البطاقة الشخصية شرط الحضور والجميع فى انتظار ليلة القدر
أمام خيمة لا تتجاوز مساحتها بضعة أمتار بمسجد عمرو بن العاص، يجلس جمال سيد فى سكينة تامة وهو يطالع فى مصحفه، بينما يمدد أصدقاؤه أجسادهم فى محيط الخيمة التى خصصوها لاعتكافهم فى العشر الأواخر من شهر رمضان.
الخيمة تحوى أمتعة جمال سيد وأصدقاءه الثلاثة الذين قرروا الاعتكاف الدائم فى المسجد، بعد أن نجحوا فى الحصول على إجازة من أعمالهم خلال هذه المدة، وهو ما يشرحه الرجل الخمسينى: «اعتدت توفير إجازتى السنوية لأيام الاعتكاف فى رمضان حتى أنقطع عن العالم وأستمتع بممارسة الشعائر الدينية طوال العشر الأواخر».
وعلى الرغم من اقتراب موقع منزله من المسجد، فإنه يبدو حريصا على عدم مغادرة «عمرو بن العاص» خلال فترة الاعتكاف، بسبب حرصه على حضور الصلوات والدروس الدينية وتلاوة القرآن.
بلغ عدد المعتكفين هذا العام بمسجد عمرو بن العاص نحو ألف معتكف، تتولى لجنة خاصة تسكينهم فى الخيام وإحضار وجبات الإفطار والسحور، وذلك بعد تسجيل صور إثبات الشخصية وإعطاء المعتكفين بطاقات يعلقونها على صدورهم، وفقا لمخلص الخطيب، عضو مجلس إدارة مسجد عمرو بن العاص.
وعلى الرغم من تشديد وزارة الاوقاف فى شروط الاعتكاف بالمساجد الرئيسية هذا العام، وحصره على سكان المنطقة المجاورة لتلك المساجد، إلا أن مسجد عمرو سجل حضورا كبيرا للمغتربين من المحافظات المجاورة للقاهرة، وهو ما يعلق عليه مخلص الخطيب، بأن إدارة المسجد تتبع الإجراءات الاحترازية بالاطلاع على إثبات الشخصية دون الاعتراض على المنطقة الجغرافية التى ينتمى إليها المعتكف.
«الاعتكاف فى مسجد عمرو له روح خاصة تختلف عن أى مسجد آخر فى القليوبية» يتحدث وليد محمد، أحد أولئك المغتربين الذين أتوا للاعتكاف بمسجد عمرو من محافظة القليوبية، التى تبعد نحو 45 كم عن القاهرة، حيث انتقل ليقيم مع باقى أفراد أسرته داخل ساحة الاعتكاف التى تكتظ بمئات الوافدين من خارج العاصمة.
فى ساحة الاعتكاف، تفصل الثياب المعلقة بين مجموعة وأخرى، وتبرز أجولة الطعام المتناثرة فى الممرات، وهو ما يجبر المعتكفين على التقاط الأنفاس خارج هذه المساحة، إذ كنا قد التقينا وليد وهو يتمدد خارجها.
ينتظر وليد كأغلبية المعتكفين صلاة ليلة القدر خلف الشيخ محمد جبريل، كما اعتاد فى السنوات الخمس التى اعتكف فيها بمسجد عمرو بن العاص، فكثيرون يربطون تواجدهم فى ساحة عمرو بن العاص بالأجواء الروحانية التى أصبحت غائبة فى المساجد الأخرى.