نهاية الشهر الجارى، يبدأ ريان الشبل عمدة لبلدية أوستلسهايم فى ولاية بادن فورتمبيرج الألمانية، مهام عمله رسميا؛ فى سابقة تاريخية أن يصبح شابا لاجئا إلى عمدة بلدة فى غضون 9 أعوام.

تحدث الشبل لـ«الشروق»، عن رحلته من سوريا عام 2015 حتى استقراره فى ألمانيا وترشحه على منصب عمدة بلدة أوستلسهايم، وفوزه بها.

وولد الشبل عام 1994 فى بلدة السويداء جنوب غرب سوريا، بدأ دراسته الجامعية فى الإدارة المالية والمصرفية لكنه لم يتمكن من الانتهاء منها بسبب الحرب عام 2015.

يقول الشبل إنه سافر إلى لبنان فى عام 2015 ومن هناك أخذ رحلة إلى تركيا، ليبدأ رحلة محفوفة بالمخاطر عبر قارب مطاطى فى البحر المتوسط إلى اليونان، ثم من بعدها اتخذ مسار الهجرة الذى عُرف باسم «طريق البلقان» إلى مقدونيا ثم كراوتيا، ومنها وصل إلى ألمانيا.

«كنا 49 شخصا فى هذا القارب الذى لا يستطيع حمل سوى 15 شخصا.. تجربة لم تكن سهل على الإطلاق».

بعد وصوله واجه الشبل عدة تحديات فى مقدمتها تعلم اللغة الألمانية والاندماج فى ثقافة الشعب الألمانى، فيقول: «استغرق الأمر منى وقتا، وكنت محظوظا بأننى وجدت من يساعدنى فى تخطى تلك التحديات، وبالمناسبة بعضهم ساعدنى فى حملتى الانتخابية».

أكمل الشبل، لاحقًا بعد وصوله إلى ألمانيا تدريبًا مهنيًا مزدوجًا ككاتب إدارة مكتب. ويعمل حاليا منذ 7 سنوات فى الشئون الإدارية بدار بلدية «ألتنجشتيت» المجاورة.

وبات الشبل على الأرجح أول عمدة سورى فى جنوب غرب ألمانيا من بين ما يقرب من 430 ألف لاجئ سورى تقدموا بطلبات لجوء فى ألمانيا بين عامى 2015 و2016.

كانت أجواء الانتخابات مليئة بالتوتر والضغوط حتى إعلان النتيجة، قبل أن يجد نفسه فائزا بالأغلبية المطلقة، «شعرت حقا بالفوز بعد أسبوع من إعلان النتيجة.. وقلت إننى صنعت التاريخ».

«ما حققته لم يحدث من قبل.. أن يتولى شخص منصب العمدة بعدما كان قبل 8 سنوات فى أحد مجمعات إيواء اللاجئين.. هذا الشىء تاريخى بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. وفخور بأننى حققته»، يضيف الشبل.

وفى أبريل الماضى، أعلنت بلدية أوستلسهايم (Ostelsheim) فى مقاطعة كالو فى ولاية بادن فورتمبيرج، حصول اللاجئ السورى السابق على الأغلبية المطلقة بنسبة 55.41% من الأصوات. وأوستلسهايم هى بلدية صغيرة يبلغ عدد سكانها حوالى 2500 نسمة فى ولاية بادن فورتمبيرج.

وعن نجاح بعض المهاجرين واللاجئين فى تولى المناصب السياسية فى ألمانيا، يقول إنه «العامل الفيصل فى الأمر هو طموحك وقدرتك على إقناع الناخبين وكسب ثقتهم»، مؤكدا أن تحديات اللغة والثقافة لا تشكل عائقا كبيرا فى هذا الأمر.

نشأ الشبل فى أسرة درزية ــ أقلية دينية مسلمة تشكل اليوم حوالى 3% من سكان سوريا ــ لأب مهندس زراعى وأم مدرسة ثانوى، ولديه شقيقان أحدهما يدرس الهندسة بألمانيا.

يقول الشبل إنه يتحدث مع والديه أسبوعيا اللذين يتمسكان بالعيش فى سوريا، لهذا يخطط لزيارتهما قريبا لأول مرة منذ رحيله عن سوريا قبل 8 أعوام.
وحول خطوته المقبلة، يقول إنه «يركز حاليا على تنفيذ برنامجه الانتخابى الذى أعلن عنه خلال الحملة، من أجل تشكيل مستقبل أوستلسهايم».

وفقًا لمجموعة أبحاث الهجرة الألمانية، فإن 1.2% فقط من رؤساء بلديات المدن الألمانية لديهم خلفيات مهاجرة فى مايو 2022، مقارنة بـ 27% من سكان ألمانيا ككل. وفاز مايك جوزيف، المولود فى القامشلى بسوريا، الأسبوع الماضى، بمنصب رئيس بلدية فرانكفورت، لكنه لم يأتِ كلاجئ ويعيش فى ألمانيا منذ الثمانينيات.