الصاروخ الحوثى والصاروخ الكورى - علاء الحديدي - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 7:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الصاروخ الحوثى والصاروخ الكورى

نشر فى : الإثنين 25 ديسمبر 2017 - 9:55 م | آخر تحديث : الإثنين 25 ديسمبر 2017 - 9:55 م

أيام قليلة وينتهى عام ويبدأ عام جديد. ومع أهمية العديد من الأحداث والتطورات التى شهدها هذا العام، والتى لا يتسع المجال هنا لاستعراضها، إلا أننى أريد التركيز هنا على حدثين هما فى رأى ما سيشكلان محور الأحداث والتطورات القادمة سواء فى منطقتنا العربية أو على صعيد العلاقات الدولية بين الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية والصين الشعبية. هذان الحدثان هما أولا ما سمى إعلاميا بالصاروخ الحوثى، وثانيا كان أكثر من صاروخ أطلقته كوريا الشمالية رغم التهديدات والتحذيرات الأمريكية.

ولنبدأ بالصاروخ الحوثى، وهو الصاروخ الذى انطلق من الأراضى اليمنية التى تقع تحت سيطرة الحركة الحوثية المدعومة من إيران فى اتجاه العاصمة السعودية الرياض فى شهر نوفمبر الماضى (تم إطلاق صاروخ آخر الأسبوع الماضى)، وهو الأمر الذى عدته الرياض بمثابة إعلان حرب عليها. ولا شك أن خطورة وأهمية هذا الحدث قد كشف عن مدى التقدم التقنى والفنى الذى أحرزته إيران فى إنتاج الصواريخ بعيدة المدى من ناحية، ومن ناحية ثانية عن مدى قدرتها على نقل هذه الصواريخ إلى مناطق توتر وصراعات، تخضع لحصار برى وبحرى وجوى محكم من قبل ما يسمى بقوات التحالف الدولى. وهو الأمر الذى يعنى بالتبعية قدرة إيران على نقل أو إنتاج هذه الصواريخ إلى مناطق وقوات فى دول أخرى، ويأتى على رأسها سوريا ولبنان، حيث إن ظروفهما السياسية وأوضاعهما العسكرية أكثر ملائمة وقبولا لاستقبال الصواريخ الإيرانية هذه، وخاصة من حيث الاعتبارات اللوجيستيكية، مما هو موجود فى اليمن.

ورغم أن إسرائيل قد التزمت الصمت إزاء هذا الصارخ الحوثى، إلا أنها وبلا شك قد اعتبرت هذا الصاروخ تهديدا مباشرا لها، ولن تقف مكتوفة الأيدى لفترة طويلة. وقد كان التحرك الأمريكى الخاص بعدم التصديق الدورى على التزام إيران بالاتفاق النووى وفرض عقوبات جديدة على الحرس الثورى بها فى منتصف أكتوبر الماضى يعنى تبنى الإدارة الأمريكية لوجهة النظر الإسرائيلية إزاء الملف الإيرانى. كما جاء تصنيف الكونجرس الأمريكى لحزب الله اللبنانى كمنظمة إرهابية ليؤكد التوجه الأمريكى الجديد نحو المنطقة ومشكلاتها، وما هذين الإجرائين سالفى الذكر سوى مقدمات لمزيد من الإجراءات والخطوات التى يتم الإعداد لها للتعامل مع التحدى الإيرانى. ولذلك يمكن النظر إلى هذا الصاروخ الحوثى باعتباره الرد الإيرانى على هذه الخطوات الأمريكية. وهو ما يشير إلى أن العام المقبل قد يشهد أحداثا وتطورات أكثر خطورة عما يجرى حاليا من غارات إسرائيلية فى سوريا تستهدف شحنات الصواريخ الإيرانية وهى فى طريقها إلى حزب الله. وهو ما يعنى أيضا احتمالات تصعيد أكثر خطورة فى مواجهات عسكرية قادمة وعلى نطاق أكبر وأوسع سواء فى اليمن أو سوريا ولبنان.

وإذا كانت واشنطن ترى فى البرنامج الصاروخى الإيرانى، والذى يهدد أقرب حلفائها فى الشرق الأوسط، خطرا كبيرا يجب التعامل معه، فلنا أن نتخيل الوضع مع البرنامج الصاروخى الكورى الشمالى. فكوريا الشمالية قد أجرت وبنجاح أكثر من تجربة نووية ــ وهو ما لم تقم به إيران حتى الآن ــ كما أنها اختبرت وبنجاح أيضا، صاروخا باليستيكيا (أى عابر للقارات) يستطيع الوصول إلى أهداف داخل الولايات المتحدة ذاتها، وهو الأمر الذى يمثل تحديا لا يمكن أن تسمح به أى إدارة أمريكية، فما بال الإدارة الحالية التى ترى أن الإدارات السابقة بلا استثناء قد أهدرت هيبة وقوة الولايات المتحدة، وأنه يجب العمل على استعادة هذه الهيبة وهذه القوة. ولذلك كان من أولى قرارت الإدارة الجمهورية الحالية زيادة الميزانية العسكرية وبشكل غير مسبوق لاستعادة قوة وهيبة أمريكا فى الخارج، مع الإعلان فى ذات الوقت أن عهد الصبر الاستراتيجى مع بيونج يانج قد انتهى.

الملفت للنظر هنا هو أوجه التشابه والاختلاف بين كل من كوريا الشمالية وإيران. فالدولتان تقف ورواءهما وتدعمانهما كل من روسيا والصين، ولأسباب مختلفة. حقيقة أن الصين وروسيا انضما للولايات المتحدة فى مجلس الأمن بفرض مزيد من العقوبات على كوريا الشمالية، إلا أن كل من موسكو وبكين قد حذرتا واشنطن وفى ذات الوقت وبعبارات لا تحمل الشك من مغبة الإقدام على أى عمل عسكرى ضد بيونج يانج، وباعتبار ذلك خط أحمر لا يمكن تجاوزه. هذا الموقف الروسى والصينى يأتى بحكم دخول كوريا الشمالية فى نطاق الأمن القومى المباشر لهاتين الدولتين نظرا للموقع الجغرافى لكوريا الشمالية على حدودهما، أى أنها دولة جوار مباشر لهما هما الإثنين. يضاف لما سبق معارضة كوريا الجنوبية الشديدة لأى مواجهة عسكرية مع جارتها الشمالية لأنها تعلم علم اليقين أنها (أى سيول) ستكون أول من يدفع ثمن هذه المواجهة، وذاكرة الحرب الكورية فى الخمسينيات من القرن الماضى ما زالت حاضرة فى الأذهان. لذلك من المرجح استمرار الوضع الراهن ما لم يحدث خطأ بشرى ما يؤدى إلى إشعال فتيل مواجهة لا يريدها أحد.

على الجانب الآخر، الأمر أكثر تعقيدا مع إيران. حقيقة أن كلا من الصين وروسيا تدعمانها، إلا أنها ليست دولة جوار مباشر سوى لروسيا فى حين تبعد عنها الصين آلاف الأميال. لا يعنى ذلك التقليل من مخاطر التصعيد العسكرى الأمريكى ضد إيران، ولكن الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى دخول الأراضى الإيرانية وهناك قوات إيرانية فى سوريا، فضلا عن تنظيمات وميليشيات محسوبة عليها مثل حزب الله وغيرها. وقد سبق للقوات الأمريكية الموجودة فى سوريا الاشتباك مع هذه القوات بالقرب من الحدود العراقية السورية. يضاف لما سبق وجود أطراف إقليمية ومحلية عديدة (السعودية ــ إسرائيل) تسعى للتصعيد العسكرى وبشكل مباشر ضد إيران وحلفائها فى المنطقة، من اليمن إلى سوريا إلى لبنان إلى العراق. إذن هناك أكثر من ساحة للمواجهة ودون مخاطر الصدام المباشر مع روسيا وعلى عكس الوضع مع كوريا الشمالية. فإذا كانت الجغرافيا تحول دون الدخول فى مواجهة عسكرية فى بقعة صغيرة محدودة هى شبه الجزيرة الكورية، فإن الوضع يختلف فى الشرق الأوسط حيث تسمح الجغرافيا فيها بالدخول فى أكثر من مواجهة أو صدام على اتساع المنطقة بأكملها.

التعليقات