انهيار هيئة البريد.. الثورة لا تعرف ميدان العتبة - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 3:27 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انهيار هيئة البريد.. الثورة لا تعرف ميدان العتبة

مشاكل البريد مازالت مستمرة تصوير  طارق محمد
مشاكل البريد مازالت مستمرة تصوير طارق محمد
ــ الشيماء عزت
نشر في: السبت 10 مارس 2012 - 11:30 ص | آخر تحديث: السبت 10 مارس 2012 - 11:30 ص

هو الاعتصام الأول من نوعه، الذى لا تحركه مطالب فئوية، ولا يخضع لمساومات الحكومة وعروضها الوهمية بتحسين أوضاع العاملين بالدولة. إنه «اعتصام ضد الفساد» كما يؤكد منظموه، «المعتصمون فى سبيل العدل والشفافية». عندما قرر أكثر من ألف موظف يعملون فى 20 منطقة بريدية على مستوى الجمهورية الوقوف أمام مكتب رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد، لم يتوقعوا أن الأبواب الحديدية ستغلق فى وجوههم ومن خلفهم، لتمنعهم من الوصول إلى أى مسئول.وقتها اعتصموا مع الأوراق والمستندات التى تكشف ما يحدث داخل الهيئة، وحقيقة خسائرها التى تعدت 700 مليون جنيه،

 

رغم أنها هيئة اقتصادية خدمية تستثمر أموالها فى عدة جهات. لم يستجب لهم أحد سوى زملائهم فى المناطق البريدية المختلفة، أعلنوا اعتصاما مفتوحا عن العمل، توقفت على أثره مكاتب البريد فى السويس وعدد من المحافظات، لكن ذلك لم يحرك بلاغا للنائب العام قدمه الموظفون بالمستندات، أو حتى أعضاء مجلس الشعب الذين اطلعوا على تلك الأوراق. «الشروق» التقت المعتصمين واطلعت على مستنداتهم ونقلت قصة هيئة البريد عبر ستة رؤساء مجالس إدارة فى أقل من 10 سنوات، تعاقبوا على الهيئة، ليصنع بعضهم نموذجا مثاليا فى الفساد، ويساهم آخرون فى استمراره، ويهرب منه غير قادر على المقاومة أو غير مهتم.

 

 

 

 

1-الخديو إسماعيل: مستندات تكشف عن فساد غير مسبوق منذ إنشاء البريد

 

على أرض الممر الطويل الواسع أمام مكتب رئيس مجلس الإدارة بالدورالأول، وقف تمثال الخديو إسماعيل ينظر إلى الأجساد التى افترشت البلاط حوله، وإلى بقايا «القرص» التى يعيشون عليها منذ يومين، عندما قرروا الاعتصام خوفا على هيئة البريد التى وضع الخديو الحالم بمصر أوروبية بذرتها الأولى فى 1864.

 

حجم الأموال التى أهدرها رؤساء مجالس الهيئة والتى قرأها حسن العريان الموظف بها، جعلته ينسى عناء 6 ساعات قضاها فى طريقه من محافظة البحر الاحمر التى يعمل بها إلى ميدان العتبة حيت المقر الرئيسى لهيئة البريد، «لما المستندات كشفت حجم الفساد اللى فى الهيئة ولقينا المسلسل مستمر كان لازم وقفة».

 

وعلى البلاط تعرّف العريان على زملائه عادل كمال من السويس، وعبدالله عبدالسميع من الشرقية، ووليد من حلوان، حيث افترش الجميع الأرض بعد إعلانهم الدخول فى اعتصام مفتوح حتى التحقيق فى المخالفات التى تكشفها الأوراق الموجودة بين أيديهم.

 

 

 

2-على مصيلحى: استغلال أموال الهيئة فى الانتخابات وتعيين المحاسيب

 

 

اليوم الأول قضاه الموظفون الذين تجاوز عددهم الألف، يتبادلون أطراف الحديث عن محتوى المستندات التى حصلوا عليها. فى مواعيد العمل الرسمية انضم اليهم بعض موظفى مبنى العتبة. الانهيار بدأ فى أكتوبر 2002، عندما تولى على مصيلحى وزير التضامن الاجتماعى السابق، رئاسة مجلس إدارة الهيئة، هكذا أوضحت إحدى موظفات المبنى، طلبت عدم ذكر اسمها خوفا من التعرض للمشكلات، «وقتها بدأت عمليات التطوير غير المدروسة، والمقامرة بأموال الهيئة فى استثمارات خطيرة، أدت إلى خسائر فادحة»، على حد قولها.

 

وقفت تحكى للمعتصمين عن عهد مصيلحى الذى استمر رئيسا لمجلس إدارة الهيئة حتى فبراير 2006، «استغل الوزير السابق أموال الهيئة فى الدعاية الانتخابية له فى انتخابات 2005، وفتح باب الاستثناءات، بتعيين أقاربه ومعارفه فى وظائف، ضمن الدعاية».

 

«احنا قدمنا بلاغا  للنائب العام بالأوراق دى لكن بدون أسباب ما تحركش ولا حصل فيه حاجة»، قالها وليد وانتظر أن يكون أحد الموجودين لديه تفسير، الا أن موظف آخر يعمل بالمبنى استشهد ببلاغ آخر قدمه عدد من خريجى البريد ضد مصيلحى وآخرين وتم حفظه أيضا.

 

البلاغ الذى تحدث عنه الموظف يحمل رقم 3486، قدمه عدد من خريجى كلية تجارة حلوان شعبة البريد، قالوا فيه «إن فساد المسئولين بالهيئة واستغلالهم لنفوذهم فى تعيين ذويهم وأقاربهم، حال دون حصولنا على حقوقنا فى التعيين، ليشغل أماكننا بالهيئة ومكاتبها حملة الدبلومات والمعاهد والمؤهلات العليا الأخرى، غير المتخصصين بالبريد، وهو العرف الذى اتبعه رئيس هيئة البريد الأسبق على مصيلحى». ضم البلاغ ما يقرب من 3 آلاف خريج من دفعات 2003 إلى 2010، اتهموا فيه مصيلحى بأنه تعمد تضليل وخداع الرأى العام، «وأضاع حقوقنا فى التعيين لصالح محاسيبه ومؤيديه فى انتخابات مجلس الشعب عام 2005، والتى كثرت خلال فترة إجرائها قرارات تعيين لغير خريجى شعبتنا».

 

على القاعدة الرخام لتمثال الخديو إسماعيل استند عادل يقرأ نسخا من تقارير مراقبة الحسابات وأخرى خاصة بقرارات رؤساء مجالس الإدارة السابقين فيما يتعلق بالحسابات، يتعجب من حجم الخسائر التى تكشفها الاوراق، «دى خسائر متعمدة، استثمار بالمليارات وفوائد أقل من فوائد المودعين».

 

تضيف لهم موظفة المبنى بندا جديدا ضمن الخسائر هو الاختلاسات، «كان فى الهيئة عدد من المراجعات والإيصالات تعمل وفق نظام معقد جدا، كان صعب معاه الاختلاس أو التلاعب، لكن لما بدأ مصيلحى التطوير والميكنة، والموظفين شالوا الاكمام والحبر وميكنوا، بدأت الاختلاسات».

 

 

فى الركن القريب من باب مكتب الرئيس وقف وليد يتفحص احدى الأوراق التى تكشف حقيقة ما يسمى بالعلاقات ذات الصلة، «يعنى تستثمر الهيئة جزءا من أموالها بأسهم ومحافظ فى شركات أصحابها أعضاء مجلس إدارة الهيئة»، هكذا شرح وليد، وأشار لزميله العريان على الورقة التى أكدت أن على الطاهرى عضو مجلس إدارة الهيئة هو رئيس مجلس إدارة شركة دلتا رسملة للأوراق المالية التى تستثمر فيها هيئة البريد مليار جنيه تحصل الهيئة على 9 ملايين جنيه فائدة سنوية عنها فقط.

 

«إزاى يبقوا أعضاء مجلس إدارة ويستفيدوا فى نفس الوقت من استثمارات الهيئة فى شركاتهم، الوضع ده مش ممكن يكون قانونى»، قالها العريان باندهاش، وأكد كلامه مستند آخر خاص بعمرو الجارحى عضو مجلس إدارة الهيئة، يثبت أنه فى الوقت نفسه يشغل منصب عضو مجلس إدارة منتدب فى بنك الاستثمار القومى الذى تستثمر الهيئة فيه 72 مليار جنيه من أموال المودعين.

 

3-علاء فهمى :عصر فوضى المستشارين وسيارات التويوتا والفساد خسائر تقترب من مليارى جنيه فروق الفائدة للمودعين

 

 

دخلت ساعات الليل الأولى على المعتصمين، وبدأت برودة البلاط وقلة الزاد تظهر على وجه أغلبهم، عندها قرر وليد أن يكمل قصة الهيئة ورؤساء ادارتها، «خرج مصيلحى من الهيئة وزيرا للتضامن فى 2006، وتولى مجلس ادارتها علاء الدين محمد فهمى اللى بقى وزير للنقل والمواصلات بعدها بأربع سنوات» قالها وهو ينظر فى الساعة الحكومية على الحائط والتى تجاوزت السابعة مساء.

 

فى الوقت نفسه كان موظف المبنى الذى قرر الانضمام للمعتصمين يتحرك باتجاه وليد الراقد تحت تمثال الخديوى، ليكمل له ما ينقصه من الحكاية، «عصر فهمى سميناه فوضى المستشارين، عين 169 مستشار بالهيئة، ييجوا الساعة 10 الصبح ويمشوا 12 الظهر، ويقبض حوالى 40 ألف جنيه كل شهر ويخصص له عربية تويوتا توديه وتجيبه».

 

وعلى سيرة سيارات المستشارين أخرج وليد ورقة من بين المستندات تكشف أن السيارات التويوتا التى تستخدمها الهيئة لا تمتلكها ولكنها تقوم بتأجيرها بنظام التأجير التمويلى، بقيمة 4 ملايين جنيه سنويا، «دول كانوا اشتروا بيها اسطول عربيات».

 

سيارات المستشارين لم تكن المخالفة الوحيدة فى عصر فهمى، هكذا أكد موظف المبنى مستعرضا تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات التى انتقدت بشكل مباشر سياسة المستشارين الموجودين بالهيئة، وحملتهم مسئولية تحقيق جزء كبير من الخسائر. «تحميل الحساب الختامى للهيئة مبلغ  2 مليون جنيه، قيمة بدل حضور جلسات ولجان للمستشارين، بالإضافة إلى تجاوز كبير فى الصرف بأكثر من  850 ألف جنيه، بنسبة 55٪ من الاعتماد المقرر للمستشارين»، كما جاء بالتقرير.

 

أما بلاغ خريجى البريد فقد طالب بالتحقيق مع فهمى فى وقائع محددة أولها تدريب وتأهيل عدد من طلبة جامعة حلوان، بالتعاون مع الهيئة القومية للبريد، ضمن خطوات إعدادهم للتعيين بتكلفة 5 ملايين جنيه، ثم تجاهل تعيينهم، والكلام لحامد.

 

«قام فهمى بتعيين عدد كبير من حملة المؤهلات المختلفة، عند ترشحه لانتخابات النادى الاجتماعى بالمعادى، وأسهم فى إغلاق شعبتنا بكلية التجارة جامعة حلوان، لتتخرج منها آخر الدفعات فى العام الدراسى 2011 بقصد الإضرار بنا، وتعمده تجاهل الكفاءات منا بتعيين خريجى شعبتنا كموزعين وطوافين لمكاتب البريد، بالمخالفة لتوصيفهم ككوادر فنية وليست كتابية»، بحسب البلاغ.

 

حكاية فهمى أنهاها الموظف عندما قال «الحكومة كافأت فهمى بوزارة النقل وتجاهلت تقرير المحاسبات الخاص بميزانية الهيئة للعام 2009/2008، أثناء تولى فهمى، واللى أثبت وجود عجز فى أصول أموال البريد بلغ 51 مليون جنيه، تضمنت مكافآت غير مثبتة وأراضى غير مسجلة واختلاسات فى رصيد حساب التكوين السلعى بالميزانية».

 

إلا أن ورقة أخرى ضمن المستندات التى حصل عليها المعتصمون قرأها عادل، «الورقة دى بتقول ان فهمى اتبع أسلوب الاستثمارات طويلة الأجل، بمبلغ 70 مليون جنيه فى شركات تابعة للهيئة هى البريد للتوزيع، والبريد للاستثمار، والاستثمارات دى ما حققتش أى أرباح من 2006 ولغاية رحيل فهمى، رغم ان ضمنها استثمارات فى محافظ مالية رأس مالها مضمون بأكثر من 3 مليارات جنيه، فى 6 محافظات».

 

الورقة كشفت أن الهيئة تحملت ما يقرب من مليار و800 مليون جنيه فوائد مدينة لمودعى التوفير، عن المبالغ التى استثمرها فهمى بهذه الطريقة، كما تحمل القطاع حوالى 740 ألف جنيه شهريا أتعاب إدارة للمديرين والمسئولين عن هذه المحافظ الاستثمارية.

 

 

4-أشرف زكى :عصر الفساد الإدارى وهوجة الترقيات المشبوهة ضياع 20 مليون جنيه جمعها العاملون لنادى البريد

 

 

فى الصباح لم يظهر أى مسئول للتفاهم مع المعتصمين، واختفى القائم بأعمال رئيس مجلس الإدارة، وظل الباب الحديدى مغلقا على الموظفين النائمين على بلاط الهيئة.

 

عادت موظفة المبنى لزملائها، اطمأنت عليهم وتابعت مناقشاتها معهم عن أحوال الهيئة. «أشرف زكى أصدر 378 قرارا اداريا فاسدا فى يوم واحد، بلا إعلان، بما يخالف تعليمات الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، وفى تجاوز واضح وشديد لكل الدرجات الوظيفية التى تستحق الترقية».

 

 

بدأت تحكى عن الفترة التى تولى فيها أشرف زكى رئاسة مجلس إدارة الهيئة لمدة عام كامل فى يناير 2010، والتى أطلق عليها الموظفون مسمى عصر الفساد الإدارى.

 

«لما تلاقى واحد معاه دبلوم وبيشتغل بعقد مؤقت يبقى مدير إدارة بقرار واحد يبقى لازم نشك»، قال عبد الله موظف الشرقية.

 

أشار فى كلامه إلى حالة الثورة والغليان التى تفجرت داخل الهيئة، عندما ساورهم الخوف والقلق من ضياع حلم انشاء نادى البريد، الذى يتم خصم واحد جنيه شهريا من 50 ألف موظف لإنشائه، وهو ما دفع العاملين وقتها إلى مطالبة زكى بالكشف عن أموال النادى التى تعدت 20 مليون جنيه، وتساءلوا عن أرض البريد بالتجمع الخامس ومدينة النهضة، والتى كشـــــف عنهـــــا الجهـــــــاز المركـــــــــــزى للمحاسبات، وأشــــــــــار إلى أنها غير مدرجة فى سجلات الهيئة.

 

«من اختراعات التطوير اللى ظهرت فى عهده، أن الزكاة اللى يدفعها الأزهر لمستحقيها، أصبحت تصرف من مكاتب البريد، وهذا أربك العمل بشكل كبير، وتسبب فى خسارة الهيئة مبالغ كبيرة»، دللت الموظفة على الفوضى العارمة.

 

زينب هى الموظفة الوحيدة من خارج مبنى العتبة التى تشارك المعتصمين يومهم الطويل ثم ترحل ليلا لتعود اليهم فى الصباح، فاجأها حجم الفساد الذى تكشفه المستندات، واندهشت عندما تابعت تحركات زملائها ببلاغ للنائب العام لم يتخذ فيه أى اجراء، واستجوابات وطلبات احاطة قدمها 8 من أعضاء مجلس الشعب ولم ينظر اليها أحد أيضا.

 

 

5-هانئ محمود: فشـــل محــاولة الإصلاح الإدارى واستقالة بعد شهرين

 

فى نهاية العام الذى تولى فيه أشرف زكى إدارة الهيئة، ظهرت الأوراق التى تكشف أن الهيئة استثمرت 2 مليار جنيه فى بنك مصر فى حساب «يوم بيوم» بفائدة سنوية 8%، «استثمار بالخسارة لأننا بندّى المودعين فائدة 9%»، كما يعلق حسن العريان القادم من البحر الاحمر.

 

«تولى المنصب المهندس هانئ محمود الذى بدأ عهده بطلب من قيادات الهيئة، سرعة تقييم أصحاب العقود الاستشارية وجميع الأشخاص الذين تم التعاقد معهم فى السنوات الأخيرة، والبالغ عددها حوالى 50 عقدا بمختلف قطاعات الهيئة، للوقوف على مدى الاحتياج إلى خبراتهم» ــ أضاف موظف المبنى.

 

وأمر محمود بتشكيل لجنة لتقييم العاملين الذين صدرت لهم قرارات ترقية إلى درجات أعلى، وقال إنه سيتم تقييم الرواتب والحوافز الشهرية التى يحصل عليها أصحاب تلك العقود، وبحث مدى تناسبها مع ما يقومون به من أعمال.

 

«لكنه فاجأ الجميع بتقديم استقالته بعد شهرين»، وهو ما فسره وليد على أنه هروب من حجم الفساد الذى وجده بالهيئة.

 

ثم بنبرة غموض قالت الموظفة: «بعدها قام وزير الاتصالات بتعيين هانئ محمود مستشاره الخاص لشئون البريد».

 

أوقات العمل الرسمية بالهيئة هى الفترة التى يتلقى فيها المعتصمون دعم باقى الزملاء، بعضهم أحضر طعاما وآخرون جلبوا بطاطين وأغطية لتحميهم من رطوبة بلاط الرئيس. نسخة من الميزانية الأخيرة للهيئة حملها وليد بين يديه، قرأ بصوت مسموع ما يفيد قيام شركة H.C بتضخيم المحفظة المالية، وذلك لزيادة قيمة الاتعاب الشهرية التى تستحق عليها، عن طريق اضافة قيمة الكوبونات الخاصة بالسنوات السابقة، والمحصلة، والمحولة لحساب الهيئة القومية للبريد لقيمة المحفظة، وبالتالى زيادة قيمة الأتعاب المحولة للشركة عن قيمة المستحق لها شهريا.

 

وتظهر الميزانية عدم التزام شركة هيرمس بشروط الهيئة الواردة فى العقد المبرم، فيما يخص عدم زيادة الاستثمارات فى أسهم شركة واحدة أكثر من 10% من إجمالى قيمة المحفظة، ولا تزيد نسبة ما يتم استثماره فى أسهم شركات تابعة لقطاع واحد عن 25%  من إجمالى قيمة المحفظة. وفى تفصيلة جانبية شرح له موظف الهيئة الذى يعمل محاسبا، كيف تتحمل الهيئة بموجب العقود المبرمة مع شركتى هيرميس وH.C، أعباء مدير الاستثمار لإدارة المحفظة «نص العقود بيقول إن عمولة العاملين فى إدارة المحفظة سارية فى حالة المكسب أو الخسارة»

 

 

6- طارق السعدنى: تقليل عدد المستشارين وحد أدنى وأقصى للمكافآت

 

لا يستطيع أى من مجموعة الموظفين الثائرين بالهيئة أن يخفى اعجابه بالدكتور طارق أنيس السعدنى الذى تسلم الهيئة فى مايو 2011، بعد أن كان يشغل منصب الرئيس التنفيذى لمركز الابداع التكنولوجى وريادة الاعمال، التابع لوزارة الاتصالات، كما كان كبير مستشارى وزير الاتصالات، حتى سبتمبر 2010، طبقا لسيرته الذاتية التى يحتفظ بها أغلبهم. كانت خسائر هيئة البريد عندما تولى رئاستها السعدنى قد بلغت 715 مليون جنيه، وفقا لآخر ميزانية، «فوجئ بحجم الفساد الادارى الذى صنعه سابقوه، وبدأ يتخذ الإجراءات اللازمة»، كما قالت الموظفة.

 

وكانت اجراءات السعدنى تتمثل فى تقليص عدد المستشارين بهيئة البريد إلى 30 مستشارا، ووضع حد أدنى وأقصى للمكافآت، تشمل رئيس مجلس الإدارة نفسه، وبحماس شرحت «عمرنا ما شفنا رئيس مجلس إدارة بياخد مكافأة فى العيد 500 جنيه»، وعدد آخر من القرارات الخاصة بتطوير العمل فى إطار تعويض الخسائر.

 

«السيد الوزير لن يوقع مثل هذه المذكرات، كانوا بيردوا على الراجل كده»، استطرد زميلها من نفس المبنى معبرا عن عدم رغبة المسئولين فى تحسين الأوضاع، ومشيرا إلى ردود الوزير على مذكرات السعدنى الخاصة بالتطوير.

 

واجه السعدنى ــ على حد قوله ــ عقبات كثيرة، ورفض الوزير محمد سالم أغلب اقتراحاته، فقام السعدنى بتقديم استقالته، بعد 6 أشهر من رئاسته للهيئة. «لما الدكتور طارق يرفض طلبا موجها له من كبير مستشارى الوزير أنور حلمى بتعيين قريبة اللواء محمد الدمرداش مدير مكتب الجنزورى، يبقى استقالته لازم تتقبل فى أقل من 24 ساعة»، تحكى الموظفة الواقعة وتدعمها بصورة من كارت التوصية وتوقيع حلمى. وباختصار تشرح ملابسات الاستقالة وسحبها ثم تجاهلها، رغم أن رئيس الوزراء قد قبل استقالة السعدنى، فى وقت قصير، إلا أن وفدا من العاملين بالبريد توجه إلى مكتب الجنزورى طالبا منه رفض الاستقالة. أبدى الجنزورى استعداده لعودة السعدنى، حسب كلام أحد أعضاء الوفد الذى التقاه، وطلب منهم ايصال رسالة شفهية له توصيه بسحب الاستقالة. خرج موظفو البريد من مكتب رئيس الوزراء، وتوجهوا مباشرة لمنزل السعدنى، الذى اقتنع وكتب خطابا للجنزورى يسحب فيه استقالته «نزولا على رغبة جموع العاملين بالهيئة القومية للبريد»، كما جاء فى الخطاب. «الغريب أن الجنزورى لم يرد على سحب الاستقالة، بل تجاهلها تماما، ولم نتمكن من مقابلته مرة ثانية، وفوجئنا بقرار وزير الاتصالات بتعيين مسعد عبدالغنى قائما بأعمال رئيس مجلس إدارة الهيئة»، والكلام على لسان الموظفة.

 

7-مسعد عبدالغنى : صلاحيات محدودة وإمكانيات فقيرة ومعاش بعد ستة أشهر

 

انقضت الليلة الأولى للاعتصام وشارفت الثانية على الانتهاء.

 

بصلاحيات محدودة، وإمكانيات فقيرة، وستة أشهر يغادر بعدها الهيئة على المعاش، تولى مسعد عبدالغنى منصب القائم بأعمال رئيس مجلس الإدارة فى يناير الماضى، قالها الموظف بيأس ودون تفاصيل لينهى حكاية الهيئة.

 

بدت الصورة واضحة أمام الجميع، مسعد عبدالغنى لم يأت إلى مكتبه منذ بدء الاعتصام، حاولنا الاتصال به ولم يرد، وغادر وزير الاتصالات البلاد إلى قطر بعد اليوم الأول من الاعتصام، ويشك الموظفون فى تعتيم متعمد على وسائل الاعلام منعا من فتح ملفات الهيئة، كما يقولون.

 

 

«احنا مش هنسيب قضيتنا، دى فلوس 20 مليون مودع يعنى 25% من الشعب، ولو فضلنا هنا سنين مش هانتراجع»، بتصميم أكد وليد على موقفه وزملائه، وزاد حماسهم عندما بلغهم خبر توقف عدد من مكاتب البريد بالمحافظات عن العمل بعد إعلان موظفيها الاعتصام.

 

تمر ليالى المعتصمين، ما بين خسارة فى عمليات تطوير غير مدروسة، وعمليات اختلاس، واستثمار خاسر فى البورصة، وفساد ادارى، وعدم وضوح رؤية لتعويض الخسائر، أو وضع خطة حقيقية للخروج من الأزمة، وتظل الهيئة القومية للبريد تلاحق أملا بعيدا فى ان تزور الثورة ميدان العتبة، لتكشف عن الفاسدين، وتنقذ الصرح العتيق قبل الانهيار.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك