ملامح الخلافات بين وزير الخارجية والديمقراطيين بشأن سياسات ترامب - قضايا أمريكية - بوابة الشروق
الأربعاء 28 مايو 2025 12:13 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

ملامح الخلافات بين وزير الخارجية والديمقراطيين بشأن سياسات ترامب

نشر فى : الثلاثاء 27 مايو 2025 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 27 مايو 2025 - 8:05 م

 

فى إطار محاولاته للدفاع عن السياسات التى تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب منذ توليه السلطة، واجه وزير الخارجية ماركو روبيو جلسة استماع محتدمة أمام لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشيوخ الأمريكى، يوم 20 مايو 2025. وقد خُصصت الجلسة أساسًا لمناقشة طلب وزارة الخارجية زيادة فى ميزانيتها للعام المالى 2026، إلا أنها سرعان ما تحولت إلى ساحة جدل سياسى، حيث تعرض روبيو لسيل من الانتقادات الحادة من جانب أعضاء الحزب الديمقراطى، الذين استغلوا المناسبة لمهاجمة سياسات الإدارة فى عدد من الملفات الداخلية والخارجية المثيرة للجدل.

• • •

واجه وزير الخارجية ماركو روبيو خلال مثوله أمام لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشيوخ الأمريكى انتقادات حادة من عدد من الأعضاء الديمقراطيين، بسبب مجموعة من القضايا الخلافية المرتبطة بسياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب. وفيما يلى عرض لأبرز هذه القضايا، إلى جانب توضيح الكيفية التى دافع بها روبيو عن مواقف الإدارة الأمريكية فى كل منها:

1- انزعاج الديمقراطيين من قرار رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا: أثار قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، خلال زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط، برفع العقوبات المفروضة على سوريا، موجة انتقادات حادة من الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ.

وقد دافع وزير الخارجية ماركو روبيو عن القرار، موضحًا أن الهدف منه هو تجنب الانهيار المحتمل للدولة السورية، والذى قد يؤدى إلى اندلاع حرب أهلية شاملة تهدد استقرار الشرق الأوسط برمته. وأضاف أن الولايات المتحدة لم تكن الدولة الوحيدة التى بدأت فى تقديم الدعم لإعادة إعمار سوريا، داعيًا الكونجرس إلى إعادة النظر فى «قانون قيصر» لمنح الشعب السورى فرصة اقتصادية حقيقية تساعده على التعافى والاستقرار.

2- غضب ديمقراطى من منح إدارة «ترامب» إسرائيل دعمًا غير مشروط: من بين القضايا الخلافية التى واجه بسببها وزير الخارجية ماركو روبيو انتقادات حادة خلال شهادته، موقف إدارة الرئيس دونالد ترامب من الحرب الإسرائيلية الجارية فى قطاع غزة. فقد اعتبر عدد من أعضاء الحزب الديمقراطى أن الإدارة منحت إسرائيل دعمًا عسكريًا ودبلوماسيًا غير مشروط، وهو ما اعتبروه بمثابة ضوء أخضر لاستمرار استخدام القوة المفرطة ضد القطاع.

وفى المقابل، دافع روبيو عن موقف الإدارة، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تسعى إلى تحقيق توازن بين دعمها لحليفتها إسرائيل، والضغط من أجل حماية المدنيين الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن الهدف الرئيسى للإدارة هو إنهاء الحرب الخامسة فى غزة بشكل سريع وإنسانى.

3- التشكيك فى جدية تعهد «ترامب» بإنهاء الحرب الأوكرانية: أبدى الديمقراطيون اعتراضهم على موقف الإدارة الأمريكية تجاه الأزمة الأوكرانية، إذ اعتبروا أن الرئيس دونالد ترامب نكث بوعدٍ قطعه خلال حملته الانتخابية، حين تعهد بإنهاء الحرب خلال 24 ساعة من توليه المنصب، وهو ما لم يتحقق حتى الآن. كما انتقدوا بشدة قرار الإدارة بتقليص الدعم العسكرى الموجه إلى كييف، معتبرين أن ذلك يُضعف قدرة أوكرانيا على الدفاع عن أراضيها، وفى المقابل يشجع روسيا على مواصلة التصعيد.

ورأى عدد من الأعضاء الديمقراطيين أن هذا النهج يعكس تخلى الولايات المتحدة عن القيم التى لطالما دافعت عنها، وفى مقدمتها «دعم الأنظمة الديمقراطية فى مواجهة الاستبداد»، فضلًا عن أنه يُضعف مصداقية واشنطن أمام حلفائها، ويقوض ثقة شركائها فى حلف الناتو، ويهدد استقرار الأمن الأوروبى. وفى المقابل، دافع وزير الخارجية ماركو روبيو عن موقف الإدارة، مشيرًا إلى أن الرئيس ترامب يبذل جهودًا حثيثة للتوصل إلى تسوية شاملة ودائمة بين الطرفين، بدلًا من اللجوء إلى حلول مؤقتة لا تعالج جذور النزاع.

4- رفض ديمقراطى لنهج إدارة ترامب التصعيدى تجاه إيران: من بين القضايا الخلافية التى أثارت جدلًا واسعًا بين الديمقراطيين ووزير الخارجية ماركو روبيو، الموقف من الملف النووى الإيرانى. فقد أعرب عدد من أعضاء الحزب الديمقراطى عن استمرار رفضهم لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى الذى أُبرم عام 2015، معتبرين أن قرار الانسحاب لا يزال يشكل خطأً استراتيجيًا كبيرًا، لأنه قوّض اتفاقًا كان فعليًا يحد من قدرة إيران على تطوير سلاح نووى. كما انتقدوا استراتيجية «الضغوط القصوى» التى انتهجتها الإدارة لاحقًا، معتبرين أنها لم تقدم بديلًا دبلوماسيًا حقيقيًا، وقد تؤدى إلى نتائج عكسية تضر بالمصالح الأمريكية.

وفى المقابل، دافع روبيو عن هذا التوجه، مؤكدًا أن اتفاق 2015 كان ضعيفًا وفاشلًا، ولم يمنع إيران من امتلاك القدرة النووية، بل أجلها فقط. واعتبر أن استراتيجية الضغوط القصوى قد أسهمت فى تقليص قدرة طهران على تمويل الميليشيات الإقليمية، مثل حزب الله والحوثيين، وأنها تمثل الوسيلة الفعالة الوحيدة التى يمكن أن تجبر إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات بشروط أكثر صرامة، بما يحقق مصالح الولايات المتحدة وأمن حلفائها.

5- انتقادات لتعليق إدارة ترامب برنامج قبول اللاجئين: وجّه أيضًا عدد من الأعضاء الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ انتقادات حادة لوزير الخارجية ماركو روبيو خلال الجلسة، بسبب قرار تعليق برنامج قبول اللاجئين، وهو البرنامج الذى رأوا أنه يمثل شريان حياة للفئات الأكثر ضعفًا فى العالم. واعتبر الديمقراطيون أن هذا القرار يعكس تراجعًا خطيرًا عن الدور الإنسانى الذى لطالما اضطلعت به الولايات المتحدة، ويحرم الآلاف من الحماية فى ظل تصاعد الأزمات العالمية.

فى سياق متصل، هاجم السيناتور الديمقراطى عن ولاية فرجينيا، تيم كين، ما وصفه بازدواجية المعايير فى سياسات اللجوء، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية استقبلت نحو 49 لاجئًا بيض البشرة من جنوب أفريقيا، بدعوى تعرضهم للتمييز، فى حين تم تعليق استقبال لاجئين من دول تشهد نزاعات دموية مثل كوبا وفنزويلا وأفغانستان. ورأى كين أن الإدارة فضلت خلفيات عرقية معينة، فى تجاهل صارخ للمعايير الإنسانية التى ينبغى أن تحكم قرارات القبول. ومن جانبه، دافع روبيو عن قرار ترامب، موضحًا أن الحالات التى تم قبولها لا تُقارن ببرنامج اللاجئين التقليدى، بل خضعت لتقديرات قانونية خاصة، ترتبط بظروف مختلفة عن المعتاد.

6- جدل واسع حول إلغاء تأشيرات طلاب أجانب لأسباب سياسية: أعرب الديمقراطيون خلال الجلسة عن اعتراضهم على السياسة التى تتبعها إدارة ترامب، والتى اعتبروها تقويضًا لحرية التعبير المكفولة بموجب القانون والدستور الأمريكى. وركز السيناتور الديمقراطى عن ولاية ماريلاند، كريس فان هولن، على حالة الطالبة التركية رميساء أوزتورك، طالبة الدكتوراه فى جامعة تافتس بولاية ماساتشوستس، والتى تم إلغاء تأشيرتها واحتجازها بعد مشاركتها فى كتابة مقال رأى فى صحيفة الجامعة بشأن الحرب فى غزة، رغم أنها لم تتضمن أى مضمون معادٍ للسامية.

وأوضح فان هولن أن الإدارة بررت قرارها باتهام أوزتورك بدعم حركة حماس، معتبرًا أن هذا النهج يمثل اعتداءً صريحًا على حرية التعبير الأكاديمى. كما أشار إلى وجود أكثر من 300 طالب أجنبى آخر تم إلغاء تأشيراتهم لأسباب مشابهة، مما يعكس، بحسب قوله، نمطًا مقلقًا فى تسييس نظام التأشيرات. وفى المقابل، دافع وزير الخارجية ماركو روبيو عن سياسات الإدارة، مؤكدًا أن التأشيرة تُعد امتيازًا وليس حقًا، وأن إلغاء عدد كبير من التأشيرات، خصوصًا للطلاب المشاركين فى احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين، كان ضروريًا لحماية الأمن القومى للولايات المتحدة.

• • •

ختامًا، يتضح أن جلسة استماع وزير الخارجية الأمريكى ماركو روبيو أمام لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشيوخ، التى خُصصت رسميًا لمناقشة طلب زيادة ميزانية وزارة الخارجية لعام 2026، تحولت فعليًا إلى ساحة دفاع سياسى عن الرئيس دونالد ترامب وسياساته، سواء فى الشأن الداخلى أو الخارجى. ولم تقتصر الجلسة على المسائل التقنية أو المالية، بل انحرفت عن مسارها الأصلى لتكشف حجم الانقسام الحاد داخل المشهد السياسى الأمريكى، ومدى الاستقطاب الحزبى حول شعبية الرئيس وأداء إدارته.

 

نريمان عبدالفضيل

 

موقع إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

 

النص الأصلي

 

قضايا أمريكية قضايا أمريكية
التعليقات