كيف انعكست مفاوضات فض الاشتباك بين السادات وكسينجر على المشهد السياسي بمصر؟ - بوابة الشروق
السبت 27 يوليه 2024 5:01 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف انعكست مفاوضات فض الاشتباك بين السادات وكسينجر على المشهد السياسي بمصر؟

محمد حسين:
نشر في: الجمعة 1 ديسمبر 2023 - 3:13 م | آخر تحديث: الجمعة 1 ديسمبر 2023 - 3:14 م
اُعلنت وفاة الدبلوماسي الأمريكي البارز هنري كيسنجر، في وقت متأخر من الأربعاء، عن عمر جاوز المائة عام؛ حيث احتفل عملاق الدبلوماسية الأمريكية بعيد ميلاده المئوي أواخر شهر مايو الماضي.

وقالت مؤسسته الاستشارية في بيان، إنّ كيسنجر الذي كان وزيراً للخارجية في عهدي الرئيسين ريتشارد نيكسون، وجيرالد فورد، وأدّى دوراً دبلوماسياً محورياً خلال الحرب الباردة، توفي في منزله بولاية كونيتيكت.

وبدأ كيسنجر طريقه السياسي من الزاوية الأكاديمية، كأستاذ بارع في السياسة والاسترايجية، ليصبح من بعدها محل ثقة الإدارات الأمريكية المختلفة في مراكز حساسة مع مجلس الأمن القومي الأمريكي، وبعدها توليه وزارة الخارجية في ظرف حساس بالشرق الأوسط، مع ذروة الصراع العربي- الإسرائيلي بمعركة أكتوبر 1973، والتي اقترب خلالها بشكل واضح من الرئيس الراحل أنور السادات، بغالبية مراحل التفاوض إلى التوصل لصيغة مهدت لعقد اتفاق بالسلام.

وجرت أبرز مباحاثات كسينجر مع السادات بمدينة أسوان، والتي سلك الأخير فيها مسار لم ينل رضا العديد من المسئولين في المواقع المختلفة من عسكريين ودبلوماسيين ومفكرين من المقربين من صناعة القرار أبرزهم الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل.

* كسينجر: تهديدٌ مبطّن

ويروي السفير عبد الرؤوف الريدي، في مذكراته بعضا من تفاصيل تلك المباحثات، بوصفه أحد شهودها.

يقول الريدي في كتابه "رحلة العمر": "كانت القوات الإسرائيلية التي عبرت عن طريق الثغرة ما زالت في مواقعها غرب القناة وكانت هذه القوات مكشوفة وخطوط مواصلاتها طويلة مما يجعلها هدفًا سهلًا لتوجيه ضربات موجعة لها بل كانت هناك خطة عسكرية معدَّة أصلًا لتصفية هذه القوات، إلا أن كيسنجر أقنع الرئيس السادات بأنه لو هاجم هذه القوات؛ فإن الولايات المتحدة ستقف مع إسرائيل بكل قوة وأنها لن تقبل بهزيمة لإسرائيل وللسلاح الأمريكي، وأن أفضل حل لذلك هو انسحاب هذه القوات في إطار اتفاق للفصل بين قوات الطرفين".

* الطريق إلى أسوان

وعن الأجواء المصاحبة، يكمل الريدي: "وقد استقبل الرئيس السادات كيسنجر في أسوان في شهر يناير لإجراء المباحثات التي أدت في النهاية إلى الاتفاق الأول للفصل بين القوات".

ويشير لتجربته الشخصية: "ضمني إسماعيل فهمي وزير الخارجية الجديد إلى الوفد الذي ذهب معه إلى أسوان لهذا الغرض وكان الوفد يضم أيضًا الصديق المرحوم محمد رياض، ونزلنا في فندق كتراكت وكان معنا كل من الفريق أول محمد عبد الغني الجمسي، والسفير حافظ إسماعيل مستشار الأمن القومي. وكان الرئيس السادات يقيم في إحدى فيلات وزارة الري، وقد شعرت في هذه الأثناء أن دور حافظ إسماعيل آخذ في الأفول بينما أصبح إسماعيل فهمي هو رئيس الدبلوماسية المصرية واستطاع في فترة وجيزة أن يحوز ثقة الرئيس السادات وأن يملأ منصب وزير الخارجية بثقة وحضور كبير".

وواصل بمزيد من التفاصيل: "كانت المفاوضات في أسوان تجري في الواقع بين الرئيس السادات وهنري كيسنجر.. ويذكر المشير الجمسي رحمه الله في مذكراته، أنه استدعي للذهاب إلى أسوان وكان متصورًا أن الرئيس سيستشيره قبل مباحثاته مع كيسنجر إلا أنه لم يستشره، وكان كيسنجر عندما اجتمع معه ومع إسماعيل فهمي هو (أي كيسنجر) الذي أخبرهما بالاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الرئيس السادات حول الموضوعات العسكرية".

* دموع الجمسي

وأن المفاجأة له وللحاضرين كانت عندما ذكر كيسنجر أن الرئيس السادات وافق على تخفيض حجم القوات على الضفة الشرقية للقناة ليصبح 7000 رجل و30 دبابة وعدد محدود من قطع المدفعية.

ويستطرد المشير الجمسي أنه ترك غرفة الاجتماعات بانفعال «بعد أن اغرورقت عيناه بالدموع»‫.

* السادات وانفراد بقراره

وأكمل: "كان معنا أيضًا في أسوان حافظ إسماعيل الذي لعب دورًا هامًّا قبل وأثناء حرب أكتوبر كمستشار للأمن القومي، وعندما التقيناه في أسوان كان باديًا أنه لم يكن له في الواقع دور إلى جانب وزير الخارجية الجديد إسماعيل فهمي، وكان حافظ إسماعيل غير سعيد بأن تجري هذه المفاوضات الهامة بعيدًا عن العاصمة وبعيدًا عن مؤسسات الدولة".

*كسينجر: مكاسب خارج التوقع

وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي أبا إيبان، في مذكراته التي نشرها بعد مرور أربعة عشر عامًا على هذه المفاوضات، أن كيسنجر قد أبلغهم قبل الذهاب إلى مصر للتفاوض أنه لا يعتقد أن السادات سيوافق على تخفيض عدد المدرعات في سيناء لأقل من مائتين وخمسين دبابة، وأن ذلك جعل الفريق الإسرائيلي المفاوض متشائمًا إمكان نجاح كيسنجر، ولذلك عندما عاد كيسنجر لإسرائيل وأبلغ إيبان في المطار أنه قد نجح في إقناع السادات بتخفيض عدد مدرعاته إلى 32 دبابة وتخفيض عدد قواته في سيناء من سبعين ألفًا إلى سبعة آلاف، فإن إيبان كاد لا يصدق ما سمعه.

* خطوة خطوة.. مناورات كسينجر الماكرة

ويعتقد الريدي، بأن نيكسون كان يريد في الأساس التوصل إلى حل شامل للصراع العربي الإسرائيلي، ويرى أن ذلك يصب في مصلحة الأمن القومي الأمريكي، ولكن كيسنجر ناور ومكر والتف حول رغبة نيكسون المستغرق في أزمته، واتبع سياسة الـ«خطوة خطوة»، التي كانت أكثر ملاءمة لإسرائيل، ولقد كانت هذه السياسة هي التي تمنحه المساحة الزمنية الكافية التي تمكنه من إخراج الاتحاد السوفيتي والانفراد بالحل. وعدت إلى القاهرة التي كانت تموج بأجواء جديدة.

*هيكل: إعجاب وتحذير من أفخاخ كسينجر

وعن ردود الفعل، يذكر الريدي: "وقد بدأ الأستاذ محمد حسنين هيكل يكتب منتقدًا أسلوب المفاوضات التي جرت في أسوان، وعندما زرت محمود رياض أمين عام جامعة الدول العربية وجدته أيضًا ينتقد اتفاق الفصل بين القوات وقبول الرئيس السادات لتخفيض عدد القوات".

وعن موقف هيكل من كيسنجر، قال الكاتب الصحفي عبدالله السناوي، في كتابه: "أحاديث برقاش..هيكل بلا حواجز"، لم يخف هيكل إعجابه بقدرات كيسنجر؛ لكنه حذر طويلا وكثيرا فيما يشبه الإلحاح من الوقوع فى أفخاخه وإضاعة ثمار العمل العسكرى والتضحيات التى بذلت فى ميادين القتال.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك