المصريون الأمريكيون! - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 11:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المصريون الأمريكيون!

نشر فى : السبت 25 سبتمبر 2010 - 10:05 ص | آخر تحديث : السبت 25 سبتمبر 2010 - 10:05 ص

  مازال تحالف المصريين الأمريكيين الذى شهد مؤتمره الخامس فى واشنطن قبل أيام يبحث عن طريقه، كقوة مدنية قادرة على التأثير فى مسار التطور الديمقراطى فى مصر، من خلال رؤية متقدمة لنخبة واعية مثقفة من أبناء مصر المغتربين، ترتبط بالوطن الأم على نحو أو آخر، وتسعى إلى تقديم يد العون كلما استطاعت للنهوض بها وحل مشاكلها، واستثمار العلاقات والروابط التى هيأت لها قاعدة وجودية صلبة فى المجتمع الأمريكى.

حرص تحالف المصريين منذ البداية على التأكيد على أنه ليس مع النظام وليس ضده. وبالتالى ليس تابعا للحزب الوطنى أو لغيره من الأحزاب. ومن ثم وجه الدعوة لحضور مؤتمراته إلى قيادات من الحزب الوطنى مثل صفوت الشريف وجمال مبارك ومحمد كمال وغيرهم، كما وجه الدعوة لشخصيات عامة حزبية ومستقلين وناشطين حقوقيين.. بهدف الاستماع إليهم ومناقشتهم فى رؤاهم حول مستقبل مصر. واطلاعهم فى الوقت نفسه على ما يشغل بال نخبة من المصريين الأمريكيين من مطالب وأمنيات تساعد هذه الكتلة المتميزة من صفوة أبناء مصر على المشاركة فى تجديد الانتماء، وتعميق الروابط بين جالية مصرية كثيفة العدد.

شهدت توالد أجيال جديدة توشك أن تنقطع الصلات معهم. وذلك على عكس شعوب أخرى حافظت على علاقاتها بأبنائها من موجات الهجرة المتتالية. فأصبحوا يمثلون فى المجتمع الأمريكى قوة اقتصادية واجتماعية مؤثرة. وبعضهم تشكل له ما يعرف باللوبى ــ على غرار الايباك اليهودى المشهور ــ للدفاع عن مصالح بلادهم، أوطانهم الأولى.. معظم الأقليات الأيرلندية والإيطالية واليونانية والبولندية التى اندمجت فى الحياة الأمريكية بدأت واستمرت وقوى نفوذها هكذا!

ولكن الحكومة المصرية على عكس معظم دول العالم، سدت أذنيها، واحدة من طين وأخرى من عجين، سواء للدعوات التى وجهت إلى أقطابها أو لما طالب به مؤتمر التحالف على استحياء لتمكين المصريين المقيمين فى الخارج من الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات الرياسية المقبلة.. ولكن إذا كان المصريون المقيمون فى مصر يجدون صعوبة فى الإدلاء بأصواتهم دون إرهاق ومذلة، فكيف سيفعلها المصريون المقيمون فى الخارج؟!

فى ظنى أن أكثر ما يثير ضيق الحكومة والحزب الوطنى، هو كثرة الحديث عن الضغوط التى يجب أن تمارسها أمريكا على الرئيس مبارك لتحقيق الديمقراطية. مع أن صناعة الديمقراطية لا يمكن أن تتم بأيد خارجية. وقد رأينا فى العراق وأفغانستان كيف دمر الأمريكيون مجتمعات هذه الشعوب، وما أحدثوه فيها من تخريب طائفى وعرقى كان سببا فى فشل الديمقراطية فى العراق، وسفك الدماء بغزارة فى أفغانستان.

وقد دارت مناقشات ساخنة حول هذا الموضوع، وانتهت فيما يبدو إلى قناعة بأن المجتمع المدنى هو القادر على مقاومة الفساد السياسى وتحقيق الضمانات الكفيلة بنزاهة العملية الانتخابية.. وربما نكون قد تعلمنا الدرس من أنه لا يجوز الخلط بين مصالح وقضايا خارجية مثل القضية الفلسطينية وبين تنمية الديمقراطية وبنائها على أسس سليمة داخليا.

قد لا ينجح تحالف المصريين الأمريكيين فى واشنطن إذا عمل وحده وعلى انفراد فى محاولة تغيير الأوضاع القائمة لتمكين المصريين المغتربين من المشاركة فى العملية السياسية والتصويت فى الانتخابات بالرقم القومى وتعديل المادة 76 والإشراف القضائى الكامل على العملية الانتخابية. ولكن تشكيل تحالف دولى أمريكى ــ أوروبى يوحد صفوف المصريين المغتربين خلف أجندة قومية واحدة، ربما يكون أكثر جدوى وأعظم تأثيرا فى إحداث عملية التغيير المطلوبة فى مصر خصوصا إذا توافقت وتلاحمت مع قوى التغيير فى الداخل.

إن الموقف فى مصر حاليا يزداد سخونة وتوترا. وتتوقع أطراف كثيرة عنفا سياسيا وطائفيا، انطلقت شرارته فى عدد من المواقع. إذ تشتد المواجهة بضراوة بين قوى المعارضة وأجهزة الأمن فى ظل منافسات انتخابية حادة وبروز واضح لملف التوريث.

وسوف يزداد الموقف تعقيدا وصعوبة خلال الأسابيع والأيام القليلة المقبلة، إذا فشلت الجهود الدولية فى لجم أطماع إسرائيل الاستيطانية. وأسفرت لعبة المفاوضات المباشرة التى وضعت مصر فيها كل أوراقها عن صفر كبير. وأظهر نتنياهو أنيابه ضد مصر والعرب. ووقفت أمريكا وأوروبا تتفرج كالعادة!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات