لفظ الجلالة - سيد قاسم المصري - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:52 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لفظ الجلالة

نشر فى : الإثنين 27 يناير 2014 - 8:30 ص | آخر تحديث : الإثنين 27 يناير 2014 - 8:30 ص

فى عام 2007 أقامت جريدة الهرالة الماليزية التابعة للكنيسة الكاثوليكية والناطقة باللغة الماليزية دعوى ضد الحكومة تطالب فيها بإلغاء الأمر الإدارى الذى يقضى بتحريم استخدام الجريدة لكلمة «الله» عندما تشير إلى الرب أو الإله وقد استندت الحكومة فى تبرير قرارها بأن هذا اللفظ هو لفظ قرآنى خاص بالديانة الإسلامية ولا يصح استخدامه من قبل الأديان الأخرى.

وقد رفضت المحكمة هذه التبريرات استنادا إلى أنه مخالف للدستور ويتعارض مع حريات أساسية كفلها الدستور وهى حرية العبادة وحرية التعبير، إلا أن الحكومة استأنفت الحكم وجاء فى صالحها هذه المرة، وقد قال كبير القضاة فى حكمه الذى أصدره يوم 19 يناير الحالى أن لفظ «الله» هو لفظ عربى ارتبط بالعقيدة الإسلامية وانه لا يكون جزءا أساسيا من العقيدة المسيحية وإن المسيحيين إذا رغبوا فى تجنب استخدام الألفاظ الأجنبية فلديهم الكلمة الماليزية وهى كلمة «تاهون» التى تعنى الرب أو الإله.

ويقول المؤيدون للحكم أن استخدام المسيحيين لكلمة «الله» قد تسبب إرباكا لدى عامة المسلمين وقد تسهل تحولهم للديانة المسيحية فيما يرد المعارضون بأنه إذا كان الإسلام فى ماليزيا بهذه الهشاشة بحيث يخشى على المسلمين من تحولهم إلى المسيحية إذا استخدم المسيحيون كلمة الله فى خطابهم الدينى، فإن المسلمين فى ماليزيا لديهم مشكلة حقيقية، ويضيف المعارضون أن كلمة الله هى كلمة عربية سابقة على وجود الإسلام وان العرب كانوا يستخدمونها فى الجاهلية، وإن المسيحيين فى الشرق العربى يستخدمونها فى أناجيلهم وصلواتهم منذ قرون كما يستخدمونها فى حياتهم اليومية وقد استقرت الكلمة فى ثقافة العرب بغض النظر عن دياناتهم فتجد المسيحى العربى يقول إن شاء الله وبإذن الله بل ويقول بسم الله الرحمن الرحيم.. ولا يثير ذلك أدنى مشكلة لدى المسلمين والمسيحيين على السواء.

•••

وأود أن أضيف إلى إخوتنا الماليزيين الذين فجروا مشكلة جديرة بأن تنسب إلى عصر السلطان قراقوش وليس إلى القرن الحادى والعشرين أضيف لهم بأن الله سبحانه وتعالى عندما خاطب الأمة فى القرآن بقوله «إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربك فاعبدون» (الأنبياء).

لم يكن يعنى أتباع سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) فقط بل أتباع جميع الأنبياء والرسل، حيث جاء هذا الأمر بعد ذكر زكريا ويحيى وأيوب وأنبياء بنى إسرائيل وفى موضع آخر: «وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون» (سورة المؤمنون)، وجاءت أيضا هذه الآية بعد ذكر موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام.

•••

ويشكل المسلمون فى ماليزيا حوالى 60٪ من مجموع السكان بينما تبلغ نسبة المسيحيين حوالى 9٪ وهم يشكلون الأقلية الدينية الثالثة ويأتون بعد البوذيين الذين يشكلون الأقلية الثانية. والمعروف أن ماليزيا ملكية دستورية يتناوب الملك فيها دوريا أحد السلاطين التسعة الذين يحكمون اسميا السلطنات التى تتشكل منها الدولة، وبالرغم من أن سلطات الملك بروتوكولية واسمية فإنه اختار أن يتدخل فى هذه المشكلة الشائكة ويا ليته سكت، فقد قال السلطان عبدالحليم معظم شاه ملك ماليزيا فى تصريح له يوم 19 يناير الحالى تعليقا على حكم المحكمة وتأييدا له «إن الله يخص المسلمين فقط»!!، يا جلالة السلطان المعظم شاه ألم تقرأ أول آية فى المصحف التى تقول «الحمد لله رب العالمين».. رب العالمين وليس رب المسلمين فقط.. ألم تقرأ نداء القرآن الكريم إلى أهل الكتاب «إلهنا وإلهكم واحد»، ألم تعلم أن القرآن الكريم عندما يتحدث عن المسلمين فهو يعنى أتباع إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد والنبيين أجمعين لا نفرق بين أحد من رسله ونحن له مسلمون! حقا ليته سكت.. وليتكلم الأزهر الشريف، فإننى أناشد فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب سرعة تدارك الأمر الذى يخشى أن تتوالى تداعياته الخطيرة وتمتد إلى خارج حدود ماليزيا حيث التركيبة السكانية فى معظم دول جنوب شرق آسيا شديدة الشبه بتركيبة ماليزيا مع اختلاف النسب فقط، ويجب ألا ننسى أن غالبية مسلمى العالم هم من الآسيويين وأنه يوجد فى إندونيسيا وحدها ما يقرب من تعداد العالم العربى.

•••

أكرر مرة أخرى مناشدتى إلى الأزهر الشريف بإعلان موقف حاسم من هذه القضية التى سيعاد النظر فيها يوم 25 فبراير حيث طعنت الجريدة المسيحية فى الحكم أمام المحكمة الفيدرالية.. فمكانة الأزهر وكلمته لها قيمتها الكبرى فى هذه البلاد ويمكنها وأد هذه الفتنة الجديدة فى مهدها.

سيد قاسم المصري مساعد وزير الخارجية الأسبق
التعليقات