تونس والخطر «الداعشى» - امال قرامى - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 3:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تونس والخطر «الداعشى»

نشر فى : الثلاثاء 24 فبراير 2015 - 11:45 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 24 فبراير 2015 - 11:45 ص

ما إن تسلّم أعضاء الحكومة مهامهم حتى انطلقت الاحتجاجات فى الجنوب التونسى الذى تحوّل إلى فضاء لتصفية الحسابات السياسية، وإن ظهرت فى لبوس اجتماعى. فالبعض يفرض على الحكومة أن تتفاوض مع "فجر ليبيا" بدعوى الحياد، والتعامل مع جميع الأطراف الموجودة فى الساحة، حتى وإن كانت محسوبة على التيارات المتشدّدة، والبعض الآخر يريد من الحكومة أن تتراجع عن ضريبة فرضتها الحكومة السابقة على الأجانب المغادرين للبلاد التونسية، وصادق عليها أعضاء المجلس التأسيسى، ولكنّهم تناسوا ذلك، وصاروا ينتقدون ضريبة فرضت على الأشقاء، وعطّلت المصالح الاقتصادية. وفى كلّ هذه الحالات لا يمكن التغافل عن العوامل الرئيسية التى تقف وراء هذه الاحتجاجات التى تطوّرت لتصبح فرضا لغلق المعبر الحدودى بالقوّة فى مظهر من مظاهر تحدّى دولة القانون. ولم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ إذ تململت قطاعات أخرى كنقابة التعليم التى أضحت تتوعّد بتعطيل سير الامتحانات وارتهان مستقبل التلاميذ، وهو أمر يثبت المأزق الذى تعيشه الحكومة الفتية.

•••

وعلى إثر ذبح المواطنين المصريين فى ليبيا، وردّ السلطات المصرية الحاسم اتّخذت الدولة التونسية إجراءات كثيرة من أجل مواجهة الخطر الداهم إذ لا حديث للتونسيين إلاّ على "الدواعش" حتى أنّ التفاعل الفايسبوكى بات قائما على نشر فيديو الذبح الوحشى، والتعليق، والتعبير عن المخاوف حتى وإن ظهرت فى شكل المزاح: "الركب بترتعش من داعش''.
إنّ انعكاسات النزاع فى ليبيا لفرض سياسة الأمر الواقع، والسيطرة على الثروات بقوّة السلاح والبطش، والعصف بالمنظومة القيمية على الوضع التونسى متعدّدة منها: احتمال تدفق آلاف الليبيين إلى البلاد ممّا سيزيد فى تعقّد الوضع الاقتصادى، والأمنى، والصحى، ومنها محاولات اختراق الحدود، وبثّ البلبلة على الحدود، ومنها استهداف بعض المؤسسات الحيوية بمؤازرة داخلية إذ لا يمكن التغافل عن الخلايا النائمة فضلا على عودة أكثر من خمسمائة تونسى محسوب على "تنظيم داعش" من سوريا، وتسلل بعض الهواة المفتونين بداعش إلى ليبيا بعد أن أضحى السفر إلى سوريا محظورا... هذه بعض من احتمالات قد تزيد الوضع تعقّدا.

•••

ولكن ما المطلوب من الحكومة الجديدة؟
فى الوقت التى تحتدّ فيه الخصومات بين أبناء العائلة "الندائية" الواحدة، وتطلّ فيه رءوس الخصوم السياسيين متوعّدة بالانتقام من "التجمعيّين" يشتدّ قلق عامة التونسيين لاسيما أنّ الجيش التونسى لم يخض معارك ميدانية منذ عقود، ويتساءلون كيف يمكن توحيد الصفوف، وتجاوز الخلافات السياسية والجلوس على طاولة النقاش من أجل وضع خطة استراتيجية متكاملة؟ ومن هنا بات على النخب السياسية أن تعيد ترتيب أولويات النشاط السياسى بما يخدم المصلحة السياسية.

إنّ المسئولية منوطة بعهدة الحكومة التى يتعيّن عليها فرض وجودها بتعزيز فاعلية مؤسساتها وإعادة بناء ثقة المواطنين فيها، والشروع فى عملية إصلاح شاملة: تحييد المساجد، وفرض سلطة القانون، وتنظيم المدارس الدينية، والتخفيف من حدّة الأزمات، وامتصاص الغضب الشعبى بإيجاد البدائل، وإيجاد استراتيجية أمنية شاملة، وتفعيل دبلوماسيتها. فضلا على تتبع مصادر تمويل بعض التنظيمات المتطرفة ورصد نشاطاتها المختلفة. وعلى المجتمع المدنى أن يضطلع بدوره فيقوم بالتوعية، ونشر قيم العيش معا، وتعزيز المنظومة القيمية، وتطوير آليات احتواء الشباب، وتشريكهم فى صنع القرار، وفتح فضاءات للحوار والعمل، وتوعية الأسر بضرورة تحمّل مسئولياتها. كما أنّ الإعلام مطالب بأداء دوره بكل حرفية فقد ولّى عهد إبراز الانفعالات، والولولة، والتهريج، وأداء الأدوار على الركح، والبحث عن الإثارة،... وجاء وقت ضبط النفس، وعقلنة المواقف، وصياغة سياسة إعلامية لمواجهة كلّ أشكال التطرّف، والإرهاب بمهنية عالية. أمّا النخب الثقافية فإنّها مطالبة بإنتاج آليات جديدة لتحليل الواقع وفهم التحولات الاجتماعية، والثقافية... وطرح بدائل من شأنها أن تخدم مشروع "أنسنة الإنسان".

يبدو أنّ الحكومة الجديدة أمام وضع معقّد وتهديدات جادة وعليها أن تثبت أنّها قادرة على معالجة هذه الملفات بكلّ حرفية ووطنية.

أستاذة بالجامعة التونسية

التعليقات