كان وأصبح (6): قصر البارون.. تحفة المليونير البلجيكي التي أضحت حاضنة للأساطير - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 2:55 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كان وأصبح (6): قصر البارون.. تحفة المليونير البلجيكي التي أضحت حاضنة للأساطير

إنجي عبدالوهاب
نشر في: السبت 11 مايو 2019 - 8:20 م | آخر تحديث: السبت 11 مايو 2019 - 8:20 م

لا ينفصل تاريخ الفنون عمارة وتصويرًا ونحتًا عن السياسة والاجتماع والاقتصاد، ولا تقتصر قيمتها على الجمال والإبداع والاحتراف، بل هي شهادة حية على أيام خلت وأحداث مضت وشخصيات كان يمكن أن تتوه في غياهب النسيان.

وفي سلسلتنا الجديدة «كان وأصبح» التي ننشر حلقاتها على مدار شهر رمضان، نعرض نماذج لحكايات منشآت معمارية أو قطع آثرية مصرية تنتمي لعصور مختلفة، تسببت التحولات السياسية والاجتماعية في تغيير تاريخها، أو إخفاء معالمها، أو تدميرها بالكامل، لتخبو بعدما كانت ملء السمع والبصر.

وتنشر الحلقة الجديدة من هذه السلسلة يومياً في الثامنة مساءً بتوقيت القاهرة.

قصر البارون .. تحفة معمارية في بطن الصحراء

كان قصر البارون الذي يمزج بين الطرازين القوطي والهندوسي، سكنًا للمليونير البلجيكي، إدوارد إمبان، لنحو 18 عامًا، لكن هذا القصر هُجٍر منذ وفاة صاحبه في العام 1929 وتحول إلى حاضنة للإشاعات وأساطير السحر والأشباح المزعجة، فما هي قصة هذا القصر؟
بدأت قصة القصر بعدما أسسه المليونير إدوارد لويس جوزيف، الملقب بـ"بارون إمبان"، في العام 1905، في قلب صحراء القاهرة في تلك الرقعة التي تقع عليها مدينة مصر الجديدة الآن، وهو مهندس جمع ثروته من تشييد خطوط سكك حديدية في بلجيكا وفرنسا، ومنحه ملك فرنسا لقب "بارون" نذير مجهوداته في تصميم مترو باريس، وهو رحالة جاب بلدان العالم، في سن صغيرة فانتقل من بلجيكا إلى المكسيك ومنها إلى البرازيل، ثم أميركا الجنوبية، ومنها إلى إفريقيا حيث أقام العديد من المشروعات في الكونغو وحقق بها ثروة طائلة، ومن قلب القارة السمراء اتجه شرقا إلى الهند عاصمة السحر والجمال، ولأنه كان مولع بأساطير الحضارات القديمة؛ عاش سنوات طويلة بالهند، قبل أن يهبط مصر ويقرر أن يقضي بها ما تبقى من عمره، بل وأوصى أن يدفن بها عقب وفاته.


وصل إمبان إلى مصر عام 1904 لإتمام مشروع بناء خط سكة حديد يربط مدينة المنصورة السفلى بالمطرية على الجانب الآخر من بحيرة المنزلة، وفي العام 1905 أسس شركة القاهرة للكهرباء والسكك الحديدية، وقرر أن يمضي بقية عمره بمصر فتزوج من مصرية، واشترى مساحة كبيرة من صحراء القاهرة خطط عليها مدينة "هيليوبليس" بمصر الجديدة، ولجذب الناس إلى مدينته أنشأ عليها المترو الواقع بها حتى الآن.

أوكل البارون إمبان، تصميم القصر إلى المعماري الفرنسي "ألكسندر مارسيل" في عام 1906، فأعد له تصميمًا فريدًا يمزج بين فن العمارة القوطي الأوروبي ونظيره الهندوسي، ونفذ القصر مجموعة من المهندسين البلجكيين والإيطاليين على ربوة عالية تتوسط مدينة إمباين، فخرجت تحفة البارون إمباين المعمارية من بطن الصحراء، عقب 5 أعوام من العمل المتواصل في عام 1911.


صٌمم قصر البارون بحيث لا تغيب عنه الشمس، ويقال إن البرج الملحق بالقصر يدور على قاعدة دائرية من الداخل تدور دورة كاملة تتيح للجالس بشرفته مشاهدة ما حوله من جميع الاتجاهات، وترفع شرفات القصر منحوتات خرسانية ومرمرية لآلهة هندوسية، كما أن بعض جدارياته مرصعة بماء الذهب، كما تعلو شرفة البرج الملحق بالقصر قبة باروكية.

أساطير وردت عن الصقر وأخرى عن صاحبه
توفي مالك القصر الفخم الذي تجملت شرفاته بمنحوتات لتنانين وأفيال وآلهة هندوسية، أثناء قيامه بزيارة لمدينة ولوي في بلجيكا في عام 1929، لكن جثته أُعيدت إلى مصر بحسب وصيته ودفنت تحت كنيسة البازيليك الواقعة بشارع الأهرام بروكسي، في مصر الجديدة، ثم تناقلت ملكية القصر بين ورثة إمباين، حتى باعوه في عام عام 1957 ليترك مهجورًا ويتسبب الإهمال في تخريب الزخارف التي رصعت جدرانه وأسقفه المذهبة، حتى أصبح القصر المهجور مستقرًا للخفافيش والحيوانات الضالة.


وجراء الإهمال أحيط القصر بعدد من القصص الأسطورية التي لا حصر لها، وراجت الإشاعات والأقاويل حول تحوله لمسكن "أشباح" وبحسب ما أورده، ياسر مصطفى الطبال في كتابه الذي يحمل عنوان" أساطير من التراث العالمي"، أن السبب وراء الأساطير التي أحاطت بهذا القصر ربما تكمن وراء غموض صاحبه، والحياة التعيسة التي عاشها ذووه، فبحسب الكاتب كان إمباين شخص قاس غريب الأطوار، وكان يحظر على خدم قصره أو أفراد أسرته الاقتراب منه عند إصابته بنوبات الصرع، كما حرم على شقيقته هيلانه وابنته مريام الخروج من القصر فتوفيت أخته سقوطًا من شرفة غرفتها في ظروف غامضة، ووجدت ابنته هي الأخرى ملقاة على الأرض دون أن يعرف أحد سب وفاتها، بحسبما أورده الكاتب.

ثمة سردية أخرى أوردها الكاتب وهي أن القصر يحوي غرف تحت الأرض ، ضمنها غرفة منع إمباين على الجميع الاقتراب منها وهي ممتدة عبر أنفاق إلى كنيسة البازيليك التي دفن بها إمباين، لكن أحدًا لا يمكنه نفي أو تأكيد هذه السرديات، لتظل لغزًا لا يمكن لأحد حله إلا بإعمار هذا القصر المهجور.



وغدًا حلقة جديدة..



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك