ذهب المعابد لدعم الاقتصاد الهندى - العالم يفكر - بوابة الشروق
السبت 14 ديسمبر 2024 8:58 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ذهب المعابد لدعم الاقتصاد الهندى

نشر فى : الثلاثاء 28 أبريل 2015 - 9:25 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 28 أبريل 2015 - 9:25 ص

نشر موقع يوريشيا ريفيو مقالا للكاتب بى.كيه. جواتام حول العجز الذى يمر به الاقتصاد الهندى فى ميزانه التجارى نتيجة زيادة الطلب واستيراد الذهب من الخارج وهو الأمر الذى يضغط بشكل ما على احتياطى النقد الأجنبى، داعيا المعابد الهندية كمستهلك رئيسى لسلعة الذهب بالتبرع للحكومة كحل لخفض العجز.

ويبين جواتام فى بداية مقاله أنه مع إقبال المواطنين على اقتناء الذهب تستورد الهند نحو 800 إلى ألف طن سنويا من هذا المعدن النفيس. وتعتبر هذه الواردات سببا رئيسيا من أسباب الاختلال المزمن للميزان التجارى فى البلاد. وتضم العديد من المعابد الهندية وأماكن العبادة والحج كميات كبيرة من الذهب، تراكمت من التبرعات بالمجوهرات والذهب والسبائك والعملات على مر القرون، ويتم الاحتفاظ بها فى خزائن المعابد الآمنة. وبالإضافة إلى ذلك، هناك كميات كبيرة من الذهب يحتفظ بها الأفراد والأسر.

ويشير جواتام إلى تقارير وسائل الإعلام موضحا أن الحكومة تخطط لإطلاق برنامج فى مايو المقبل من شأنه تشجيع المعابد على إيداع الذهب لدى البنوك فى مقابل مدفوعات الفائدة. كما تفكر أيضا فى تمديد هذا البرنامج ليشمل الأفراد والأسر الذين يقتنون ما يقدر بنحو 17 ألف طن من الذهب. وتتمثل الفكرة فى أن انخفاض واردات الذهب نتيجة لذلك، سوف يخفف الضغط على احتياطى النقد الأجنبى ويساهم فى تصحيح الميزان التجارى.

•••

ويوضح جواتام أنه من المعروف أن هناك جانبين للطلب الهندى على الذهب. أولا، ارتباط ميل الهنود لاقتناء الذهب بأسباب اجتماعية واقتصادية أكثر بكثير من الأسباب الدينية. ثانيا، يقدم عدد كبير من المصلين قرابين الذهب للآلهة. وتتسم طبيعة كل من الجانبين بالحساسية. ولذلك، ستكون هناك حاجة إلى قدر كبير من التوعية العامة من أجل تحفيز وإقناع الناس على المشاركة فى هذا البرنامج. وبعبارة أخرى، على الحكومة التفكير فى طريقة لتحفيز أمناء المعابد والمواطنين على إيداع الذهب فى البنوك. وكانت خطة مماثلة قد طرحت فى عام 1999، ولكنها لم تفلح لأن الحافز فى شكل الفوائد المقدمة كان منخفضا للغاية.

ويؤكد جواتام هنا على أهمية كتاب أرثاشاسترا كوتيلا، كمرشد للتعاليم الدينية التى تعتبر دليلا للإدارة الداخلية والخارجية للدولة. حيث تظل صناعة الحكم، وصناعة الحرب والحماية واستخراج الموارد، الأنشطة الرئيسية للدولة، ويركز كوتيلا على هذه الأنشطة الأساسية. وفى هذا الصدد، بدأ بتحديد العناصر التى تشكل الدولة وفق نظريته الشهيرة «سابتانجا» أو مقومات الدولة السبعة «براكريت». ويشرح جواتام ترتيب هذه العناصر حيث تصنف بحسب الأولويات: سافمين (الملك أو الحاكم)، أماياتا (الجسد من الوزراء وهيكل الإدارة)، وجانا بادا / راسترا (الأراضى بما فى ذلك الأراضى الزراعية والمناجم والغابات والمراعى وموارد المياه ونظام الاتصالات للتجارة )، ودورجا / بورا (معقل القوة)، وكوشا (الثروة)، داندا / بالا (الجيش) وميترا (الحليف).

ثم يستمر كوتيلا فى تفصيل الحاجة لرعاية هذه العناصر. والمهم أنه يحذر من أن الكوارث قد تؤثر على هذه العناصر ويشرح بالتفصيل مختلف المصائب فى هذا الصدد.

وكان الذهب، مثلما هو الآن، مقياسا لثروة الدولة. ويقول كوتيلا إن الثروة أكثر أهمية من الجيش (داندا / بالا). حيث لا يمكن إنشاء الجيش والحفاظ عليه إلا مع وجود خزانة مملوءة جيدا. ويوضح أكثر قائلا«فى غياب الثروة، ينتقل الجيش إلى العدو أو يقتل الملوك. وتضمن الثروة «نجاح» كل المساعى، وهو وسيلة القيام بأعمال التقوى (دارما) والمتعة الحسية (كاما). «وتظهر هذه المقاطع من أرثاشاسترا أهمية الثروة فى تنفيذ خطط الدولة. ووفقا للمفهوم الحديث، يمكن أن تترجم الخزينة المملوءة جيدا إلى اقتصاد صحى وحيوى.

ويبرز جواتام ما طرح كو تيلا هيكلا واصفا إياه بوضوح القدرة الناجمة عن الجمع بين الثروة والجيش معا فى السياق العام لسلطة الدولة وقدرتها على تحقيق أهدافها وضمان الأمن. وهى مفاهيم لا تختلف عن مفاهيم اليوم.

ففى الخطاب المعاصر، يعتبر وجود اقتصاد قوى وحيوى شرطا أساسيا لقوة الدولة. ويعتبر الحفاظ على التوازن المالى واحتياطى النقد الأجنبى مهما فى هذا الصدد.

وبالنسبة للأساليب المقترحة لتحسين الصحة المالية للدولة، يرى كوتيلا أنه عندما تنضب الخزينة، ينبغى تضافر الجهود اللازمة لتجديد موارده. حتى إنه يوصى باتخاذ تدابير استثنائية فى حالات الطوارئ. وتشمل التدابير: زيادة الرسوم والضرائب العادية فى أوقات الحرب أو الكوارث. وطلب تبرعات لمشاريع محددة؛ ومطالبة الأغنياء بالدفع وفقا لإمكانياتهم وفى المقابل منحهم الألقاب والأوسمة الأخرى.

وهذه كلها مطالب منفتحة يتقدم بها الحاكم إلى رعاياه. ولكن فى جزء لاحق من نفس الفصل، يصف أرثاشاسترا كوتيلا عددا من الطرق ليست بهذ الانفتاح ومعظمها مشكوك فيه لتجديد موارد الخزينة؛ أولها الاستيلاء على ممتلكات المعابد بالتواطؤ مع أمناء المعابد الذين يبررون ذلك بالقول أنها قد حرقت أو ضاعت. ثانيا، ينبغى تنظيم احتفالات ومعارض على شرف معجزات الآلهة لتوفير مصدر دخل للدولة. ووصف عدد من السبل التى يمكن عن طريقها استغلال السذج من المواطنين. وثالثا: دفع عملاء سريين متنكرين فى زى تجار لتلقى الودائع أو القروض على نطاق واسع، ثم سرقتها كلها ليلا. وهناك تدابير أخرى موصى باستخدامها فقط ضد أولئك المشتبه فى أنهم خونة، وليس المواطنين العاديين. على سبيل المثال، قد تصادر الممتلكات فى بعض الجرائم الخطيرة التى يتورط فيها وكلاء الدولة.

•••

ويتساءل جواتام فى النهاية عما يجب استخلاصه من هذا الدليل الهندى القديم الثرى عن فن الحكم. ويجيب بأنه أولا، أن فكرة الاستيلاء على الذهب والممتلكات غير المستخدمة فى المعابد ليست جديدة. وهناك فائدة واضحة لهذه التدابير فى تعبئة احتياطيات الدولة، مع تعديل المفاهيم بحيث تناسب العصر الحديث. ولا يعارض الدستور حصول الدولة على الذهب من المواطنين فى أوقات الأزمات. وقد تبرع العديد من المواطنين بالذهب طوعا فى حرب عام 1962.

ويؤكد جواتام أنه يجب على الحكومة التفكير فى محفزات أفضل لتشجيع المعابد والمواطنين على إيداع الذهب فى البنوك. ففى حين لا يقدم أرثاشاسترا حلولا جاهزة فى هذا الصدد، وخاصة بالنظر إلى اختلاف الوضع الحديث، فإن تسليط الضوء على أهمية تحفيز المواطنين والمؤسسات لدفع جزء مع أموالهم من أجل الأهداف الأكبر الخاصة بتقوية الدولة. ولا ينبغى أن ننسى أن الدولة الحديثة، بل والدولة الديمقراطية الحديثة، هى التعبير عن الإرادة الجماعية للشعب.

ولذلك ينبغى أن يكون المبدأ التوجيهى ولذلك ينبغى معرفة: هل سيسعد بهذا المخطط؟ وهكذا لن يحقق البرنامج أى نجاح إلا بالتعرف بدقة على ردود الفعل على البرنامج. وينبغى أن تكون رسالة كوتيلا التمهيدية فى قواعد الملك، الدليل النهائى فى هذا الصدد: «تكمن سعادة الملك فى سعادة الرعية، وما يعود بالنفع على الرعية سيكون فيه مصلحة الملك الخاصة».

التعليقات