بين تطليع الدين وتطليع الروح - وائل قنديل - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 11:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بين تطليع الدين وتطليع الروح

نشر فى : الخميس 31 ديسمبر 2009 - 9:30 ص | آخر تحديث : الخميس 31 ديسمبر 2009 - 9:30 ص

 قبل أن يهدأ غبار موقعة يوسف بطرس غالى، اندلعت موجة أخرى من البذاءة البرلمانية أمس، بما يبشر بأن العام الجديد ستختفى فيه الفوارق بين «قهوة كتكوت» وبين مجلس الشعب الموقر.

بمنتهى اليقين تحدى النائب أحمد عز أمين تنظيم حزب الحكومة ورئيس لجنة الخطة والموازنة الذين قالوا إن النائب ووزير المالية يوسف بطرس غالى استخدم لفظ «هطلع دين» تحت قبة البرلمان. وفى دفاعه المحموم عن سقطة غالى ذهب عز إلى أن ما يميز غالى أنه «نائب شارع» فى محاولة للتعبير عن أنه نائب شعبى وابن بلد ومن ثم فاستخدامه لمثل هذه الألفاظ فى مناقشة برلمانية أمر وارد ولا غبار عليه من وجهة نظر النائب «ابن عز»، على اعتبار أن القائل «نائب شارع» ومن ثم لا فرق بين ما يقال على المقهى أثناء لعب «عشرة طاولة» وما يقال تحت سقف بيت التشريع فى مصر.

وسواء كانت المسألة «تطليع دين» أم «تطليع روح» فالنتيجة واحدة وهى أننا أمام مستوى متدن للغاية من اللغة والممارسة البرلمانية، حتى لو كان ما جرى فى سياق الوعد والوعيد لمافيا المخالفات فى عزبة الهجانة.

ولا أميل إلى الركض خلف من يريدون إلباس الموقف ثوبا عقيديا وطائفيا فى محاولة لتوظيف سخونة المشاعر الدينية فى إدارة خلافات سياسية بامتياز، وإظهار الوزير «نائب الشارع» وكأنه رجل ضد الدين.

ومن هنا فإن الأقرب للواقع أننا فى مواجهة حالة من الفلتان السياسى تجلت فى صورة من الانفلات اللفظى لتعبر عن عصر ابتذلت فيه كل القيم والمعانى يتسيده وزراء ومسئولون يدركون جيدا أن أحدا لا يحاسبهم أو حتى يسائلهم فيما يقترفونه كل يوم من سياسات وأفعال وأقوال.

ولأن الأمور تمضى على هذا النحو فطبيعى جدا أن نرى هذه الحالة من الصمت المطبق فى الدوائر الرسمية، وكأن شيئا لم يحدث تحت قبة مجلس الشعب، بل إن السيد أحمد عز يتحدى منتقدى وزير المالية بالاحتكام إلى مضبطة الجلسة التى انفتح فيها صنبور البذاءة والانفلات على آخره.

وبالطبع فإن اللجوء إلى المضبطة يعنى براءة غالى على الفور، ليس لأنه برىء مما سمعه وشاهده عشرات النواب، بل لأن الموقف يلخصه المثل الشعبى العبقرى «مسكوا القط مفتاح الكرار» وغنى عن البيان أن المضابط تتحدث بلغة الطرف الأقوى.

غير أن حصر الجدل فى المساحة بين لفظى «الدين» و«الروح» هو فى نهاية لعبة ذكية لصرف الانتباه عن جوهر الموضوع، وهو أننا أمام وزراء ومسئولين لا يعرف النوم طريقا إلى عيونهم إذا لم يصدروا كل يوم قرارا أو تشريعا يلتهم بعضا من مساحات البهجة فى ــ المحدودة للغاية ــ فى حياة المصريين.. ولنا فى قانون الضريبة العقارية المثل.

وائل قنديل كاتب صحفي