مع استمرار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لليوم الـ14، رأت شبكة "سي بي سي نيوز" الكندية، أن روسيا في نظر النقاد خسرت بالفعل الحرب التي بدأتها، لكن السؤال هو "كيف يمكن أن تنتهي هذه الحرب؟".
وبحسب الشبكة، إذا افترضنا أن النتيجة المثالية للعملية العسكرية هي الإطاحة بالنظام في أوكرانيا مع ترحيب من المواطنين، فهذا يعني أن "روسيا أخفقت في تحقيق أهدافها".
واستعرضت الشبكة الإخبارية الكندية، عددا من السيناريوهات التي قد تنتهي بها الحرب الروسية الأوكرانية، من بينها "الحل التفاوضي"، لكن أشارت إلى أنه حل يصعب تحقيقه على أرض الواقع حاليا.
واستشهدت بحديث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي، بعد مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، التي قال فيها إن الأخير "مصمم على فرض شروطه عسكريا أو دبلوماسيا"، وأضاف: "لا أعتقد أنه في الأيام والأسابيع المقبلة سيكون هناك حل حقيقي تفاوضي".
لذلك، من المحتمل ألا يكون الحل التفاوضي سهلا أو سريعًا. ومع ذلك، قام قادة دول صديقة لروسيا مثل (تركيا، والهند، والصين، وإسرائيل)، بمساع دبلوماسية. كما عرض الفاتيكان، الوساطة في الأزمة، وفقا للشبكة الإخبارية الكندية.
كما أن وزير الخارجية الأوكراني، ديميترو كوليبا، دعا يوم الإثنين إلى إجراء محادثات مباشرة بين بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
ورأت "سي بي سي نيوز" أنه من الصعب تخيل أن يتحقق هذا الاجتماع في أي وقت قريب، لاسيما وأن أحد أهداف بوتين الرئيسية المعلنة هو "تغيير القيادة الأوكرانية". بالإضافة إلى ذلك، "مقاومة الأوكرانيون بضراوة الهجوم الروسي".
ونقلت الشبكة عن السفير الكندي السابق لدى أوكرانيا، رومان واشوك، قوله إن "هذه الحملة لم تسر بالطريقة التي توقعها بوتين"، وأضاف أن هناك أدلة متزايدة على أن القوات الروسية تفتقر إلى الحافز، وتعاني من سوء التنظيم والإمداد، كما أنها فوجئت بـ"المقاومة المستمرة"، وتابع: "ما نراه الآن في عدد من المناطق، هو أن الأوكرانيين يسيطرون بالفعل على مناطقهم، وأحيانًا يشنون هجوما مضادا على الأرض".
وبسؤاله عن الاختلاف بين الصراع الدائر في شرق أوكرانيا منذ سنوات وما يحدث حاليا، قال إنه عندما ينتهي الصراع حاليا، فإن الأوكرانيين سيحاربون إرثه لبعض الوقت في المستقبل، مستطردا: "سيشكل هذا المجتمع الأوكراني لعقود، إن لم يكن لقرون".
ولفتت الشبكة الإخبارية الكندية إلى سيناريو فرض السيطرة بالقوة، وقال كريستوفر ميللر، الأستاذ المساعد والمدير المشارك لبرنامج روسيا وأوراسيا في مدرسة فليتشر بجامعة تافتس في ماساتشوستس: "السؤال هو (مع استمرار الحرب.. كيف تتغير الرغبة في القتال من كلا الجانبين؟)".
وأوضح أن هذا الاستعداد يعتمد على حجم الخسائر التي يتكبدها كلا الجانبين، ومقدار القوة التي تستخدمها روسيا، خاصة في المناطق المدنية. وكذلك تكلفة العقوبات المفروضة على روسيا وخسائرها العسكرية.
واعتبرت "سي بي سي نيوز" أنه سيناريو سيأتي بتكلفة باهظة لكل من أوكرانيا وروسيا.
ونقلت الشبكة الإخبارية الكندية عن ليانا فيكس، الزميلة المقيمة حاليًا في صندوق مارشال الألماني بواشنطن قولها: "إن موسكو ستحاول تحقيق أهدافها من خلال حملة قصف في المدن الكبرى؛ لجعل الأوكرانيين بطريقة ما أكثر استعدادًا لقبول بعض المطالب الروسية".
وأضافت: "يدرك الأوكرانيون جيدًا أن أي سيطرة من جانب روسيا ستعني قمعًا عسكريًا"، متابعة أن "أي وجود روسي دائم أو الاحتلال الجزئي في أوكرانيا سيشكل أيضًا (خطرًا أمنيًا هائلاً) على حلف شمال الأطلسي الناتو، وربما خطر التصعيد".
وعلى الرغم من احتمال أن يكون لدى بوتين طموحات خارج أوكرانيا، فإن "حربًا أكبر" هي سيناريو يفضل معظم المعنيين تجنبه؛ ولذلك، على الرغم من دعوات الرئيس الأوكراني المتكررة لفرض منطقة حظر طيران، تقاوم دول الناتو الاقتراح لـ"تجنب الصراع المباشر مع روسيا".
وأوضحت "سي بي سي نيوز"، أن هناك حسابات يجب على دول الناتو القيام بها مع كل خطوة لدعم أوكرانيا، حتى لا تنطوي على "استفزاز يؤدي إلى حرب شاملة"؛ ما يهدد باستخدام الأسلحة النووية.
ورأت الشبكة، أنه على الرغم من الحرب الكلامية المستمرة بين روسيا وحلف الناتو، فمن غير المرجح أن يتغير الوضع الراهن دون وقوع حدث مهم في ساحة المعركة، إما عن قصد أو عن طريق الخطأ.
أما عن سيناريو الإطاحة بالرئيس الروسي، قال مراقبون إن هذا السيناريو قد يكون أقل احتمالية للحدوث؛ لأن الروس أنفسهم لن يغيروا مسار الحرب من خلال الإطاحة ببوتين والإتيان ببديل.
وأشارت الشبكة إلى وجود العديد من الاحتجاجات المناهضة للحرب في روسيا، مع استمرار العقوبات الغربية في تدمير اقتصادها وانخفاض قيمة العملة، الأمر الذي دفع المستثمرين إلى الفرار، كما توقع بنك "مورجان ستانلي" تخلف روسيا عن سداد ديونها على غرار فنزويلا بحلول منتصف أبريل المقبل.
ورجحت الشبكة الإخبارية أن يرد بوتين بمزيد من "التكتيكات القمعية"، مما يهدد باحتجاج أوسع.
ورأى كريستوفر ميللر، المدير المشارك لبرنامج روسيا وأوراسيا بجامعة تافتس في ماساتشوستس، أن "الأخطر على النظام ليس احتجاج الطبقة الوسطى العليا، بل العمال في المدن الصغيرة، الذين لم يتم تسييسهم لمدة 20 عامًا أو أكثر، لكنهم على وشك أن يكتشفوا أن مصانعهم تغلق أبوابها، ورواتبهم لم تعد موجودة".
بدلاً من ذلك، هناك احتمال بعيد للغاية بحدوث انقلاب في القصر والإطاحة ببوتين من الداخل، أو ربما الانقلاب العسكري، على حد تعبير الشبكة الإخبارية الكندية.
وقال ميللر، إن فرص مثل هذه السيناريوهات زادت مع تعثر الغزو وتدهور الوضع الاقتصادي في روسيا، وزيادة عدد القتلي من الجنود التى تعود جثامينهم إلى الوطن، معتبرا أن "إذا حدث ذلك، فإنه سيأتي بدرجة عالية من اليقين من داخل أجهزة الأمن الروسية. ومن الصعب للغاية معرفة ما يفكر فيه هؤلاء الأشخاص"، مشيرا إلى أنه لا يمكن التأكد من أنهم قد يتجهوا لإنهاء الصراع.
وبحسب المراقبون، يظل السيناريو التفاوضي الأفضل لإنهاء الصراع بمساعدة الصين أو دول أخرى لا تزال قريبة من روسيا "لإيجاد طرق لدفع روسيا إلى اتجاه آخر"، إذ إن بوتين لن يريد أن يُنظر إليه على أنه "خاسر"، وكذلك الجانب الآخر (أوكرانيا والغرب) لن يفعل ذلك.