عبدالوهاب مطاوع: أنا فى عرض النبى - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 2:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عبدالوهاب مطاوع: أنا فى عرض النبى

نشر فى : الجمعة 26 أغسطس 2016 - 9:15 م | آخر تحديث : الجمعة 26 أغسطس 2016 - 9:15 م
كان متحرجا أن يخرج من بيته بملابس الإحرام التى تكشف معظم جسده، فقد تعود أن يلبس البدلة الكاملة دائما، ولكنه لم يجد مفرا من ذلك، وحينما خرج بزى الإحرام وجد الجميع يبتسمون فى وجهه ويهنئونه ويسألونه الدعاء، عجبا لذلك أشد العجب قائلا لنفسه: يا إلهى لماذا تشرق الوجوه حتى تراك بهذا الرداء البسيط وأنت شبه عار أمامهم، آه إنه سر من أسرار هذه الرحلة النورانية سوف تشعر به طوال الطريق.

سافر إلى معظم بلاد الدنيا، وكان واحدا ممن توزعت مشاعرهم على عدد كبير من الأماكن فى الكره الأرضية، وكان يشعر تجاه كل واحد منها بالشوق والحنين بدءًا من مدينته الصغيرة إلى كل مكان له فى ذكريات «.. لكن جوار الكعبة المشرفة لا يعادله جوار، أما الرحاب الطاهرة فى الحرم المدنى الشريف فهى قرة عينى».

هكذا تحدث المرحوم عبدالوهاب مطاوع الذى ما إن وقعت عيناه على الكعبة المشرفة حتى خانته صرامته المعهودة، فانسكبت دموعه بغزارة وفاضتا كأنهما غمامتان مثقلتان بالسحاب، وهو يعترف بأنها المرة الأولى فى حياته التى تذرف فيها دموعه، حتى أنه لم يتمالك نفسه لحظتها فغلبته أشواق الإيمان الكامنة بنفسه فجثا على قدميه وخر ساجدا لله.

فعندما لبى مطاوع نداء الحج الحبيب إلى القلوب «لبيك اللهم لبيك» شعر أن كل ما كان بينه وبين العالم القديم قد انقطع فى هذه اللحظة، فلم يعد زوجا ولا أبا ولا ابنا ولا صحفيا ولا كاتبا ولا صديقا لأحد، وإنما إنسان خائف من ربه ومولاه حتى الموت، تلقى نداءً سماويا بالسفر فأجاب النداء واجفا، وهتف باطنه مناجيا «لبيك إنى قادم إليك، مستجير بك من عذابك، طامع فى رحمتك، لم يعد لى أمل فى الحياة إلا أن تشملنى برحمتك، ويا ويليتى إن ضاقت عنى أو سدت فى وجهى أبوابها».

وحينما نظر مطاوع إلى الحرم المكى بكعبته المشرفة ومآذنه الرائعة تحشرج صوته بالتلبية ثم دعا «اللهم إن هذا الحرم حرمك والبلد بلدك والأمن أمنك والعبد عبدك، جئتك من بلدة بعيدة بذنوب كثيرة، أسالك مسألة المضطرين إليك المشفقين من عذابك أن تستقبلنى بمحض عفوك»، ثم اختنق صوته، وأكمل الدعاء.. «رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم».
لقد عبر عن هذه اللحظات بكلمات رائعة باكية ومبكية: «لقد فات وقت الإنكار.. الجميع هنا يقر بذنوبه التى يعلم عنها ربهم أكثر مما يعلمون هم عنها، فهل للإنسان وقتها إلا الأمل فى أن يتجاوز عما يعلم».

إنه شعور اللص الذى ضبط متلبسا بجريمته وأحاطت به الشرطة من كل مكان فلم يعد يجدى الإنكار أو التنصل من جريمته، وتعلق أمله الوحيد باسترحام معاقبيه، فهتف صارخا من الألم والضربات الموجعة «أنا فى عرض النبى».

لقد شعر عبدالوهاب مطاوع أنه اللص الذى ضبط بذنوبه كلها على مدى حياته فلم يعد يجدى معه الإنكار أو ادعاء البراءة.

هكذا شعر مطاوع أنه ذليل أمام العزيز سبحانه، ومذنب أمام الغفور الرحيم سبحانه، ومقصر فى جنب الله وغافل عن حضرة مولاه الحق سبحانه، إنها العبودية الحقة لله تعالى، والدوران الحقيقى حول المحبوب الأعظم سبحانه، والذى إذا فاض قلبك بحبه تفجرت فى قلبك كل المحاب الأخرى نحو الناس جميعا، فلا يتسع قلبك إلا للحب وتذهب الكراهية والبغضاء من قلبك ونفسك.

لا تعجب إنه عبدالوهاب مطاوع.. الإنسان الجميل الذى أحب الرب الجميل سبحانه ففاض على الكون بجماله الذى اقتبسه من جلال وجمال الله، رحم الله عبدالوهاب مطاوع، وسلم كل الحجيج، وغفر ذنوبهم، ويسر الحج لمن لم يحج.
التعليقات