استعراض الضعف!! - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 1:13 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

استعراض الضعف!!

نشر فى : السبت 24 أبريل 2010 - 9:39 ص | آخر تحديث : السبت 24 أبريل 2010 - 9:39 ص

 تنتاب بعض المسئولين فى مصر مشاعر تنطوى على أوهام القوة، تصور لهم امكان استخدام العنف أو التلويح باستخدامه بدلا من الحوار، لحل ما يطرأ من مشكلات داخلية مستعصية. وقد يأخذ بعضهم جنون العظمة فيستخدمون لغة التهديد والتصعيد فى مخاطبة أطراف خارجية كما حدث أخيرا مع دول حوض النيل، إثر فشل جولة مفاوضات حول مياه النيل.

هذا التصعيد الذى يفلت فيه اللسان خارج إطار المعايير الأخلاقية والقانونية قد يستسهله البعض فى التعامل مع الداخل.. كما حدث مع النائب الذى وقف فى مجلس الشعب ليطالب وزير الداخلية بإطلاق الرصاص «فى المليان» على المتظاهرين فى الحركات الاحتجاجية. ودون أن يفكر لحظة فى الشرارة التى يمكن أن تندلع لو سقط بعض الضحايا برصاص الشرطة.

أغلب الظن أن وهم القوة وراء الدعوة لإراقة الدماء فى الشوارع والميادين مع كل تجمع أو مظاهرة جاء استجابة لمسئولين وكتبة حكوميين أقلقتهم كثرة المظاهرات.. ليس فقط تلك التى تطالب بحقوق سياسية أو تعديلات دستورية، ولكن أيضا من جانب فئات فى المجتمع تحس بوطأة الظلم الذى تتعرض له فى المستويات المتدنية للأجور. فهى تطالب بزيادة الرواتب والحوافز وتحسين فرص العمل والوقوف فى وجه حفنة من المستثمرين المستغلين. وقد شهد رصيف مجلس الشعب عشرات من هذه المظاهرات ومازال.

وكان المنطقى أن يبادر هذا النائب والذين ساندوه بإطلاق الشتائم ووصف المتظاهرين بالسفالة والصياعة إلى التحقق من أسباب التظاهر، ومساءلة الحكومة والجهات المعنية عن المشكلة وحلولها.

وأغلب الظن أيضا أن النواب الذين خرجوا على الأصول البرلمانية السليمة فى الدفاع عن الحريات والاعتراف بحق التظاهر باعتباره من الحقوق التى كفلها الدستور، طالما كانت فى اطار النظام العام، ليست لديهم أدنى فكرة عن كل هذه المبادئ. ولسبب أو لآخر ارادوا مجاملة الداخلية وأجهزة الأمن بالمزايدة على الشرطة.. ليس بالتماس العذر لها بحجة الحفاظ على الأمن، ولكن بتحريض الشرطة على الافراط فى استخدام القوة والبطش بالمتظاهرين، وهو نوع من الغباء السياسى لأنه بدلا من أن يكون استعراضا للقوة يصبح استعراضا للضعف وعدم الثقة بالنفس فى النظام كله.

إن المرء ليدهش أشد الدهشة حين يرى أمثال هؤلاء النواب فى مجلس الشعب.. بأشكالهم وأنواعهم وانحرافاتهم المختلفة.. كيف وصلوا إلى مقاعدهم وكيف تم اختيارهم؟ وما هو مستوى تعليمهم ومؤهلاتهم، وهل يقع اللوم على أهالى الدائرة الذين اختاروهم أم على قيادات الحزب التى ساندتهم ورشحتهم وظاهرت عليهم؟

وهذه مشكلة عويصة فى أساليب التنشئة الحزبية التى لا تقوم على أساس فى مصر، والتى تفرز كوادر لا تعرف معنى الحقوق السياسية وحدود الحريات. ونسبة كبيرة من النواب لا يعرفون واجباتهم ولا حقوقهم. ولاتهتم قيادات الأحزاب المنتفخة بالسلطة بتعليمهم او تدريبهم سياسيا. وقد ظللنا نسمع من المسئولين فى الحزب الوطنى طوال السنوات الأخيرة كيف نجح الحزب فى إعادة تنظيم صفوفه وتدريب كوادره. ولكن لم تظهر نتيجة ذلك إلا فى زيادة أعداد المنحرفين من نواب القروض والقمار ومهربى الموبايل والمتاجرة فى الأراضى وفى قرارات العلاج على نفقة الدولة.. هؤلاء كما رأينا لا يسيئون الى الحزب الحاكم، بل يسيئون إلى مصر كلها.

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات