مواسم الأرق! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:20 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مواسم الأرق!

نشر فى : الجمعة 28 أكتوبر 2022 - 6:45 م | آخر تحديث : الجمعة 28 أكتوبر 2022 - 6:45 م

مرت على مصر خلال السنوات العشر المنصرمة، مواسم عديدة من الأرق والخوف والقلق، لكن ما تشهده البلاد الآن يبدو مختلفا إلى حد كبير، وأكثر حدة وقسوة، جراء عمق الأزمة الاقتصادية الراهنة التى تهدد الوطن، وغياب الرؤى الموضوعية للخروج من نفقها المظلم.
موسم الأرق الراهن الذى يشعر به الجميع، سواء من يجلسون على مقاعد السلطة أو حتى المواطنون العاديون، له مبرراته وأسبابه الوجيهة والمنطقية بالطبع، ويأتى فى مقدمتها، الوضع الاقتصادى الصعب وأرقام الديون الخارجية التى تخطت «الحدود الآمنة» بالنسبة للصادرات من السلع، وكذلك خدمة الدين للصادرات والسلع، وفق تصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولى خلال المؤتمر الاقتصادى الأول الذى عقد فى العاصمة الإدارية الأسبوع الماضى.
حالة الأرق هذه تأتى فى وقت صعب للغاية، حيث اتفقت الحكومة مع صندوق النقد على برنامج جديد للإصلاح، تحصل بموجبه على قروض تصل إلى 9 مليارات دولار، لكن هذه المرة وفق شروط شديدة الصعوبة، أهمها تحرير سعر صرف الجنيه، وهو ما يعنى مباشرة زيادة حادة فى أسعار جميع السلع التى يتم استيراد معظمها من الخارج، فى حين لم يتعافَ المواطنون بعد من ندبات وكدمات وجروح البرنامج الأول الذى تم التوصل إليه قبل ست سنوات، وهز بعنف مناعة جسدهم الهزيل، وجعل مقاومتهم أضعف كثيرا عن ذى قبل، وعمق لديهم الشعور بالعجز والعوز وضيق ذات اليد وعدم القدرة على مواجهة متطلبات الحياة التى تزداد صعوبة يوما بعد يوم.
ما يزيد كذلك من حدة موسم الأرق الراهن، الدعوات الغامضة التى تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعى للتظاهر يوم 11 نوفمبر المقبل، خشية أن تجد أرضا خصبة لدى فئات يرتفع منسوب غضبها من الوضع الاقتصادى الصعب.
الإعلام المؤيد للحكومة، يساهم من دون أن يقصد فى ترسيخ حالة الأرق بين المواطنين، بالإكثار فى عرض ما يراه إنجازات متمثلة فى كبارى وطرق وأبراج شاهقة، والتباهى بذلك تحت لافتة «كنا فين وبقينا فين»، والتحذير من مخاطر الانسياق وراء الشائعات التى تستهدف التشكيك فى قدرات الدولة وخلق رأى عام مناهض لها، وهو ما يعتبره البعض مغالاة ليست فى محلها، ورسائل موجهة غير موضوعية، قد تأتى بأثر عكسى على المواطنين الذين يأنون من الأزمة الطاحنة التى تواجهها البلاد.
أيضا ما يعمق حالة القلق والخوف، ظهور شخصيات قديمة على مسرح الأحداث، والتفاف البعض حولها وتقبيل يديها، والتمنى بـ«عودة أيامها الخوالى»، بعد أن كانت حتى وقت قريب منبوذة ومطاردة شعبيا وملاحقة قانونيا بتهم فساد واستغلال للسلطة، بل ودخولها السجن لمدة ثلاث سنوات ونصف فى قضايا الاستيلاء على أموال القصور الرئاسية!!.
الحكومة تستشعر بالتأكيد مخاطر حالة الأرق هذه على استقرار البلاد، وبالتالى سارعت إلى محاولة تطويقها عبر إعلان حزمة جديدة من إجراءات الحماية الاجتماعية بتكلفة سنوية تبلغ 67 مليار جنيه، وتتضمن رفع الحد الأدنى للأجور إلى 3000 جنيه بدلا من 2700 جنيه، وصرف علاوة استثنائية 300 جنيه للعاملين بالدولة ولأصحاب المعاشات، يستفيد منها المواطنون بداية من الشهر المقبل، إضافة إلى رفع حد الإعفاء الضريبى إلى 30 ألف جنيه سنويا، مع تثبيت أسعار الكهرباء للمنازل ومد العمل بالدعم الاستثنائى على بطاقات التموين حتى نهاية يونيو 2023.
حزمة الحماية الاجتماعية خطوة مهمة لتطويق حالة الأرق فى البلاد، لكنها قد لا تكون كافية لتقليل منسوب الغضب لدى المواطنين، الذين دهسهم قطار الإصلاح، وينتظرون بفارغ الصبر معالجة الحكومة للأخطاء التى وقعت فيها خلال السنوات الماضية، و«تعديل» المسار الذى تدافع عنه باستماتة، مثلما فعلت فى المؤتمر الاقتصادى، عندما حشدت وزراءها للترويج للإنجازات الهائلة التى حققتها، فجاءها الرد متمثلا فى «ساعة مطر»، كشف للجميع عن واقع الحال من دون تزيين.

التعليقات