قصة الجنرال المنفلت - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 8:30 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قصة الجنرال المنفلت

نشر فى : الإثنين 28 يونيو 2010 - 10:06 ص | آخر تحديث : الإثنين 28 يونيو 2010 - 10:06 ص

 مقال فى صحيفة أمريكية تضمن حوارا جريئا مع الجنرال ماكريستال قائد القوات الأمريكية وقوات حلف الأطلنطى فى أفغانستان، أدى إلى الإطاحة بالجنرال. وكشف عن عمق الأزمة فى الإدارة الأمريكية.. وقد يكون هو الإرهاصة الأولى للانسحاب من أفغانستان.

تكرارا للسيناريو الذى أدى إلى انسحاب أمريكا من فيتنام. وهو السيناريو الذى تعهد أوباما فى برنامجه الانتخابى بألا يعرض القوات الأمريكية لمثله فى أفغانستان.

وكما كان الحال عندما شنت أمريكا حربها على العراق، يقف العالم العربى والإسلامى مسلوبا وهو يتفرج على الحرب فى أفغانستان. ولا تبدو ثمة علاقة إنسانية أو دينية تدعو للتعاطف إزاء المذابح والمآسى التى يتعرض لها شعب مسلم يقف وحيدا أمام أكبر قوة فى العالم، لم تنجح حتى الآن فى كسر مقاومته.. شعب فقير لا يملك من مفاتيح الحضارة والمدنية شيئا. ثروته الوحيدة هى الأفيون الذى يزرعه ويتاجر فيه كل فرد من رئيس الدولة إلى أفقر الفقراء. وسلاحه هو ما يستولى عليه من غاصبيه من جيوش الأطلنطى.


تبدو مأساة أفغانستان التى لا نحس بها بالرغم من أننا غارقون فى مشكلات ليست منقطعة الصلة، أمر لا يصدقه عقل. تدور رحاها منذ قررت حكومة بوش أن مرتكبى ومدبرى تفجيرات سبتمبر فى نيويورك وواشنطن ينتمون إلى تنظيم القاعدة الذى نشأ فى أحضان طالبان بقيادة بن لادن. ولم يعد أحد يذكر بن لادن بل بات التركيز على سحق شعب بأكمله، اعتبره الغرب حاضنا للشر والإرهاب. ويمثل خطرا على أمريكيا وحضارتها.

خلال هذه السنوات التى هيأت فيها أمريكا نفسها للخروج من العراق، وإن لم تخرج حتى الآن، لكى تتفرغ بكامل إمكانياتها فى القضاء على جذور الإرهاب فى أفغانستان، تغيرت خطط الحرب الأمريكية عدة مرات. واستقر رأى أوباما أخيرا على إستراتيجية تقوم على زيادة عدد القوات الأمريكية ثلاثين ألف جندى.

على أساس أن تنتهى الحرب بالتفاوض مع المعتدلين بعد القضاء على تنظيمات القاعدة. ليتم انسحاب القوات الأمريكية المقدر له فى يوليو 2011.


وكان اختيار الجنرال ماكريستال فى حينه على أنه من أنبغ العسكريين فى «العمليات الخاصة». التى حقق فيها مهارة فائقة فى العراق. استخدمت فيها أحط الأساليب المبتكرة فى القتل والتجسس والاستهداف المحسوب لقيادات القاعدة وعائلاتهم.

إلى جانب السعى لإقامة علاقات ودية مع القبائل. وأيدت هذه الإستراتيجية فكرة التفاهم مع كرزاى الذى كان الرئيس أوباما يعتبره جزءا من منظومة الفساد ولا جدوى من التعاون معه.ولكن يبدو أن هذه الاستراتيجية باءت بالفشل وقد عارضها المستشارون المدنيون فى البيت الأبيض. وكان لابد من كبش فداء يعلق الفشل على رقبته.

فسارع ماكريستال إلى اتهام المدنيين المحيطين بالرئيس أوباما، وعلى رأسهم جو بايدن نائب الرئيس بالغباء وعدم القدرة على استيعاب الموقف. وكاد الجنرال المنفلت أن يلصق التهمة نفسها بالرئيس.وتبدو القصة مثيرة حين تفجرت الفضائح، التى تكشف فيها عن أن القوات الأمريكية كانت تطلب الحماية من أمراء الحرب الأنفاق، الذين كانوا يقتسمون الثمن مع طالبان.

تتحول الحرب فى أفغانستان حاليا إلى معمعة تزداد تعقيدا. خصوصا بعد أن أزيح الستار عن الدوافع الحقيقية لتكالب دول الأطلنطى على نيل جزء من كعكة الثروات المعدنية الهائلة التى اكتشفت أخيرا.. وكان الرئيس الألمانى كوهلر الذى اضطر للاستقالة من منصبه هو أول من أفشى الحقيقة. وقد سارع أوباما إلى تعيين الجنرال بترايوس الذى قاد حرب العراق بنجاح نسبى، فى محاولة لإنقاذ الموقف.

خصوصا أن تزايد الخسائر فى الأرواح بين الجنود الأمريكيين والبريطانيين، وإعلان بعض الدول الأوروبية عن رغبتها فى سحب قواتها بسبب ضغوط الأزمة المالية والاقتصادية.. كل ذلك إلى جانب الأزمات الأخرى ــ يضع أوباما فى أسوأ حالاته!


سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات