محمد الفخراني: رواية غداء في بيت الطباخة تقدم موضوع الحرب بشكل مغاير - بوابة الشروق
الثلاثاء 21 مايو 2024 4:20 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

محمد الفخراني: رواية غداء في بيت الطباخة تقدم موضوع الحرب بشكل مغاير

أسماء سعد
نشر في: الجمعة 1 سبتمبر 2023 - 7:13 م | آخر تحديث: الجمعة 1 سبتمبر 2023 - 7:37 م

ابتكار مشاهد خيالية يضمن «حيوية النص» فى الرواية تسيطر علىَّ فكرة أساسية متعلقة بـ«الانتصار للإنسانية»
الحوار بطل رئيسى داخل الرواية.. وازدهار الترجمة مرتبط بالكتابة الجيدة
نص أدبى ممتع، تعبير بارع عما تفعله الحروب بالبشر، حقائق لا ينقصها الخيال الذى أثرى صفحات «رواية غداء فى بيت الطباخة»، للكاتب والروائى محمد الفخرانى، الصادرة عن دار العين للنشر، حيث استعان فيها الفخرانى برؤية كاملة تعبر عما ثار بداخله من أفكار ومشاعر، مع سيطرة لفكرة أساسية ورئيسية وهى «الانتصار للإنسانية».
تتناول الرواية قصة جنديين من جانبى الصراع الذى يحدث بينهما، حيث يعمل أحدهما كمدرس للتاريخ والآخر طباخا، يتعرض كل منهما للإصابة بجروح خلال المعارك، ويجدان أنفسهما مضطرين لقضاء خمسة أيام معا فى خندق واحد، وسط قدر ملحوظ من الترميزات والإسقاطات التى أثرت النص، حيث تحتوى معظم أركان الرواية على ثنائيات متناقضة فى تكوين الشخصيات، وتحديدا فيما يخص الجنديين.
يلجأ الكاتب محمد الفخرانى إلى تقنية مميزة، حيث السرد الموازى، المنسوب للحرب نفسها، التى تصبح «حكاء ذاتيا»، تعكس كلام البشر المجنون، تدفع بالإنسان أمام تناقضاته الفجة، حيث تتحدث الحرب عن نفسها وتسأل عن أول من شكّلها وأشعلها.
«الحوار بطل رئيسى داخل الرواية» هكذا أشار الكاتب محمد الفخرانى، الذى يرى أننا ما زلنا بعيدين عن ترجمة الأدب العربى بشكل حقيقى، رغم أن هذا الأدب يستحق، حيث يرى أننا دوما ما نحتاج للكتابة الجيدة المختلفة من أجل ازدهار حركة الترجمة، فى حين أنه يعتبر الكتابة عالم مُتَّسِع، يصنع مع قارئه حوارًا عقليًّا، ولامس وجدانه، وتمنحه المتعة، وتجعله يعيد التفكير فى الأشياء، وذلك وفق ما ذكر فى حوار مع جريدة الشروق، أكد خلاله على أن الحيوية كانت مكونا أساسيا فى «بيت الطباخة».
> الحرب فى رواية «غداء فى بيت الطباخة» تُعَبِّر عن نفسها بشكل غاضب، وتُعَرِّى نوازع القتل والطمع والسيطرة لدى البشر، هل يمكن أن تُحدِّثنا عن ذلك؟
> حضور الحرب فى الرواية كشخصية تتكلّم عن نفسها وأفكارها ومشاعرها، ورؤيتها للبشر وعلاقتها بهم، كان له اتجاهان، الأول فنّى، وهو كتابة شىء جديد ومغاير فى «موضوع» الحرب، والثانى له علاقة بالفِكْر والرؤية ووجهة النظر، أنْ نتعرَّف إلى الحرب من خلال رؤيتها لنفسها، ونرى أنفسنا من خلال الحرب، كأنها تضعنا أمام مرآة نرى فيها أننا مَنْ يفعل القتل والتدمير تجاه بعضنا بعضًا، صار للحرب صوت تتكلم بها وتعبر به، وكانت طوال الوقت بلا صوت، البشر فقط يتكلّمون عها وعن أنفسهم، كان الحوار فى اتجاه واحد، الآن صار فى اتجاهين.
> ما الذى اعتمدْتَ عليه فى النَصّ من أجل التغلغل داخل المشاعر البشرية ووصفها وقت الخطر؟
ــ أن يضع الكاتب نفسه مكان الشخصية، وحتى وهو ليس فى مكانها يمكنه أن يتصوَّر ويفكر ويُحَلِّل ما تشعر به وتفكر به، أن يُنَوِّع الكاتب من زوايا تعامله مع الشخصية وكل شىء فى الرواية، فرؤيته تكون داخلية أحيانًا، أو من أعلى، قريب جدًّا، أو بعيد، وبعيد جدًّا، مرة يكون حياديًّا، ومرة متورطًا بوعى وإرادة، ويخترع زوايا رؤية واقتراب جديدة، حتى إنَّ لكل شخصية طريقة فى الاقتراب، وممرّات سريَّة تكون الأفضل بالنسبة لها للتعامل.
> رغم وجود العديد من المآسى فى الرواية إلا أن هناك توازنًا أيضًا حيث محطات تنتصر فيها الإنسانية وينتصر الحب والخيال والإبداع، كيف قمت بهذا التوازن؟
ــ سأفكر أن الكاتب لديه رؤية كاملة لروايته، ويدفع كل عناصرها لتُشَكِّل هذه الرؤية، أن تنتصر الإنسانية هى فكرة أساسية لدى، وإحدى الأفكار التى دفَعْتُ عناصر الرواية باتجاهها، فى الرواية جُملة هى عنوان كبير لدى: «أنا لا أسحب ثقتى من الروح الإنسانية».
> دارت كثير من الحوارات بين أبطال العمل، البعض رأى فى ذلك ترميزًا على مسألة استخدام الحوار والهدنة للتغلُّب على الحرب، أهمية الترميز فى توصيل معانى الرواية من وجهة نظرك؟
ــ الحوار بطل رئيسى داخل الرواية، جنديان فى خندق، إما أن يستعملا السلاح أو الحوار، الرواية مَنَحْتُهما فرصة للحوار، والحوار مَنَحهما فُرَصًا أكبر، ليكتشف كلٌ منهما الآخر، ويكتشفان معًا آفاقًا جديدة، ربما لم أتعمَّد الترميز فى روايتى، فقط أو هيَّأت فرصة للحوار بين الشخصيتين، ليُعَبِّر كلٌ منهما عن نفسه، ليتكلَّم عن أحلامه، ويستدعى للآخر مشاهد من حياته الشخصية، أنْ يشتركا فى تفاصيل داخل الخندق، مثل أن يسقيا معًا نَبْتَة الذرة، ويتبادلان الطعام، وأن يَحرُس كلٌ منهما أثناء نومه، الأمر هو: وسط كل هذا القتل والدخان والضباب، فالرواية مَنَحَتْهما الفرصة ليَشُمّ كلٌ منهما الرائحة الإنسانية للآخر، ويَشُمّها كل مَنْ يقرأ الرواية، الجملة الافتتاحية هى: «فى المكان رائحة إنسانية».
> العمل يبدو بسيطًا وسلسلًا بمقدار كبير، قبل أن يتكشَّف للقارئ مقدار ما يحتويه من عمق بالغ، كيف ضمَّنْتَ فى نصوصك الأفكار الكبرى ولكن بشكل سلس ورشيق؟
ــ فى الكتابة من السهل أن تكون صعبًا، من الصعب أن تكون سهلًا، لكن لو أن الكاتب لديه رؤية للعالم ولِما يكتبه، ولديه لغة يستطيع تنويعها واللعب معها، عندها يكون «من السَّهل أن تكون سهلًا»، عدد الصفحات ليس مهمًا، أن تكتب رواية بها عالم كبير وحكاية ومتعة وأفكار هو المهمّ، أن تكتب رواية ليست كبيرة فى عدد الصفحات، لكن بها عالم مُتَّسِع، وتصنع مع قارئها حوارًا عقليًّا، وتُلامِس وجدانه، وتمنحه متعة، وتجعله يعيد التفكير فى أشياء، أو تشير إلى أشياء، أن يكون لدى الكاتب رؤية للعالم ووجهة نظر شخصية، هذا يساعد فى تقديم أفكاره بسلاسة وسهولة.
> استحضار بعض الصور والمعانى بدا واضحًا فى «غداء فى بيت الطبَّاخة»، هل تعمَّدْتَ ذلك، واعتمدْتَ عليه بشكل كبير لإضفاء مزيد من الحيوية للنصّ؟
ــ أى شىء يُضيف حيوية للنصّ سيكون مطلوبًا، كان من المُهمّ ابتكار مشاهد خياليَّة تَظهر من وقت لآخر، لها علاقة بالحرب، أو هى تُضيف ألوانًا للجوّ العام للرواية، فى الوقت نفسه هى جزء من تشكيله، وتجعل عالم الرواية مُتَّسعًا، ومُنْفَتِحًا على تأويلات ومتعة فنيّة، وأحيانًا تَظْهر مشاهد، مثل السيرك، لتؤنِس «الطبَّاخ» و«مدَرِّس التاريخ» فى خندقهما، وتمنحهما بعض الراحة والمتعة الطمأنينة، وتُذَكَّرهما بالعالم الحقيقى الإنسانى.
> تم ترجمة أعمالك للغات أخرى، فى رأيك أين نقف حاليًا فيما يتعلّق بحال الترجمة وما تحتاجه للازدهار؟
ــ ما زلنا بعيدين عن ترجمة الأدب العربى بشكل حقيقى، رغم أن هذا الأدب يستحق، ويُضيف إلى تراث الكتابة العالمية، وعما تحتاجه الترجمة للازدهار، بالنسبة لى الإجابة دائمًا تكون بالكتابة الجديدة والمختلفة التى تضيف، وهذا بالفِعل موجود.
> هل يمكن أن تُحدِّثنا عن قادم أعمالك؟
ــ أعمل حاليًا على رتوش أخيرة لرواية جديدة، أتوقَّع أن تَصْدُر فى معرض الكتاب القادم.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك