#كيف_أضحت! (25)| قادس.. جنة الأندلس التي قادت العالم لاكتشاف الأمريكتين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 10:24 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

#كيف_أضحت! (25)| قادس.. جنة الأندلس التي قادت العالم لاكتشاف الأمريكتين

منال الوراقي:
نشر في: الجمعة 7 مايو 2021 - 12:36 م | آخر تحديث: الجمعة 7 مايو 2021 - 12:36 م
بين الكتب والروايات إلى الأفلام، ترددت مدن وأماكن تاريخية عديدة على مسامعنا وأعيننا، حتى علقت بأذهاننا ونُسجت بخيالنا، بعدما جسدها الكتاب والمؤلفون في أعمالهم، لكننا أصبحنا لا نعلم عنها شيئا، في الوقت الحالي، حتى كثرت التساؤلات عن أحوال هذه المدن التاريخية الشهيرة، كيف أضحت وأين باتت تقع؟.

بعض هذه المدن تبدلت أحوالها وأضحت أخرى مختلفة، بزمانها ومكانها وساكنيها، فمنها التي تحولت لمدينة جديدة بمواصفات وملامح غير التي رُسمت في أذهاننا، لتجعل البعض منا يتفاجئ بهيئتها وشكلها الحالي، ومنها التي أصبح لا أثر ولا وجود لها على الخريطة، ما قد يدفع البعض للاعتقاد بأنها كانت مجرد أماكن أسطورية أو نسج خيال.
لكن، ما اتفقت عليه تلك المدن البارزة أن لكل منها قصة وراءها، ترصدها لكم "الشروق"، في شهر رمضان الكريم وعلى مدار أيامه، من خلال الحلقات اليومية لسلسة "كيف أضحت!"، لتأخذكم معها في رحلة إلى المكان والزمان والعصور المختلفة، وتسرد لكم القصص التاريخية الشيقة وراء المدن والأماكن الشهيرة التي علقت بأذهاننا وتخبركم كيف أضحت تلك المدن حاليا.
…..


على شواطئ أسبانيا الجنوبية، تقوم مدينة قادس الأندلسية، تلك المدينة التي كان لها نصيب من أساطير العالم القديم الساحرة، والمطلة على قارات العالم، فمنها انطلق كولومبوس وسفنه، التي أبحر بها إلى العالم الجديد في الأمريكتين، وفيها يُرى بعيني الرائي ريف المغرب الإفريقي ومرافئه، ويُشاهَد عبق التاريخ بداخل المدينة، التي شيدها الفينيقيون وضمها القرطاجيون وفتحها الإسلاميون، فهي الضامة للمعالم الأثرية الشاهدة تعاقب الحضارات فيها.


واليوم، تعد قادس أحد أقدم المدن المأهولة بالسكان في إسبانيا، وأحد أعرق المدن الساحلية في جنوب الأندلس، وواحدة من ثمانية مدن تشكل منطقة الحكم الذاتي للأندلس، فقد بُنيت على شبه جزيرة ضيقة وطويلة تمتد داخل المحيط الأطلسي، وأصبحت مركزا للأسطول البحرى الأسبانى منذ القرن الثامن عشر الميلادي.


شُيدت المدينة قبل الميلاد، على يد الفينيقيين فسموها غادير أو أغادير، لتكون أقدم المدن الأوروبية الغربية، التي تقود بعثات استكشاف القارات والمدن في إسبانيا وفرنسا، وتكون منطلق الرحلات إلى غرب إفريقيا، فمنها بدأت العلاقات التجارية بينها كمستوطنة فينيقية وحضارة تارتيسوس، أول حضارات الغرب، التي لا يزال موقعها مجهول إلي الآن، ولكن يعتقد وقوعها حول مصب نهر الوادي الكبير.

وخلال العصور القديمة، شُيد بالمدينة أحد أروع مبانيها، المعبد الذي يقع على الطرف الجنوبي للجزيرة، والذي كُرس لعبادة الإله الفينيقي ميلكارت، ورغم اختلاف اليونان والرومان حول تاريخ تأسيس المعبد والمدينة، إلا أن المؤرخ ليفي، أحد أشهر المؤرخين الرومان، أرجع تأسيسها إلى نهاية القرن الثاني عشر قبل الميلاد، أي بعد ثمانين عام من حرب طروادة.


ظلت المدينة مركزا تجاريا للفينيقيين إلى أن وقعت فى أيدى القرطاجيين في القرن السادس قبل الميلاد، فسقطت المدينة تحت سيطرة قرطاج، خلال حملاتها بعد الحرب البونيقية الأولى، وسرعان ما سقطت مرة أخرى بيد الرومان في عهد سكيبيو الإفريقي، بنهاية القرن الثالث قبل الميلاد، فرحب شعبها بحكم الإمبراطورية الرومانية، وازدهرت المدينة كميناء وقاعدة بحرية.


وبحلول القرن الخامس الميلادي، تمت الإطاحة بالسلطة الرومانية، وسقط قادس في أيدى القوط الغربيين، الذين سكنوا غرب أوروبا، فدُمروا المدينة الأصلية، وظلت مدمرة حتى استعادها الإمبراطور الروماني جستنيان مرة أخرى، بمنتصف القرن السادس الميلادي، وأعاد بنائها لتكون جزء من الإمبراطورية البيزنطية، فظلت تحت حكمها حتى احتلتها مملكة القوط مرة أخى بنهاية القرن السادس.


وظلت المدينة تحت حكم القوط، حتى سقطت في أيدي المغاربة، ببداية القرن الثامن الميلادي، فكانوا هم من أطلقوا عليها إسم قادس، واستمر حكمهم للمدينة، التي ازدهرت تجارتها وانتعشت أسواقها، حتى منتصف القرن الثالث عشر، حين دخلها المسيحيون، بقيادة ألفونسو العاشر، ملك قشتالة، أحد أبرز ممالك القرون الوسطى في أوروبا، لتشهد المدينة بعدها حقبة من النهضة خلال عصر الاستكشاف.

فخلال عصر الاستكشاف، شهدت المدينة نهضة كبيرة، وأصبحت الميناء الرئيسي لأسطول الكنز الإسباني، ونهضت المدينة لتصبح واحدة من أعظم المدن الإسبانية وأكثرها عالمية وموطن للمجتمعات التجارية، وتكون نقطة مهمة في تاريخ العالم، فمنها أبحر الرحالة الإيطالي كريستوفر كولومبوس، الذي ينسب إليه اكتشاف العالم الجديد، والأمريكتين، في نهاية القرن الخامس عشر، في واحدة من أكثر الرحلات أهمية بالنسبة للإسبان والأوروبيين، في ذلك الوقت.


واليوم، تقع المدينة، التي عرفت سابقا بجنة الأندلس، في الجنوب الأسباني، وتشكل جزيرة صغيرة تتصل بالبلاد عبر مضيق ضيق، يمتزج فيها التاريخ بالواقع عبر العديد من الأساطير، حتى أنها تعد أكثر أهمية من العاصمة، وتضم العديد من أبرز معالم التاريخ بأسبانيا، أبرزها الكاتدرائية، والمجلس، والمتنزه، وشاطئ كاليتا؛ المكان الأكثر شعبية لمواطني كاديز.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك