سد النهضة.. مراوغات إثيوبية - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 7:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سد النهضة.. مراوغات إثيوبية

نشر فى : الإثنين 25 سبتمبر 2023 - 7:10 م | آخر تحديث : الإثنين 25 سبتمبر 2023 - 7:10 م

جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة، انتهت فى أديس أبابا قبل يومين من دون أن يتحقق أى اختراق فى الملف المقلق لكل مصرى، فى ظل تعنت ومراوغة إثيوبية لا تحتاج أى تأكيد، وبعد فشل، أيضا، الجولة الأولى التى عقدت فى القاهرة فى 27 أغسطس الماضى فى إطار استئناف واستكمال الجولات التفاوضية، للإسراع فى الانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد الإثيوبى خلال 4 أشهر.
وحسب البيان الرسمى لوزارة الرى المصرية فإن الجولة الثانية التى جرت على الأرض الإثيوبية بمشاركة وفود التفاوض من مصر والسودان وإثيوبيا «لم تسفر عن تحقيق تقدم يُذكر؛ حيث شهدت توجها إثيوبيا للتراجع عن عدد من التوافقات التى سبق التوصل إليها بين الدول الثلاث فى إطار العملية التفاوضية، مع الاستمرار فى رفض الأخذ بأى من الحلول الوسط المطروحة».
كلمات وزارة الرى ربما تتشابه مع ما أعلنته عقب الجولة الأولى من المفاوضات التى شهدتها القاهرة فى أغسطس الماضى، والتى كررت فيها التأكيد على استمرار مصر فى التفاوض «بجدية بناء على محددات واضحة؛ تتمثل فى الوصول لاتفاق ملزم قانونا على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، على النحو الذى يحفظ مصالح مصر الوطنية ويحمى أمنها المائى واستخداماتها المائية، ويحقق فى الوقت ذاته مصالح الدول الثلاث بما فى ذلك المصالح الإثيوبية المعلنة».
وبالتزامن مع جولة المفاوضات الثانية بشأن سد النهضة كان وزير الخارجية السيد سامح شكرى يلقى كلمة مصر أمام الدورة العامة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك والتى ندد فيها بالإجراءات الإثيوبية إحادية الجانب، وبتمادى أديس أبابا بالاستمرار فى ملء سد النهضة الذى وصفه بأنه «خرق صريح لقواعد القانون الدولى».
وبلغة ربما تكون أكثر حزما قال وزير الخارجية: «ليس هناك مجال للاعتقاد الخاطئ بإمكانية فرض الأمر الواقع عندما يتصل الأمر بحياة ما يزيد عن ١٠٠ مليون مصرى».
إذن نحن أمام دورة جديدة من التفاوض غير الموفق، وإزاء بيانات وتصريحات وكلمات عن عدم التوصل إلى نتائج إيجابية، واستمرار إثيوبيا فى فرض الأمر الواقع، بل والتمادى فى لعبة كسب الوقت، عقب إعلانها اكتمال عملية الملء الرابع فى العاشر من سبتمبر الجارى.
وفى كل مرة نعود إلى سؤال المربع الأول: ما العمل؟.. جربت مصر المفاوضات برعاية أمريكية، وذهبت للاتحاد الأفريقى، ووسطت أشقاء، ولجأت لمجلس الأمن الدولى، لكن حتى الآن الحصاد مخيب للآمال مع تعنت إثيوبى، إن لم يكن تبجحا، وتجاهلا صريحا لحقوق دولتى المصب مصر والسودان، مستغلة الظروف التى يمر بها الأشقاء السودانيون فى الوقت الراهن، ومراهنة على الصبر المصرى لاستهلاك الوقت، وهى أمور لا يجب التعويل عليها كثيرا.
اليوم يطرح بعض الخبراء اللجوء إلى مجلس الأمن مجددا مع التلويح بورقة التغيرات المناخية والبيئية التى يمكن أن تشكل خطرا، كما حدث فى المغرب ومدينة درنة الليبية، فى ضوء أن إثيوبيا تقع فى حزام زلازل، وربما يهدد بانهيار سد النهضة فى أى وقت وما قد ينتج عنه من تدمير واسع فى وادى النيل.
لكن فى تقديرى أن هذا الاقتراح سيعطى الجانب الإثيوبى المزيد من الوقت، ويذكرنا بقصة الرجل الذى كان يعول على مساعدة أخيه وجيرانه فى قطع شجرة، فلا يأتى الأخ ولا يهتم الجيران أبدا، فيضطر أخيرا إلى الاعتماد على نفسه وعدم انتظار الغير فى إنجاز واجباته.
الجانب الإثيوبى لم يعد يرى فى المفاوضات غير أنها وقت إضافى لفرض الأمر الواقع، والتعويل على مجلس الأمن، أو الاتحاد الأفريقى، وغيره من الوسطاء لم يعد ذا فائدة، فالتعنت يحتاج إلى ضغوط من نوع مختلف، ووقتها ستدرك أديس أبابا أن قطع الشجرة، اعتمادا على القدرات الذاتية قد حان وقته، فتسقط الأوهام، ويستقيم العود المعوج.

التعليقات