رجائى عطية يقتفى أثر العقاد فى مدينته - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 11:13 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى أحدث مؤلفاته عن العبقريات والتراجم الإسلامية:

رجائى عطية يقتفى أثر العقاد فى مدينته

 عبدالله محمد:
نشر في: السبت 14 سبتمبر 2019 - 11:01 ص | آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2019 - 12:26 م

ــ العقاد تسلح فى دفاعه عن الإسلام بالمعرفة المحايدة العميقة وكان غرضه تشريح المجتمع ما له وما عليه

عباس العقاد أديب ومفكر وشاعر وناقد، قدم الكثير فى كل تلك المجالات، له اجتهادات ذكية وآراء مستنيرة وموسوعية. المفكرون والأدباء يصفون أدب العقاد بأنه متدفق بغزارة وفكره الخصب يشهد له الجميع فى مختلف أنحاء الوطن العربى، وما كتبة تحديدا فى العبقريات والتراجم الإسلامية الذى سيبقى أكثر بما أضافه لتلك الشخصيات الإسلامية العظيمة التى كان لها الاثر الكبير فى تغيير مسار التاريخ الإنسانى، لقد كان العقاد صاحب فكر مستنير وله طريقته فى كتابة التاريخ (الرواية التاريخية)، وهو يرسم صورة لهم تعتمد على تجسيد القدوة من جانب آخر وبهذه النظرة اختار صاحب العبقريات من التاريخ شخصياته العبقرية وقدم «التراجم والعبقريات».
الكاتب الكبير رجائى عطية أصدر كتابا تحت عنوان «فى مدينة العقاد.. العبقريات والتراجم الإسلامية»، صادر عن دار الشروق. وفى هذا المجلد الثالث ارتكز الحديث حول منهج العقاد فى الكتابة، مبينا أهمية التراجم والعبقريات، حيث يتسلح «الأستاذ» فى دفاعه عن الإسلام بالمعرفة المحايدة العميقة التى تتصل بالعقيدة، مما مكنه من الرد على المفترين ودافع عن لواء العقيدة فى مشروعه الواسع، فيشير الكاتب إلى نقطة مهمة هى التقارب والتلاحق الزمنى فى كتابة العبقريات، عدا عبقرية خالد التى تأخرت قليلا، فقد كتب العقاد عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم، سنة 1940، وعبقرية عمر سنة 1942، وعبقرية الصديق وعبقرية الإمام على فى سنة واحدة فصدرتا سنة 1943، وتبعتهما عبقرية خالد سنة 1945، وقد بين انشغال العقاد بكتابة عائشة بنت الصديق فصدر سنة 1943، وعمرو بن العاص صاحب الدور الواجب الإجلاء سنة 1944، والحسين أبو الشهداء سنة 1945، وداعى السماء بلال بن رباح سنة 1945، وهذا التلاحق يظهر أهمية المشروع الذى اجتهد العقاد فى إخراجه، فهو صاحب همة وهدف واضح، ورسالة قوية يدافع فيها عن الإسلام، ويظهر الجوانب الإنسانية والبعد المعرفى حول الشخصيات الإسلامية ويرد أباطيل المفترين على الدين ورسوله وصحابته، ويعرض هذا مع إظهار العقيدة «فى أصفى مواردها وأنقى معارضها».
فإن له أسلوبه الخاص فى كتابة التراجم ويشرح الكاتب الكبير رجائى عطية لنا قائلا: «فهو لا يصرف عنايته فيها لكتابة فصول أو مشاهد تتابع السيرة من الميلاد إلى الوفاة وما يتخللها من أحداث وإنما هو يقدم «صورة» تستكشف الخصال والمكونات والشمائل والطباع، وتشخص الملكات والأخلاق وتغوص فى أعماق مفاتيح الشخوص التى دفعت أعمالها».
«وأما أهمية العبقريات والتراجم فهى أساسية – فضلا عما تبرزه فى الشخصيات من توضيح الصورة الكاملة للإسلام وبيان مضمونها، وربما هى جزء من موضوعات الإسلام، وما امتازت به وما قدمته من قيم ومبادئ وأحكام».
طرح رجائى عطية فى كتابه السؤال.. هل العقاد مؤرخ؟ ليؤكد فى إجابته أن العقاد ليس مؤرخا، ومن هذه النقطة يؤكد الكاتب: «ولا تندرج مؤلفاته فى أعمال التأريخ، ولا هو معنى بتقديم الحقائق فهذا عمل المؤرخ، إن ما يقوم به العقاد تقديم «صورة» بشتى جوانبها النفسية والاجتماعية والسياسية، هو أشبه بتشريح للمجتمع وما كان عليه وهذا عمل الكاتب والأديب»، وهو يقوم بما يعرف بأدب الرواية التاريخية.
وفى محاولة من الأستاذ رجائى لتقريب الصورة إلى القارئ فقال: «ليس معنى أن عبقريات وتراجم العقاد صور تحليلية انطباعية تصور الشخصية كما انطبعت فى وجدانه وعقله وفكره ــ ليس معناه أن هذه العبقريات والتراجم خالية من التاريخ، فالتاريخ حاضر فيها إن لم يكن بصيغة «سردية»، واستقطار التاريخ بعقلية موسوعية عملاقة، استقطارا يجدل الشخصية بالتاريخ وبالعصر الذى عاشت واندمجت وتجلت مناقبها وعبقريتها فيه».
وقد خط صاحب العبقريات فى مقدمة «عبقرية محمد» أنه لا يكتب ترجمة له تضاف إلى السير العديدة التى امتلأت بها المكتبة العربية والمكتبات الأجنبية، فهو لم يقصد وقائع السيرة لذاتها إنما الكتاب تقدير «لعبقرية محمد» بالمقدار الذى يدين به كل إنسان ولا يدين به المسلم فقط.
«إن الأوروبيين قد وجدوا من علمائهم من يشيد بعظمائهم، ويستقصى نواحى مجدهم، بل قد دعتهم العصبية أحيانا أن يتزيدوا فى نواحى العظمة، ويعلموا الخيال فى تبرير العيب وتكميل النقص تحمسا للنفس وإيثارا لطلب الكمال. أما نحن والكلام للأستاذ أحمد أمين فقد كان بيننا وبين عظمائنا سدود وحواجز حالت بين شبابنا وجمهورنا والاستفادة منهم»..
الحدود والأسباب التى أشار إليها «الأستاذ» خلاصتها «أنه وإن كان يتغيا بيان الصورة بما فيها من دلائل العظمة، إلا أن ذلك محدود بأن تكون الصورة صادقة كل الصدق فى جملتها وتفصيلها.. فليس من غرضه التجميل الذى يخرج بالصورة عن حقيقتها، ولا يريد أن يطلع القارئ على صورة لا تعبر عن شخصية من يكتب عنه، بيد أن تجميل الصورة شىء وتوقير صاحبها شىء آخر، فما ذكره من ملامح الشخصية هو التوقير الذى لا يخل بالصورة، ولا يعاب على المصور».
وقد جاء المجلد فى 600 صفحة اشتمل على 12 موضوعا تبدأ بـ «اختيارات العقاد ومنهجه فى كتابة العبقريات والتراجم، وعبقرية الصديق، وعبقرية عمر، وعثمان ذو النورين، وعبقرية الإمام، وعبقرية خالد، وعمرو بن العاص، ومعاوية فى الميزان، والحسين أبو الشهداء، وفاطمة الزهراء والفاطميون، والصديقة بنت الصديق، وداعية السماء بلال بن رباح».
وعن الكتاب يقول عطية: «فقد تناولت فى هذا المجلد الثالث لمدينة العقاد، منهجه فى كتابة العبقريات والسير والتراجم، وانتقيت نماذج من تراجم لمشاهير الشخصيات الإسلامية الذين أثروا التاريخ وأثروا فيه، بيد أن هذه التراجم ليست كل ما كتبه الأستاذ العقاد من سير وتراجم إسلامية، وقد كتب العديد من التراجم الأخرى التى تندرج فى التراجم الإسلامية، ولكنى استحسنت أن أرد كل منها إلى نشاط فكرى أو أدبى أو فنى أو فلسفى تميزت به الشخصية، ففى الفكر والفلسفة: ابن سينا، وابن رشد، والإمام الغزالى، وفى الفقه والإصلاح الدينى والاجتماعى، الأستاذ الإمام محمد عبده والكواكبى، فضلا عن الإمام الغزالى، وفى الشعر والأدب: شاعر الغزل عمر بن أبى ربيعة، وجميل بثينة، وأبو نواس، وابن الرومى». فمن المنطق، أن يجرى الحديث عن الفلاسفة والمفكرين الإسلاميين، مع الحديث عن الفلسفة والفكر بعامة، وأعلامه مثل المهاتما غاندى، وفرنسيس بيكون، وجوته، وبرنارد شو، وفلاسفة الحكم فى العصر الحديث التى تناولناها فى المجلد الأول، وأن يجرى الحديث عن الإصلاح فى إطاره التعليمى والاجتماعى والتربوى، ومع أعلامه مثل القائد الأعظم محمد على جناح، وسن يات سن، ومواقف وقضايا فى الأدب والسياسة؛ فضلا عن غاندى وبيكون وبنجامين فرانكلين، وأن يجرى الحديث عن الشعراء ضمن تناول قضايا الشعر والأدب المفترض أن يُخصص لها مجلد مستقل، يتناول الشعر فى أطواره المختلفة، ومدارسه المتنوعة، وموضع هؤلاء الشعراء الإسلاميين ومكانتهم من الشعر الذى قاد الأستاذ العقاد مع المازنى وشكرى مدرسة الديوان للتجديد فيه، وكتب فيه الأستاذ العقاد كتابه عن «اللغة الشاعرة»، وكتابه «شعراء مصر وبيئاتهم فى الجيل الماضى» وكتابه «التعريف بشكسبير» وما كتبه عن الشاعر الأندلسى وجائزة عالمية، وأشتات مجتمعات فى الفكر والأدب، وخواطر فى الفن والقصة، وجوائز الأدب العالمية، وفنون وشجون، وما كتبه من مقالات عديدة فى المجاميع واليوميات عن النقد والأدب».
رجائى عطية محامٍ مرموق وكاتب، من مواليد محافظة المنوفية، ساهم فى إثراء المكتبة العربية، من أبرز ما قدمه «السيرة النبوية فى رحاب التنزيل»، و«تأملات غائرة»، و«الهجرة إلى الوطن»، و«فى رياض الفكر».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك