برلمان الثورة.. ماذا يعنى؟ - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 8:08 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

برلمان الثورة.. ماذا يعنى؟

نشر فى : الأربعاء 25 يناير 2012 - 8:45 ص | آخر تحديث : الأربعاء 25 يناير 2012 - 8:45 ص

تشهد الحياة السياسية فى مصر صفحة جديدة، بافتتاح أول برلمان للثورة التى ضحى زهرة شباب مصر بأرواحهم فى سبيلها ليزيلوا عهداً بائداً من تاريخ نهضتها المجيدة، ويعيدوا بناءها على أسس حديثة من الديمقراطية والحرية والمساواة.

 

وهو أمر يدعو إلى البهجة والتفاؤل، أن نرى على مقاعد مجلس الشعب وجوهاً أخرى غير الوجوه التى أمضت نحو نصف قرن تتداول فيما بينها مقادير هذا الشعب، لتضع سيد قراره فوق سيادة الشعب، وتقنن الفساد فى أكثر صوره استفزازاً ومهانة، وتعيد إنتاج التخلف والعجز ومعاداة التقدم فى أسوأ صوره.

 

وليس من قبيل المبالغة أن ندرك أننا بذلك نخطو خطوة تاريخية مهمة فى بناء المستقبل، وإذا كانت عوامل النجاح قد تتساوى مع عوامل الفشل، فإن مهمتنا كمواطنين أن نعمل على تغليب عوامل النجاح فوق عوامل الفشل، وهو أمر مرهون فى البداية والنهاية بأداء الأعضاء الجدد وقدرتهم على إنجاز المهام التشريعية الرقابية للمجلس بصورة كاملة، أو أقرب إلى الكمال.

 

إن أنظار المصريين سوف تظل شاخصة إلى كل حركة وسكنة فى البرلمان الجديد، وإلى أى مدى سوف يتفق سلوك كل عضو وطريقة أدائه مع ما تقتضيه الأعراف والتقاليد البرلمانية، وما هى القضايا والاهتمامات التى سيدافع عنها العضو، سواء فى إطار التكتلات الحزبية والسياسية التى ينتمى إليها، أو فى طبيعة أعماله وواجباته البرلمانية التى يقدمها للشعب.

 

ربما كان هناك من بين شباب الثورة من لا يرضى تماماً عما تحقق من انتخابات مجلس الشعب وقد يرى أن هذه الانتخابات لم تحقق أهداف الثورة كاملة، وقد حاول بعضهم أن يضيف من عنده إلى اليمين الدستورية ما يفيد التزامه باستكمال الثورة، وبنفس القدر حاول البعض الآخر أن يضيف عبارات تؤكد التزامه بتعاليم الدين، وكلاهما يخطئ الطريق إلى فهم الحكمة الدستورية من التزام جميع ممثلى الشعب بصيغة دستورية موحدة، وسوف نشهد فى المستقبل كثيراً من المحاولات التى تعبر عن تفشى روح الفردية وغياب روح الجماعة!!.

 

ولن يكون ذلك غريباً على أول برلمان بعد الثورة نفتقر فيه إلى التقاليد، فالتركيبة التى أسفرت عنها الانتخابات، أتاحت تمثيلاً واسعاً لقوى وأحزاب سياسية مختلفة، من اليمين إلى اليسار، ومن الإسلاميين بدرجاتهم إلى الليبراليين والمستقلين والثوريين، وسوف يكون حتماً على هذه القوى المتنوعة أن تعمل معاً، لتحقيق أهداف مشتركة من أجل المصلحة العامة، وهو ما يعنى استبعاد الخلافات والانقسامات، وتغليب العام على الخاص، والبحث عن حلول وسط تصون وحدة الصف قدر الإمكان. قد نشهد ائتلافاً أو تحالفاً بين أحزاب مختلفة، ولم تظهر حتى الآن معالم مثل هذه الائتلافات ولكن ليس من المنتظر على كل حال أن يفرض حزب الحرية والعدالة أغلبيته على الآخرين، وسوف يكون المحكمة أن يأتلف مع قوى سياسية أخرى من الأحزاب والتكتلات الصغيرة.

 

ومع ذلك فهناك أولويات سوف يجد مجلس الشعب نفسه مضطراً إلى البدء بها، على رأسها تشكيل اللجنة الدستورية لوضع الدستور بعد انتخابات مجلس الشورى ثم انتخاب رئيس مدنى للجمهورية، والعمل بهدوء ودون صدام على نقل السلطة من المجلس العسكرى إلى حكومة مدنية، وكلها خطوات بالغة الأهمية ولابد أن تتم بخطوات محسوبة، طبقا للخريطة التى سبق الاتفاق عليها، وبحيث يتم انحسار سلطة المجلس العسكرى تدريجياً دون السقوط فى هوة الخلافات أو الإساءات المتبادلة، فهناك من يتعجلون ذهاب العسكر من السلطة ولا ينظرون إلى أبعد من أقدامهم، بينما سيظل للجيش والقوات المسلحة دورها فى الدفاع عن أمن البلاد، والحفاظ على التوازنات الخارجية التى تحتاج إلى قوة الردع، والمهم أن نتجنب نشوء فراغ فى السلطة يغرى قوى الفوضى والانفلات المنظم بانتهاز الفرصة كما حدث فى مرات سابقة!.

 

بالنسبة للشعب المصرى، فإن انتقال السلطة يعنى له بالدرجة الأولى: الاهتمام بالتعليم والصحة وتعديل سلم الأجور وإيجاد أماكن للعمل، وإنقاذ الوضع الاقتصادى من الانهيار، ليس مهما أن تستمر الثورة، ولكن المهم أن تبدأ حركة البناء والإصلاح والإنتاج بسرعة!!.

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات