نساء من عصر التابعين (14).. أم الدرداء الصغرى وحبها لزوجها أبي الدرداء - بوابة الشروق
الأربعاء 29 مايو 2024 10:28 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نساء من عصر التابعين (14).. أم الدرداء الصغرى وحبها لزوجها أبي الدرداء

منال الوراقي
نشر في: الإثنين 8 أبريل 2024 - 9:40 ص | آخر تحديث: الإثنين 8 أبريل 2024 - 9:41 ص

تعد سير الصالحات تربية عملية للنفوس، وغَرْسا للفضائل، وتدريب على التجمل بالآداب الإنسانية في ميادين الخلق والرضا وطاعة الله؛ لأن التربية بالاقتداء من خير الأساليب التربوية؛ لصقل الطباع، وتهذيب المشاعر، والسير قدما على طريق التقوى والاستقامة.

وفي عصر التابعين برزت قصص عشرات النساء في حياة نبي الأمة، ممن كان لهن أثر عظيم في عصرهن والعصور التي تلته، أفرد لهن المؤلف والمترجم السوري أحمد خليل جمعة كتاب "نساء في عصر التابعين" الصادر عن دار نشر ابن كثير؛ ليركز على دورهن وما جرى لهن من أحداث ترتبط بالدعوة الإسلامية وبالرسول.

  • أم الدرداء الصغرى

إذا ذكرت النساء التابعيات، فهي - ولا شك - من أبرزهن، ومن أولي المكانة فيهن وبينهن، فقد قال ابن أبي داود: "سيدات التابعيات حفصة بنت سيرين، وعمرة بنت عبد الرحمن، وتليهما أم الدرداء".

وأم الدرداء هي هجيمة بنت حبي الوصابية، زوج الصحابي الجليل أبي الدرداء - عويمر بن زيد -، وكان لأبي الدرداء امرأتان كل واحدة منهما يقال لها: أم الدرداء؛ وهما: كبرى صحابية، وصغرى تابعية، وتزوج التابعية بعد وفاة الصحابية، خيرة بنت أبي حدود الأسلمية، التي لها صحبة ورواية عن النبي، وتوفيت بالشام في خلافة عثمان بن عفان.

وأم الدرداء الصغرى، ليس لها صحبة ولا سماع من النبي الكريم، وإنما هي تابعية من سيدات عصر التابعين من أهل دمشق الشام.

  • زواجها من أبي الدرداء:

نشأت أم الدرداء - رحمها الله - يتيمة في حجر أبي الدرداء - رضي الله عنه - ، إذ رباها على حب الله سبحانه وتعالى، وحب النبي محمد، وأحسن تربيتها كل الإحسان لِعِلْمِهِ بما عند الله عز وجل من ثواب لكافل اليتيم.

وكانت تختلف مع أبي الدرداء إلى المسجد في برنس تصلي في صفوف الرجال، وتجلس في حلق القراء، وحفاظ القرآن الكريم، تتعلم آياته وعلومه، وتتلقى التلاوة من أفواه الصحابة، وكبار القراء والعلماء، حتى غدت ممن يتقن تلاوته وقراءته إتقاناً رائعاً، وعرضت القرآن وهي صغيرة - على سيدنا أبي الدرداء، فأعجب بحفظها، ودقة تلاوتها له، فأكرم مثواها، وحثها على المضي في هذا الطريق الوضيء.

ولما شبت أم الدرداء عن الطوق، اعتزلت صفوف الرجال، ولحقت بالنساء بإشارة من أبي الدرداء، حيث قال لها: الحقي بصفوف النساء، ونشأت هجيمة - أم الدرداء - على حب العلم، والشغف بالعبادة، وطلب الزهد، كما أن الله عز وجل قد حباها بنعمة من كمال العقل، وأنعم عليها بالحسن والجمال.

ولما بلغت مبلغ النساء، تزوجها أبو الدرداء، ومنه أخذت كنيتها - أم الدرداء -، فأضحت مشهورة بها، وكادت تغطي على اسمها الحقيقي هجيمة. وأخذت أم الدرداء تتعلم من زوجها، فروت عنه علماً جماً، رفعها إلى مصاف العالمات الفاضلات الفقيهات في عصر التابعين ممن تركن أنصع الآثار الكريمة في صفحات النساء.

  • من أخبارها مع زوجها :

على الأخلاق الفاضلة، وعلى الخصال الحميدة، نشأت أم الدرداء، فكانت مثل الزوجة الصالحة ذات القدوة الحسنة لغيرها من النساء، فقد كانت تصغي لكل ما يقوله زوجها، وتستمع إلى نصائحه التي تديم المودة بينهما، فاسمع إلى واحدة من هذه النصائح لها: يا أم الدرداء، إذا غضبت أرضيتك وإذا غضبت فأرضيني، فإنك إن لم تفعلي ذلك فما أسرع ما تفترق.

وكانت هذه الكلمات ملء سمعها، فكانت تحسن إلى أبي الدرداء ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، فهي تعلم مكانته من رسول الله، كما تعلم مكانته الرفيعة بين الصحابة الكرام، إذ هو علم من أعلامهم.

وقد تعلمت أم الدرداء القناعة، والاعتماد على النفس، من ذلك ما روته عن إحدى نصائحه لها في هذا المضمار النفيس، فقالت: قال لي أبو الدرداء: لا تسألي أحداً شيئاً. فقلت: إن احتجت؟.

قال: تتبعي الحصادين، فانظري ما يسقط منهم فخذيه فاخبطيه، ثم اطحنيه ثم اعجنيه ثم كليه، ولا تسألي أحدا شيئا.

وحدثت أن أبا الدرداء كان يجيء بعدما يصبح فيقول: أعندكم غداء؟ فإن لم يجد قال: فأنا إذا صائم. وكانت أم الدرداء - رحمها الله - تكبر هذه الصفات في زوجها، فكانت تبتهل إلى الله عز وجل أن يجعلها معه في الجنة فقد ورد أنها قالت: اللهم إن أبا الدرداء خطبني فتزوجني في الدنيا، اللهم فأنا أخطبه إليك، فأسألك أن تزوجنيه في الآخرة.

فقال لها أبو الدرداء: فإن أردت ذلك ، فكنت أنا الأول - أي من قبلك - فلا تتزوجي بعدي. فمات أبو الدرداء فخطبها معاوية فقالت: لا والله، لا أتزوج زوجاً في الدنيا حتى أتزوج أبا الدرداء إن شاء الله في الجنة، فإني سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت النبي الله يقول: (المرأة للآخر من أزواجها، ولست أريد بأبي الدرداء بدلاً، وإني سألت أبا الدرداء أن يسأل الله عز وجل أن يجعلني زوجته في الجنة.

فبعث إليها معاوية - رضي الله عنه - أن عليك بالصيام، وظلت أم الدرداء على العهد إلى أن لقيت الله عز وجل.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك