لماذا يخاف البعض من الحرية؟ - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 8:55 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا يخاف البعض من الحرية؟

نشر فى : الإثنين 25 أغسطس 2014 - 8:35 ص | آخر تحديث : الإثنين 25 أغسطس 2014 - 9:10 ص

ووجهة السؤال هذه المرة تبتعد عن أمور السلطة، وتبتعد عن شواهد الظلم والقمع والعقاب والانتهاكات التى تصيب المواطن حين تغيب الديمقراطية ويتراجع حكم القانون وحين يدفعه طلب الحرية إلى الوقوف فى خانات المعارضة. كذلك لن أتناول اليوم قضايا الحرية فى قطاعات المجتمع الوسيطة كالتعليم ومساحات عمل المنظمات المدنية والجمعيات الأهلية ووسائل الإعلام والمؤسسات الدينية، وجميعها إما يساعد على تنشئة المواطن لممارسة الحرية دون خوف وتمكينه من الاختيار الحر فى حياته الخاصة والمجال العام أو يقضى على حريته ويهدده بالقيود والقمع والعقاب ويعرضه لهم عبر مراحل الحياة المختلفة.

وجهتى هذه المرة هى طرق تربية وتنشئة الأطفال وإدارة العلاقة معهم من قبل الأمهات والآباء وغيرهم من المؤثرين فى المحيط الأسرى المباشر ــ الأجداد/ أقارب الدرجة الأولى/ الأصدقاء/ الجيران/ المشاركون فى التربية والتنشئة نظير مقابل مادى. وما تنقله الأسطر التالية فى صيغة أسئلة إلى القائمين على أمور الأطفال فى مصر يستند إلى بعض الانطباعات الشخصية غير المنظمة، وإلى شيء من المتابعة للحياة العامة دون دقة علمية أو ربط بين طرق تربية وتنشئة الأطفال وبين المستويات الاقتصادية والاجتماعية شديدة التفاوت فى مصر. وهدفى هو الإسهام فى تجديد النقاش العام بشأن قيمة الحرية فى التربية والتنشئة وإدارة العلاقة مع الأطفال ووزنها داخل البناء الأسرى مقارنة بقيم أخرى كالطاعة وتقبل سلطة الأم والأب والالتزام بالفهم النمطى أو الجامد لثنائية المقبول والمرفوض.

١ــ كقائمين على أمور الأطفال، هل نعتقد أن لنا الحق فى إلغاء حرية الاختيار للأطفال وتحديد تفاصيل حياتهم دون مشاركتهم أم نرى أن الأطفال لهم حق أصيل فى إدراك تفاصيل الحياة المحيطة بهم وفى أن نشركهم فى الاختيارات عبر التوعية والشرح والإقناع قدر الإمكان؟

٢ــ هل نعتقد أن التأسيس لسلطة الأمهات والآباء وغيرهم من القائمين على التربية والتنشئة يقتضى الزج بالأطفال إلى حلقات لا تنتهى من الأوامر والنواهى دون تفسير أو تبرير أم نرى أن دور الأم والأب وغيرهما يستدعى تقديم الحب على السلطة، والشرح والتفسير على الأمر والنهى، وإشراك الأطفال فى الاختيارات وتحديد تفاصيل الحياة ومخاطبة عقولهم على اختزالهم فى كائنات نمارس نحن عليها الاختيار ويتحملون هم تبعاته؟

٣ــ هل نعتقد أن تجريد دور الأم والأب وغيرهما من القائمين على التربية والتنشئة من مكونات الشرح والتفسير وإشراك الأطفال فى الاختيار يسهل من تقبل الدور هذا فى مختلف مراحل حياة الأطفال ويدفع إلى الالتزام به أم أنه يخلق انطباعات زائفة بالطاعة والاحترام سرعان ما يتنصل منها الطفل حين يتمكن أو يجافيها بالكامل حين يخرج من مرحلة الطفولة ويستقل وجوده؟

٤ــ هل نعتقد أن تغييب قيمة الحرية فى تربية وتنشئة الأطفال يمكن أن يعوض عبر فتح مساحات وهمية للاختيار ــ مجالات الاستهلاك المتنوعة للقادرين اقتصاديا واجتماعيا، أم أن تغييب الحرية يؤثر بالسلب على التطور الروحى والعقلى للطفل ومساحات الاختيار الوهمية قد تجعل منه جسدا مستهلكا وربما متكالبا على الاستهلاك دون جاهزية روحية وعقلية؟

٥ــ هل نعتقد أن البالغين هم فقط من يستطيعون ممارسة حرية الاختيار وتحديد تفاصيل الحياة فى ضوء المقومات الاقتصادية والاجتماعية المتوافرة لهم أم أننا نثق أن للأطفال الكثير من العقل والرشادة والضمير وأن تدريبهم على الاختيار ضرورى لتطورهم ونضجهم؟

٦ــ هل نعتقد أن الأطفال سينتقلون حين يبلغون من خانات المفعول بهم إلى خانات الفاعلين بسهولة ويسر ودون أزمات أو انتكاسات أم نرى أن تغييب حرية الأطفال يعرضهم لصعاب كبرى حين يستقلون بحياتهم ويعرض المجتمع لإشكاليات صناعة المواطن الباحث عن الحرية والقادرة على المشاركة بوعى فى الشأن العام؟ أم أننا نريد الفرد الراضخ دوما للسلطة الأعلى ــ سلطة الأمهات والآباء وسلطة المؤسسات التعليمية والدينية وسلطة الحاكم ــ ولا نفضل الفرد المواطن الحر؟

غدا.. هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات