تناقضات السياسة الخارجية الصينية - العالم يفكر - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 6:07 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تناقضات السياسة الخارجية الصينية

نشر فى : الجمعة 27 ديسمبر 2013 - 7:50 ص | آخر تحديث : الجمعة 27 ديسمبر 2013 - 7:50 ص

كتب دوجلاس هـ. بال مقالا نشر على موقع مركز كارنيجى للدراسات الآسيوية، تحدث خلاله عن مساعى الصين لشن حملة إغراءات لكسب ود جيرانها والاحتفاظ معهم بعلاقات وطيدة لتأمين مراميها الإقليمية، وهو تناقض فى السياسة الخارجية الصينية سيكلفها الكثير.

يقول الكاتب إن القيادة الصينية دفنت موعظة الرئيس الأسبق، دينج شياو بينج معه؛ فقد دفعت القيادة الجديدة بدبلوماسية أكثر نشاطا فى المناطق المحيطة، حيث أبدا الرئيس شى جين بينغ ثقة بالنفس بدت أنها تناسب المزاج العام الصينى، تعتمد على تجديد الشعور بالقومية وتأكيد الذات. إلا أن هذا التطور لقى ترحابا حذرا فى العديد من العواصم المجاورة، لا سيما طوكيو ومانيلا.

بالنظر إلى هذه التصريحات، فإن هذه الأفعال تنذر بنشاط قوى للصين، يمكنها من نشر ثروتها الحديثة ونفوذها لضمان بيئة طرفية مستقرة.

لقد صنف خطاب شى المساعدات الاقتصادية، التجارة، العلاقات العلمية، التكنولوجية، المالية، والعامة كأدوات دبلوماسية لاستراتيجية الصين الإقليمية. إلا أن البيانات الصحفية الرسمية أغفلت قضايا حساسة عادة ما تكون على جدول الأعمال؛ مثل النزاعات الإقليمية على الأراضى، أو تحديد منطقة دفاع جوى على بحر الصين الشرقى. كما أشار مؤتمر الدبلوماسية الطرفية لما تنوى عليه الصين، فقد قام تشى بأربع زيارات لأربع دول فى وسط آسيا، توقف خلالها فى كازاخستان، حيث دعا إلى تدشين «طريق الحرير الجديد» ولكن بمزيد من الدعم للبنية التحتية وهو ما لقى ترحيبا واسعا.

لقد كان إعلان بنك البنية التحتية لرابطة دول جنوب شرق آسيا أمرا غاية فى الأهمية، حيث يسعى إلى قيام الأصول الصينية بتمويل مشروعات البنية التحتية، لدمج الصين فى أسواق جنوب شرق آسيا. وتسعى بكين إلى إعادة قبولها إقليميا من خلال المساهمات الاسمية مع جملة مساهمى دول جنوب شرق آسيا فى رأسمال البنك. وسيظهر أهمية التأثيرات الاقتصادية والقوة الناعمة طويلة الأمد فى هذا السياق، إذا ما تم تنفيذ ما ترمى إليه بكين.

•••

ويضيف بال أنه بعد أشهر من الإعلام السلبى المتواصل عن اليابان فى الإعلام الصينى، استضافت الصين المنتدى الصينى اليابانى التاسع، وقد حظى المؤتمر بتغطية إعلامية إيجابية، دفعت العديد من المشاركين اليابان للمشاركة بإيجابية.

بالرغم من النتائج السلبية التى أفرزتها استطلاعات الرأى اليابانية بشأن الصين، منذ النزاع المشترك على جزر سينكاكو/ دياأويو وإعلان بحر الصين الشرقى 23 نوفمبر، إلا أن الصين تسعى إلى تحسين علاقتها بالشعب اليابانى، وعزل الحكومة اليابانية والضغط عليها للاعتراف بوجود نزاع على الجزر.

كذا الحال فى علاقة الصين بالفلبين، فقد استبعدت الصين الرئيس الفلبينى من مؤتمر اقليمى كانت تستضيفه، بسبب الشواطئ الضحلة المتنازع عليها بين البلدين، إضافة إلى محاولات مانيلا الناجحة لبحث النزاع أمام محكمة الأمم المتحدة المعنية بقانون البحار.

ومع ذلك، فقد شاركت الصين، وإن كان على استحياء فى الإغاثة الإنسانية لمنكوبى إعصار يولاندا جنوب الفلبين، وأرسلت إليهم سفينة السلام للمساعدة فى ذلك.

•••

ويرى الكاتب أن تعاظم ادعاءات الصين بشأن سواحلها وجزرها البحرية يعد من أهم ما تمخض عنه مؤتمر الدبلوماسية الطرفية. فقد أعطى المؤتمر الموافقة النهائية لتحديد منطقة دفاع جوى فوق بحر الصين الشرقى، وربما دشن نفس المنطقة حيال بحرى الصين الجنوبى والشرقى.

لقد برز المفهوم لأول مرة فى 2008، وحاز تأييدا نتيجة لمزاعم اليابان المتزايدة بشأن اختراق الصين لمنطقة الدفاع الجوى الخاصة بها، وهو ما دفع العديد من الصينيين لبحث سبل التكافؤ مع اليابان. وإزاء إعلان اليابان إسقاطها طائرات صينية بدون طيار فوق الجزر المعنية، فقد تدعم تحرك الصين لإعلان المنطقة: صينية.

فى ضوء التوجهات الإيجابية التى دشنها مؤتمر دبلوماسية الأطراف، تبدو مسألة فرض الصين لمنطقة دفاع جوى خرقا واضحا لتعهداتها إزاء جيرانها. لقد بدت التحذيرات شديدة اللهجة، كما كان لرد الفعل السلبى من قبل الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية، واستراليا، بالإضافة إلى انزعاج عدد من جيران الصين، أثرا فى دفع الصين لإعلان سلسلة تصريحات تطمينية.

•••

ويرى بال أن تبنى الصين لسياسة تسعى إلى تحسين علاقتها بجيرانها، تفرض نوعا من المنافسة على مناطق النفوذ، وقد بدأت الصين فى تبنى هذه الأجندة ما بين 1998 و2008 بنجاح معقول، لا سيما فى جنوب شرق آسيا.

بعد دورة الألعاب الأوليمبية بالصين 2008 والأزمة الاقتصادية العالمية، أصبحت الصين أكثر شراسة وصراحة فى دعم تطلعاتها الإقليمية، لا سيما الجزر المتنازع عليها مع فيتنام فى بحر الصين الجنوبى.

عكس ما هو سائد فى دول جنوب شرق آسيا، حيث يلعب انخفاض مستوى التسليح دورا هاما فى لجوء هذه الدول إلى التهدئة مع الصين، يأتى شمال شرق آسيا، الذى تتمتع دوله بنظم تسليح وإمكانات مكافئة للصين، أكثر استعداد للمخاطرة.

إذا ما استمرت الصين فى نهجها المتبع مع اليابان لإجبار الأخيرة على الاعتراف بالنزاع على الجزر، فلن تقبل الإرادة السياسية فى اليابان ذلك، وستبدأ فى استدعاء معاهدة الأمن والتعاون المتبادل بينها وبين الولايات المتحدة.

•••

لابد من إقامة توازن دقيق بين العند والقدرة على اتخاذ ردود أفعال أحادية لتغيير الوضع الراهن، ومنع تطوره إلى نزاع مسلح كان يمكن تفاديه. ينبغى أن تقوم إدارة أوباما باتخاذ خطوات واضحة تجاه عدم الاعتراف بتحديد الصين منطقة دفاع جوى، ويمكن ذلك من خلال التنسيق مع إدارة الطيران الفيدرالية بشأن خطوط الطيران المدنية التى تضمر قبولا بتحديد منطقة دفاع جوى جديدة. كما يتعين على الولايات المتحدة الإصرار على حرية الملاحة، والتأكيد على أن تحديد الصين لهذه المنطقة لا يترتب عليه أى من أعمال السيادة.

ويتعين على الولايات المتحدة وشركائها زيادة نشر قواتها فى الجزر المتنازع عليها، لتخفيف الشعور الصينى بتقلص الوجود الأمريكى بها. كما ينبغى أيضا مقاومة سحر الدبلوماسية الصينية من خلال طرق تقليدية وخلاقة، كالمبادرات متعددة الأطراف فى مجالات كالصحة العامة. على الولايات المتحدة تعميق وتوسيع وإحياء التفاعلات العسكرية الحديثة بينها وبين الصين.

وأخيرا يتعين السعى بهدوء لإعلام الصين أن إعلانها المفاجئ منطقة دفاع جوى كان خطأ مكلفا للغاية. كما يتعين إخبارها أن النفوذ الامريكى لم ينته من مناطق شرق الصين. واختتم الكاتب مقاله بالقول «ولتعلم الصين أنها ليست معادلة صفرية».

التعليقات