الفلسطينيين نحو مسار معاكس تماما: اعتماد أكبر على المال القطرى وتصريحات متتالية عن الانفصال الاقتصادى عن إسرائيل، مثلا ما قاله اشتية عندما جمدت حكومته طلبات الحصول على معالجة طبية فى إسرائيل كخطوة أولى وشجعت الإنتاج المحلى فى الصناعة والزراعة.

فى البيت الأبيض يؤكدون أنهم لن يكتفوا بورشة اقتصادية بل سيعرضون فى وقت قريب جدا، على ما يبدو قبل مؤتمر البحرين، أيضا حلا سياسيا مفصلا. حتى فى هذه الحالة من الصعب الاعتقاد أن القيادة الفلسطينية ستتخلى عن المقاطعة. الأمر يتطلب اقتراحا سياسيا جذابا وغير مسبوق، لا يتطرق فقط إلى جيوب الناس، بل أيضا إلى تطلعاتهم الإنسانية نحو هوية وطنية.

التعليقات