أمريكا ومصر.. - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 7:01 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أمريكا ومصر..

نشر فى : السبت 30 يوليه 2011 - 8:33 ص | آخر تحديث : السبت 30 يوليه 2011 - 8:33 ص

 فى انتظار أن يلتئم الشمل فى أخطر مليونية مرت بها الثورة، وسط تحذيرات على لسان المشير من حركات خارجية تدعم تحركات داخلية تضعف من وحدة الصف، بدا لى أن إلقاء نظرة على مسار العلاقات المصرية الأمريكية أصبح ضروريا فى هذه الظروف، بعد أن دخلت هذه العلاقات منطقة كسوف جزئى بعد الثورة، نتيجة عجز السياسة الأمريكية عن استعادة هيمنتها على مقدرات الحياة السياسية المصرية كما كانت فى ظل النظام السابق.

وبروز توازنات جديدة لم تكن فى الحسبان. لا تستطيع المؤسسة العسكرية وحدها أن تحسم مسارها بدون توافق مع القوى السياسية وعلى رأسها قوى الثورة وائتلافاتها.

وعلى الرغم مما تميز به الموقف الأمريكى فى بداية الثورة من رغبة فى إيجاد أرضية مشتركة لتشجيع الحركات الديمقراطية، وما أبدته واشنطن من استعداد لتقديم العون اقتصاديا وسياسيا للنظام الجديد.. فقد بقيت الوعود الأمريكية مجرد حبر على ورق. ولم يجد قادة الفكر والسياسة الأمريكية من سبيل لإظهار تعاطفهم مع «ربيع الديمقراطية» غير الزيارات التى سارع بعض رجال الكونجرس مثل السيناتور كيرى زعيم الأقلية الديمقراطية فى مجلس الشيوخ والسيناتور بايدن المرشح الرياسى السابق للجمهوريين، وعدد من أعضاء اللجان ومسئولى وزارة الخارجية الأمريكية إلى القيام بها والتردد على ميدان التحرير لالتقاط الصور مع شباب الثورة!

وقد بدأت مظاهر الخلاف بين واشنطن والقاهرة تتخذ أشكالا متعددة، حين تقدمت مجموعة من النواب الموالين لإسرائيل بمشروع قانون بوقف المساعدات العسكرية لمصر، إلا إذا شهد الرئيس الأمريكى ووزير دفاعه بأن مصر ليست تحت تأثير الإرهاب وبأنها تطبق اتفاقية السلام مع إسرائيل بالكامل، وتراقب الأنفاق لمنع التهريب على الحدود مع إسرائيل. ولم يكن ذلك الطلب الذى رفضته لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب إلا تعبيرا عن امتعاض أمريكا وعدم موافقتها على تأييد مصر للخطوة التى اتخذها الفلسطينيون بالتقدم إلى الأمم المتحدة بطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

ثم جاء القرار الذى أعلنته السفيرة الأمريكية الجديدة قبل أن تتولى مهام عملها فى القاهرة، برصد 40 مليون دولار يجرى توزيعها بمعرفة السفارة على جمعيات وهيئات حقوقية.. بحجة تشجيع ونشر ثقافة الديمقراطية، دون مراعاة للقوانين المصرية التى تمنع الهيئات والأشخاص المصريين من الحصول على معونات ومنح أجنبية إلا بموافقة الحكومة المصرية.. لتضيف عاملا جديدا من عوامل سوء التفاهم.

وإذا كان صحيحا أن السلطات المصرية قد اعترضت على لسان السفيرة فايزة أبو النجا مما اعتبرته تدخلا فى الشئون الداخلية، ولم يحدث رد فعل إزاء ذلك.. فليس أمام السلطات المصرية إلا أن تتحرى أسماء الهيئات والجمعيات والأشخاص الذين تلقوا أو يتلقون هذه المساعدات، وتعلن عنهم للرأى العام وتستدعيهم للمحاسبة أمام القانون.

على أن هناك من الدلائل ما يشير إلى أن إدارة الرئيس أوباما تواجه موقفا صعبا داخل الكونجرس، بسبب مشكلة ارتفاع سقف الدين الحكومى.. حيث يرفض الكونجرس زيادة سقف الدين لتمكين الحكومة من الاقتراض وسد العجز فى الميزانية. ويبدو أوباما فى موقف لا يحسد عليه. فهو لن يستطيع ضبط الميزانية إلا إذا وافق الجمهوريون على زيادة الضرائب. وإذا أصر الجمهوريون على موقفهم فقد يؤدى ذلك إلى إعلان إفلاس أمريكا واللحاق باليونان والبرتغال. ومعنى ذلك أنه كلما زاد ضغط الجمهوريين فى الكونجرس عليه، كلما وجد نفسه عرضة لابتزازات اللوبى الصهيونى. وأصبح عاجزا عن انتهاج مبادرات أو سياسات متوازنة تجاه الشرق الأوسط.
وفى هذا يبدو أوباما وكأنه يقود أمريكا نحو خسارة السلام بعد أن خسر الحرب فى العراق وأفغانستان. فالأوضاع فى ليبيا توشك أن تخرج عن سيطرة الناتو. ومازالت «القاعدة» تلعب دورا مهما فى اليمن وسط انقسامات حرب أهلية.

أما ربيع الديمقراطية، فأخطر شىء أن تعمل أمريكا على تخريبه عن طريق التأثير فيه دفاعا عن مصالحها، بتدخلات خارجية ومساعدات مالية.

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات