أمريكا اللاتينية والمسألة السورية - سلام الكواكبي - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 7:00 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أمريكا اللاتينية والمسألة السورية

نشر فى : السبت 25 أغسطس 2012 - 8:45 ص | آخر تحديث : السبت 25 أغسطس 2012 - 8:45 ص

على الرغم من البعد الجغرافى، تحظى الثورة السورية باهتمام كبير فى عدد من دول أمريكا اللاتينية وعلى رأسها الدولة الصاعدة البرازيلية والدولة الفاشلة الفنزويلية. ويعتبر وجود جاليات من أصل سورى عاملا أساسيا فى هذا الاتجاه.

 

•••

 

يعتبر موقف هوغو تشافيز صادما لمعتنقى اليسار لجهة تحالفه مع قوى الاستبداد فى المشرق العربى. فبعد أن وصل منتخبا إلى الحكم، تحول ديكتاتورا يستثمر فى دعم قوى «التحرر» التى تستبد بشعوبها. وهو لا ينفك عن تبنى خطاب «الممانعة والمقاومة» الأجوف فى دفاعه عن أصدقائه الذين يمارسون القتل اليومى بحق شعوبهم. وفى حربه ضد الجار الأمريكى الشمالى، ينسى القائد البوليفارى حقوق الشعوب وتطلعها إلى الحرية، ليخرج بذلك من تاريخ اليسار اللاتينى ليدخل فى حاضر الاستبداد الشرقى. وعلى الرغم من مرضه، فهو لا يترك مناسبة إلا ليمارس شعبوية سمجة تنم عن جهله التام، وهو المناضل الأممى، بما يجرى حقيقة فى سوريا. وفى بلد غنى بالموارد الطبيعية وبالعنف الدموى وبالفساد الاقتصادى كفنزويلا، ليس غريبا عن قادته السياسيين اللجوء إلى تحميل الذنوب لعدو خارجى حقيقى أو متخيّل. إنها المدرسة العربية التى يبدو أن تشافيز قد نهل منها بشدة وامتنان. 

 

أما البرازيل، فموقفها كان ملتبسا بداية بالنسبة للحالة الثورية السورية. وهى انتقدت ما رأت فيه محاولات للغرب للتدخل فى الشأن السورى بعد أن عارضت التدخل فى ليبيا. وبررت هذا الأمر بنظرتها العالم ثالثية لدور الأمم المتحدة وضرورة تعزيزه وعدم الخروج عن مظلته. إضافة إلى سعيها، كقوة صاعدة، للانضمام إلى مجلس الأمن. وفى هذا الإطار، تعتقد خارجيتها بأن المؤسسة الأممية بحاجة إلى إصلاح جذرى. وهى تواجه أيضا، وبنجاح نسبى، محاولات واشنطن لاستعادة الهيمنة المفقودة فى جنوب القارة الأمريكية. بالمقابل، تدعم سياسة عدم التدخل ولكنها تتبنى الدبلوماسية الحركية التى تطوّر مواقفها وفقا لقراءة مستمرة للمستجدات. وهذا ما دفعها إلى التصويت على كل قرارات مجلس حقوق الإنسان والجمعية العمومية المتعلقة بسوريا. وتلعب الجالية السورية النافذة فى البرازيل دورا هاما فى الضغط على السياسة الخارجية حيث يسيطر على جزء كبير منها وعى منقوصٌ أو مشوهٌ لما يجرى حقيقة وذلك بسبب الشبكات المعقدة التى استطاعت الأجهزة السياسية السورية من نسجها عبر مؤسسة «فيا أراب» التى حظى أعضاؤها باستقبالات حافلة فى الوطن الأم والذين رأوا فيه ما أرادت البروباغندا الرسمية تلقينهم إياه.

 

•••

 

موقفا الجاليتين فى فنزويلا والبرازيل متقاربان نسبيا ولكن موقفى الحكومتين مختلف جذريا. فإن كان تشافيز قد طوى صفحة النضال ضد الحرية والاستبداد ليدعم القتل والتشريد، فإن المؤسسات الديمقراطية البرازيلية لا تنسى بأن على رأسها ديلما روسيف، وهى المرأة التى ناضلت ضد الدكتاتورية وحملت السلاح لتخلص شعبها من 22 سنة استبدادا. وهنا يكمن الفرق بين من ينسى أصله ومن يفخر بأصله.

 

 

 

سلام الكواكبي باحث فى العلوم السياسية فى مبادرة الإصلاح العربى
التعليقات