تداعيات خروج السودان من العزلة الدولية - العالم يفكر - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 5:24 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تداعيات خروج السودان من العزلة الدولية

نشر فى : الجمعة 25 ديسمبر 2020 - 8:15 م | آخر تحديث : الجمعة 25 ديسمبر 2020 - 8:15 م

نشر مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية مقالا للكاتبة أمانى الطويل تناولت فيه التأثيرات الداخلية والخارجية المحتملة بعد رفع السودان من على قائمة الإرهاب... نعرض منه ما يلى:

تتناول الكاتبة موضوع رفع اسم السودان من على قائمة الدول الراعية للإرهاب وحصولها على كامل حقوقها السيادية وتأثيره على أوضاعها الداخلية وموقعها فى الإقليم. فقد تم توظيف ملف العلاقات مع إسرائيل بشكل يضمن فاعلية وسرعة الإجراءات الأمريكية بشأن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد معاناة السودان من مراوغات أمريكية امتدت لأكثر من عقدين تقريبا فى هذا الملف، والتى كلفت السودان أثمانا سياسية واقتصادية باهظة منها تعاون استخبارى سودانى مع واشنطن بعد 11 سبتمبر 2001، سلمت فيه الخرطوم كل الملفات المتعلقة بالحركات والتنظيمات الراديكالية التى كانت لديها علاقة عضوية معها. وتقسيم السودان إلى دولتين الذى كان مقابل وعد أمريكى أيضا بأن يتم رفع اسم السودان من على «القائمة السوداء» بمجرد الموافقة على إجراء استفتاء حول حق تقرير المصير لجنوب السودان. ورغم الإطاحة بنظام البشير، لم تستجب واشنطن للطلبات السودانية، حيث تلقت الحكومة الانتقالية وعودا لم يتم تفعيلها حتى مع زيارة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لواشنطن لهذا الغرض تحديدا فى أعقاب توليه منصبه فى سبتمبر 2019.
ترى الكاتبة أن السودان استخدمت التطبيع كصفقة حاولت فيها توظيف رغبة واشنطن فى أن يتم الإعلان عنها قبل الانتخابات الأمريكية لدعم الموقف التصويتى لترامب... وفى هذا السياق، على الجانب الأمريكى، تعهد ترامب برفع اسم السودان من القائمة، وتحويل هذا التعهد إلى الكونجرس لاتخاذ الإجراءات المطلوبة، قبل إعلان السودان الموافقة على الدخول فى عملية إجرائية للوصول إلى اتفاق التطبيع مع إسرائيل، فضلا عن قيام صندوق النقد الدولى بالإعلان عن إمكانية خفض الديون السودانية، والبالغة 60 مليار دولار، وهو ما تم الإعلان عنه بالفعل فى خطوة لاحقة.
على الجانب السودانى، كان المطلوب تسديد تعويضات مالية للأمريكيين الذين تضرروا من عمليات إرهابية فى شرق أفريقيا فى منتصف عقد التسعينيات من القرن الماضى التى تدعى واشنطن أنها نُفذت بدعم من نظام البشير. وبالفعل، قامت السودان بالدفع المشروط بعدم صرف قيمة الشيك (351 مليون دولار) إلا بعد قرار الكونجرس برفع اسمها من على قائمة الدول الراعية للإرهاب. كما طلب رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بوصف الاتفاق مع إسرائيل بأنه «وقف للعدائيات»، وليس «تطبيعا»، وهى محاولة تبدو مرتبطة بالمعادلة السياسية الداخلية السودانية أكثر من أية سياقات أخرى.

وتستطرد الكاتبة قائلة أنه بالرغم من رفع اسم السودان من على قائمة الدول الراعية للإرهاب فى 14 ديسمبر الحالى، إلا أنها خطوة منقوصة بسبب التسويات النهائية لضحايا 11 سبتمبر 2001، حيث استلزمت هذه المسألة مفاوضات محتدمة فى الكونجرس الأمريكى لمنح السودان حصانة قانونية كدولة فى قضايا على صلة بالإرهاب، وبذلت ما يعرف بـ«روابط السودانيين فى واشنطن» جهودا كبيرة فى التفاوض مع رابطة من ضحايا هجمات 11 سبتمبر، والتى كانت ترفض مقترح وزارة الخارجية الأمريكية، الذى يحرم الضحايا، حسب رؤيتها، من «الحق فى ملاحقة السودان لدور سابق داعم لتنظيم القاعدة».
وتشير الكاتبة أنه من المتوقع أن تفرض التطورات الجديدة على صعيد العلاقات السودانية مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل تداعيات مباشرة على الأرض؛ فعلى صعيد الديون الخارجية، فإن نسبتها أعلى من الحدود الاسترشادية، حيث بلغت 166% من إجمالى الناتج المحلى. ولذلك ستكون أولوية الحكومة السودانية التفاوض مع أوروبا لخفض الديون وخاصة أن نادى باريس هو أهم الدائنين بنسبة 37% من نسبة الديون الكلية البالغة نحو 60 مليار دولار. وربما يدعم السودان فى هذه العملية التفاوضية أن أصل الدين الحقيقى يبلغ نحو17 مليار دولار فقط، فى حين أن 37 مليار منها عبارة عن فوائد وجزاءات بسبب العجز عن دفع هذه الديون فى موعدها.
وتدين السودان بمليارى دولار لصندوق النقد الدولى، وهو ما يجعل القروض هى الملف الأساسى فى علاقة السودان بكل من صندوق النقد الدولى والبنك الدولى فى هذه المرحلة، حيث من المنتظر أن تساهم القروض المطلوبة من جانب الحكومة السودانية فى تحجيم الانخفاض الحاد للعملة المحلية. ومن شأن هذه الخطوة أن تقلل من معدل التضخم وتدعم مستويات المعيشة للسودانيين. كما ستنعكس على قطاعات البنية التحتية المنهارة، ذلك أن الحكومة تطرح خططا لإقامة مشروعات ربط حديدى مع كل من إثيوبيا وتشاد لتسهيل عملية نقل البضائع والسلع إليهما من الموانئ السودانية، إضافة إلى الربط الحديدى بين مدينتى حلفا السودانية وأسوان المصرية، وهو مشروع يتوقع له أن يسهم فى زيادة معدلات حركة البضائع والركاب، ويوفر بالتالى فرص عمل على الصعيدين المصرى والسودانى.
أما على المستوى العسكرى، فتقول الكاتبة أنه سيكون متاحا للسودان تحديث قدراتها العسكرية، خصوصا بعد تضررها من فترة العقوبات، وحرمان السودان من الاستفادة من الكثير من أوجه التعاون العسكرى، لاسيما تلك التى تتعلق بالتدريب ونقل التكنولوجيا، وهو أمر له تأثير بالغ على مؤشرات القوات المسلحة السودانية على المستويين الإقليمى والعالمى.
على الصعيد الدولى، ترى الكاتبة أن تلك التداعيات ستثير قلق دول عديدة، وخاصة الصين التى رفعت مستوى العلاقات الثنائية مع السودان خلال العقدين الماضيين، بعد أن تبنت الأخيرة سياسة التوجه شرقا فى أعقاب فرض العقوبات الاقتصادية عليها، وهو ما عزز مكاسب وفرص الصين، خاصة فى الاستثمارات البترولية والتعدينية، وهى فرص يتوقع أن تشهد منافسة محتملة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية فى المرحلة القادمة..
فى المقابل، فإن هناك زيارة متوقعة لوزير الخزانة الأمريكى ستيفن منوتشين للخرطوم فى 6 يناير القادم سوف تركز على فك تجميد الأموال السودانية لدى الولايات المتحدة الأمريكية والتزامها بتوفير تسهيلات نقدية تفوق المليار دولار، بالتوازى مع إقدام بنك الاستيراد والتصدير الأمريكى على تقديم ضمانات للمستثمرين الأمريكيين لتوقيع صفقات فى السودان، والتى قد تصل إلى مليار دولار كخطوة أولى.
وفى الأخير تقول الكاتبة وفقا لهذا السياق أن السودان تبدو مقبلة على مرحلة جديدة سوف تشهد فيها تحولات مهمة عديدة، سواء على صعيد جهودها لمواجهة الأزمات الداخلية، أو على مستوى تفاعلاتها مع التطورات الطارئة على الساحة الإقليمية.

النص الأصلى

التعليقات