هجمات الطائرات بدون طيار على السعودية تغيِّر طبيعة الحرب العالمية - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 10:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هجمات الطائرات بدون طيار على السعودية تغيِّر طبيعة الحرب العالمية

نشر فى : الأحد 29 سبتمبر 2019 - 9:20 م | آخر تحديث : الأحد 29 سبتمبر 2019 - 9:20 م

نشرت صحيفة The Independent مقالا للكاتب «باتريك كوكبورن» يتناول فيه الهجمات الأخيرة على السعودية ودورها فى تغيير طبيعة الحرب وميزان القوة ليس فقط فى الشرق الأوسط ولكن عالميا ونعرض منه ما يلى:
إن الهجوم المدمر على منشآت النفط السعودية من قبل الطائرات بدون طيار والصواريخ لا يحول فقط ميزان القوة العسكرية فى الشرق الأوسط، لكنه يمثل تغييرا فى طبيعة الحرب على مستوى العالم. فى صباح يوم 14 سبتمبر، عطلت 18 طائرة بدون طيار وسبع صواريخ كروز ــ جميعها رخيصة وغير متطورة مقارنة بالطائرات العسكرية الحديثة ــ نصف إنتاج النفط الخام فى المملكة العربية السعودية ورفعت سعر النفط العالمى بنسبة 20 فى المائة.
حدث هذا على الرغم من أن السعوديين أنفقوا 67.6 مليار دولار على ميزانيتهم الدفاعية العام الماضى، وجاء معظمها على الطائرات وأنظمة الدفاع الجوى باهظة الثمن، والتى فشلت بشكل خاص فى وقف الهجوم. فى الوقت الذى تبلغ فيه ميزانية الدفاع الأمريكية 750 مليار دولار، وتبلغ ميزانية الاستخبارات 85 مليار دولار، لكن القوات الأمريكية فى الخليج لم تعرف ماذا يحدث حتى انتهى كل شيء.
تتضمن «الأعذار والمبررات» المقدمة لهذا الفشل أن الطائرات بدون طيار كانت على مستوى منخفض للغاية، بحيث لا يمكن اكتشافها وتأتى من اتجاه مختلف عن الاتجاه الذى كان متوقعًا.. وتبدو بالطبع مثل هذه التفسيرات مثيرة للشفقة أمام حديث مصنعى الأسلحة والقادة العسكريين حول فعالية أنظمة أسلحتهم.
ولا يزال النقاش مستمرا حول ما إذا كان الإيرانيون أو الحوثيون هم الذين نفذوا الهجوم، والجواب المحتمل هو أنه مزيج من الاثنين، ولكن ربما إيران هى التى تدير العملية وتزود بالمعدات.. ولكن التركيز المفرط على عاتق من تقع المسئولية يصرف الانتباه عن تطور أكثر أهمية ألا وهو أن: قوة متوسطة المستوى مثل إيران، مفروض عليها العديد من العقوبات وبموارد وخبرات محدودة، تعمل بمفردها أو من خلال حلفائها، ألحقت أضرارًا جسيمة بالمملكة العربية السعودية ذات التسليح الأفضل نظريًا والتى من المفترض أن تدافع عنها الولايات المتحدة، أعظم قوة عسكرية فى العالم.
***
إذا كانت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مترددتين فى الانتقام من إيران، فذلك لأنهما يعرفان الآن، على عكس ما كانا يعتقدان قبل عام، أن الهجوم المضاد ستكون تكلفته أيضا عالية.. وما حدث من قبل يمكن أن يحدث مرة أخرى.. حيث إن مرافق إنتاج النفط ومحطات تحلية المياه التى توفر المياه العذبة فى المملكة العربية السعودية هى أهداف مركزة للطائرات بدون طيار والصواريخ الصغيرة.
وبعبارة أخرى، فإن الملعب العسكرى سوف يكون أكبر بكثير فى المستقبل فى صراع بين بلد يمتلك سلاح جو ونظام دفاع جويا متطورا وواحدة لا تمتلك ذلك. إن الورقة الرابحة للولايات المتحدة وقوات الناتو وإسرائيل كانت منذ فترة طويلة هى تفوقها الساحق فى القوة الجوية وقدرتها على الرد على أى عدو محتمل. فجأة تم تقويض هذا لأنه يمكن لأى شخص تقريبًا أن يكون لاعبًا فاعلا عندما يتعلق الأمر بالقوات الجوية.
يلخص أنتونى كوردسمان، الخبير العسكرى فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية فى واشنطن، بإيجاز أهمية هذا التغيير، قائلا: «إن الضربات على المملكة العربية السعودية توفر تحذيرًا استراتيجيًا واضحًا مفاده أن عصر التفوق الجوى للولايات المتحدة فى الخليج، واحتكار الولايات المتحدة لقدرة الضرب الدقيقة، أصبحت تتلاشى بسرعة». ويوضح أن هناك جيلًا جديدًا من الطائرات بدون طيار، وصواريخ كروز، وصواريخ باليستية ذات دقة عالية تدخل إلى إيران وبدأت فى الانتشار إلى الحوثيين فى اليمن وحزب الله فى لبنان.
حدثت نقاط تحول مماثلة فى التاريخ العسكرى ومن الأمثلة الجيدة على ذلك الهجوم الذى وقع فى 11 نوفمبر 1940، على خمس سفن حربية إيطالية رأسية فى قاعدتهم فى تارانتو من قبل 20 طائرة ذات سرعة بطيئة لكن قوية من طائرات بريطانية، مسلحة بطوربيدات وأطلقت من حاملة طائرات. فى نهاية اليوم، غرقت ثلاث سفن حربية أو أصيبت بأضرار بالغة فى حين فقدت طائرتان بريطانيتان فقط. وتحقق الانتصار بأقل تكلفة ممكنة فى تلك الحقبة.
***
جاء السعوديون بحطام الطائرات بدون طيار والصواريخ وتم عرضه على الدبلوماسيين والصحفيين فى محاولة لإقناعهم بأن الإيرانيين كانوا وراء الغارة الجوية. لكن الميزة الأهم فى أجزاء الطائرات بدون طيار والصواريخ المكسورة هى أن الأسلحة التى قد هزت الاقتصاد العالمى لن تكلف الكثير فى حالة التشغيل الكامل. وعلى النقيض من ذلك، فإن صواريخ باتريوت المضادة للطائرات الأمريكية الصنع، الدفاع الجوى الرئيسى للمملكة العربية السعودية والتى كانت عديمة الفائدة يوم الهجوم، كلفت كل منها حوالى 3 ملايين دولار. التكلفة والبساطة مهمة فى هذا الإطار لأنها تعنى أن إيران والحوثيين وحزب الله وأى دولة تقريبًا يمكن أن تنتج طائرات بدون طيار وصواريخ بأعداد كبيرة بما يكفى لتطويق أى دفاعات يحتمل أن يواجهونها.
قارن تكلفة الطائرة بدون طيار والتى ستكون بعشرات أو حتى مئات الآلاف من الدولارات بسعر 122 مليون دولار لمقاتل واحد من طرازFــ35، وهو مكلف للغاية بحيث لا يمكن شراؤه إلا بأعداد محدودة. عندما يأخذون فى الاعتبار معنى ما حدث فى منشأتى بقيق وخريص، ستطالب الحكومات فى جميع أنحاء العالم قادة القوات الجوية بشرح سبب حاجتهم إلى إنفاق الكثير من المال فى الوقت الذى تتوافر فيه بدائل رخيصة وفعالة. فى الماضى كان مصنعو الأسلحة يقاتلون من أجل ميزانيات مضخمة بشكل كبير لشراء أسلحة ذات فائدة مشكوك فيها فى حرب حقيقية.
الهجوم على المملكة العربية السعودية يعزز الاتجاه إلى الحرب التى تتصدر فيها الأسلحة الرخيصة بسهولة. فكر فى سجل التتبع الخاص بجهاز التفجير المرتجل (IED)، المصنوع عادةً من السماد المتاح بسهولة، والذى تم تفجيره بواسطة سلك قيادة، وزرع فى طريق أو بجانبه. وقد استخدمها الجيش الجمهورى الايرلندى جنوب أرماغ، مما أجبر الجيش البريطانى على الخروج من الطرق وعلى متن المروحيات.
واستخدمت العبوات الناسفة أيضا بأعداد كبيرة وبتأثير كبير ضد قوات التحالف التى تقودها الولايات المتحدة فى العراق وأفغانستان. وتم نشر موارد هائلة من قبل الجيش الأمريكى لمواجهة هذا الجهاز القاتل، والذى تضمن إنفاق ما لا يقل عن 40 مليار دولار على 27000 مركبة مدرعة ثقيلة..
من غير المتصور أن يقبل القادة العسكريون الأمريكيون والبريطانيون والسعوديون أن يتولوا قيادة قوات باهظة الثمن ومتقدمة تقنيا عفا عليها الزمن. وهذا يعنى أنهم عالقون بالأسلحة التى تمتص الموارد ولكنها، من الناحية العملية، عفا عليها الزمن.

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى

النص الأصلى:

https://bit.ly/2lmwObq

التعليقات