عدو المجتمع - محمود قاسم - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 3:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عدو المجتمع

نشر فى : الجمعة 30 يونيو 2023 - 7:00 م | آخر تحديث : الجمعة 30 يونيو 2023 - 7:00 م

أشعر بالتعاطف الشديد مع الفنان الكبير الراحل عباس فارس، فهو من مصاف النجوم الكبار فى تاريخ السينما المصرية وهو من نوع زكى رستم، شخص ذو مهابه متميز فى الأداء وأيضا فى اختيار الأدوار التى يجسدها كما أنه ظل يعمل لأربعة عقود بدون توقف، وهو من أفضل الممثلين فى العالم الذين جسدوا شخصية جان فرجان، فى رواية «البؤساء» عام 1943، هذه الشخصية التى تقمصها الممثل وحاول المخرجون أن يقدموه فى أفلام عديدة بشخصيات مشابهة ومنها شخصية رأفت بيه فى فيلم «عدو المجتمع» إخراج إبراهيم عمارة 1947 وهو من اقتباس أو تأليف يوسف جوهر وكتب له السيناريو والحوار بيرم التونسى.. الرحلة هنا متشابهة طويلة جدا لرجل كلما هرب من السجن عاد إليه مرة أخرى بعد سنوات طويلة فهو فى البداية رجل فقير يسمى بغدادى يعيش فى أسرة تعانى الحاجة الشديدة ويترك زوجته الحامل ليدخل السجن لفترة طويلة وتلد زوجته ابنتها التى تتربى فى أماكن عديدة دون أن تعرف مصير أبيها وفيما بعد تتحول إلى مطربة تسمى سهام تلتقى بأبيها الذى تحول إلى رجل غنى يعيش وحيدا ويعجب بالمطربة، ويفاجأ أن هناك شابا يدعى مجدى ينافسه على قلبها، ويحثها على أن تقتله عندما تزوره فى منزله، لكن الأب يكتشف الحقيقة ويسعى إلى تزويج ابنته الوحيدة من هذا الرجل الذى أعلن توبته، مجدى ويدخل رأفت بيه السجن لمدة طويلة أخرى ويخرج منه لينضم إلى أسرته بعد أن صارت له حفيدة.

القصة التى ألفها يوسف جوهر مليئة بالشخصيات والتعقيدات ولكنها فى المقام الأول حول شخص واحد تتقلب به الحياة ويظل فى حيرة يفقد الأحباء الواحد بعد الآخر، وأستطيع أن أقول إن عباس فارس هنا كان جان فرجان الجديد وأن السيناريست قدم لنا البؤساء فى صورة جديدة، وكان الاختلاف الرئيسى هو اختفاء شخصية المفتش الباحث عن حقيقة هذا الرجل الذى أصابه الثراء بعد الخروج من السجن.

بالطبع فإن كمال سليم عندما تعاون مع عباس فارس فى فيلم «العزيمة» فإنه استطاع إدارته بشكل جيد فى البؤساء، وصار عباس فارس هو الرجل قوى الشخصية فى أفلام عديدة منها «النائب العام»، «ومن الجانى»، «ليلة غرام»، «أرض الأبطال».

أخشى أن أنساق للكتابة عن أكثر من تناول الفيلم الذى لا يعرفه الكثيرون كما لا يعرفون علاقة الفيلم برواية فيكتور هوجو، وكم أتمنى لو تناولت المقارنة بين هذه الأعمال، ولكنك يمكنك أن تجد على موقع جريدة الشروق مقالا تفصيليا عن اثنين من العمالقة هما كمال سليم وعباس فارس.. وفيلم ليس له مثيل باسم البوساء كى أبرهن على ذلك شاهد أيضا الفيلم الذى أخرجه عاطف سالم بالاسم نفسه فى أواخر السبعينيات، ففى فيلم عدو المجتمع هناك كوكبة من النجوم وفى وسطهم عباس فارس حيث ساعدته نبرة الصوت وموهبته للتعبير عن شخص قوى الشكيمة والجسد، لا ينحنى أبدا مهما كانت شدة العاصفة، إنه صاحب قلب كبير خاصة كأب يفتقد أسرته والتعبيرات السابقة هى مفتاح مختصر جدا للتعرف على النجم الكبير مع احتفاظى برأيى الشخصى فى المخرج إبراهيم عمارة الذى أصر على استخدام آيات قرآنية فى ختام فيلمه كالعادة وكأنه يحول الفن إلى إطار من الوعظ، وأعتقد أن هذا النوع من الأفلام يناسب بركات صاحب الثقافة الفرنسية ولكن فى عام 1947 كان كمال سليم قد رحل وكان أمام بركات أفلام أخرى يكتبها يوسف جوهر ومنها «سجى الليل» وفيلم «العقاب».

التعليقات