باحث أمريكي يستعرض كيف ستقوّض الحرب مع إيران استراتيجية الولايات المتحدة تجاه الصين؟ - بوابة الشروق
الإثنين 23 يونيو 2025 8:59 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

باحث أمريكي يستعرض كيف ستقوّض الحرب مع إيران استراتيجية الولايات المتحدة تجاه الصين؟

واشنطن - (د ب أ)
نشر في: الجمعة 20 يونيو 2025 - 5:48 م | آخر تحديث: الجمعة 20 يونيو 2025 - 5:48 م

بينما تعلن الولايات المتحدة أن الصين تمثل التهديد الاستراتيجي الأكبر، فإن الانجرار إلى حرب مع إيران يهدد بإرباك أولويات واشنطن وتقويض قدرتها على التركيز على المنافسة مع بكين.

ويقول الباحث الأمريكي آدم جالاجر في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست"، إن "هناك العديد من الأسباب التي تدعو إدارة ترامب إلى الامتناع عن التورط أكثر في حرب إسرائيل ضد إيران. فإيران دولة ضعيفة نسبيا تقع في الطرف الآخر من العالم، ولا تشكل تهديدا جديا للمصالح الجوهرية للولايات المتحدة".

ويضيف جالاجر: "إذا كنت ممن أعجبوا بحروب الفشل التي لا تنتهي في العراق وأفغانستان، فسيعجبك مستنقع الحرب في إيران، وهي دولة يبلغ عدد سكانها 90 مليون نسمة وتتمتع بقدرات عسكرية أقوى بكثير من تلك الدولتين."

"لكن إسرائيل تبدو مصممة على جر الولايات المتحدة إلى هذه الحرب الاختيارية المزعزعة للاستقرار. فبما أن إسرائيل لا تستطيع القضاء تماما على البرنامج النووي الإيراني بمفردها، فقد حثّت الولايات المتحدة على التدخل المباشر".

ويرى جالاجر أن "أي حرب أمريكية-إسرائيلية مشتركة ضد إيران تُلحِق الضرر بالمصالح الأمريكية وتهدد أرواح الأمريكيين وتستنزف الموارد، وتصرف الانتباه الاستراتيجي عن أولويات أكثر إلحاحا. وفي الواقع، يعد أحد أهم الأسباب التي تفرض على واشنطن البقاء خارج هذه الحرب هو أنها تشتت الانتباه عن تحديات استراتيجية أكثر أهمية، وعلى رأسها إدارة التوترات مع الصين".

ومنذ هجمات السابع من أكتوبر 2023 أرسلت الولايات المتحدة سفنا وقوات ومواد عسكرية أخرى إلى المنطقة لحماية إسرائيل وردع إيران وحلفائها من "محور المقاومة". وفي بعض الحالات، تم نقل هذه الأصول العسكرية من منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث كانت متمركزة في الأساس للتعامل مع التهديدات الصينية المحتملة.

وقبل أن تتوصل إدارة ترامب إلى وقف إطلاق نار مع الحوثيين في اليمن في مايو، أعرب القادة العسكريون الأمريكيون عن قلقهم من أن تضطر القوات الأمريكية إلى نقل مخزونات الأسلحة الدقيقة بعيدة المدى من منطقة المحيطين الهندي والهادئ إلى الشرق الأوسط. واستخدم الجيش الأمريكي كميات هائلة من الذخائر في قتال ميليشيا لم تتمكن حتى من السيطرة على واحدة من أفقر دول العالم. فكم من الموارد سيتعيّن على الجيش الأمريكي حشدها، ومن أين للخوض في حرب ضد دولة مثل إيران تمتلك قدرات عسكرية حقيقية؟

وفي أبريل، نقلت واشنطن بطاريات دفاع صاروخي، ومنظومة "ثاد" (الدفاع الصاروخي على ارتفاع عال)، وحاملة الطائرات "يو إس إس كارل فينسون" من آسيا إلى الشرق الأوسط. ويواصل الجيش الأمريكي إعادة توزيع الموارد وتحريك السفن والأصول العسكرية الأخرى نحو المنطقة، في ضوء الهجوم الإسرائيلي على إيران والتصعيد المستمر بين البلدين.

وباتت هذه الأصول العسكرية، إلى جانب نحو 40 ألف جندي أمريكي في المنطقة، عرضة بشكل خاص لهجمات إيرانية. فقبل الهجوم الإسرائيلي، توعدت طهران بضرب أهداف أمريكية في المنطقة إذا استُهدفت منشآتها النووية. أما الآن، فقد يتحول هذا التهديد إلى واقع يدفع الولايات المتحدة إلى حرب عبثية، بينما يصرف الانتباه عن الصين، التي قالت إدارة ترامب وعدة رؤساء سابقين إنها التهديد الأكبر للولايات المتحدة.

ويقول جالاجر، إنه "رغم أن مزاعم سعي الصين للهيمنة على الشرق الأوسط مبالغ فيها، فإن لدى بكين مصالح كبيرة في المنطقة قد تتعرض للخطر جراء اندلاع حرب إقليمية. فأولا وقبل كل شيء، تعتمد الصين بشكل كبير على المنطقة في تلبية احتياجاتها من الطاقة، حيث يأتي نصف وارداتها من النفط من الخليج. كما تربط إيران والصين علاقة قوية، ولا ترغب بكين في رؤية تدمير النظام في طهران، باعتباره نقطة ارتكاز مهمة في جهودها لتحدي النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة".

ومع ذلك، قد توفر الحرب مع إيران مكاسب استراتيجية كبيرة، وإن كانت قصيرة الأمد، للصين في قضايا أكثر أهمية. فقد تستغل بكين انشغال الولايات المتحدة في القيام بخطوات أكثر عدوانية تجاه تايوان أو في بحر الصين الجنوبي. إن إعادة توزيع الأصول العسكرية الأمريكية وتحويل الانتباه يمنح الصين مساحة تنفس استراتيجية طالما احتاجتها في محيطها الإقليمي.

وعلاوة على ذلك، "يمكن للصين تصعيد استراتيجيتها التي اتبعتها منذ هجمات السابع من أكتوبر لتعزيز موقعها في الصراع الجيوسياسي على النفوذ مع الولايات المتحدة، وهو صراع بدأت بالفعل تميل فيه الكفة لصالح بكين. فالحرب مع إيران ستؤكد من جديد حجة الصين بأن "النظام القائم على القواعد" لا يُطبق إلا على خصوم واشنطن. فالولايات المتحدة كانت محقة في إدانة روسيا لغزوها غير المشروع لأوكرانيا. لكن تحت أي ذريعة ستبرر انضمامها إلى حرب ضد إيران؟، إن هذا النوع من المعايير المزدوجة هو ما دفع العديد من دول الجنوب العالمي إلى أحضان الصين، وأضعف قدرة الولايات المتحدة على المنافسة مع خصمها الاستراتيجي".

وغالبا ما يفاخر الرئيس ترامب بسجله في عدم إشعال أي حروب جديدة خلال ولايته الأولى. ويقول جالاجر إنه على الرغم "من أن هذا السجل أكثر تعقيدا مما يصوره ترامب، فإن انضمامه إلى حرب إسرائيل سيكون خيانة واضحة لذلك الإرث، وسينظر إليه على أنه غدر من قبل ملايين الأمريكيين الذين صوتوا لرئيس وعد بالسعي نحو السلام".

ولسنوات، وعد رؤساء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بالتحول نحو آسيا وإعطاء الأولوية للتنافس مع الصين، وهي المنافس الوحيد القريب من ندّية الولايات المتحدة. وجاءت إدارة ترامب الجديدة إلى الحكم وهي تطلق الوعود ذاتها. ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء الرؤساء قد شغلوا انتباه أمريكا ومواردها في الشرق الأوسط، وهي منطقة تراجعت أهميتها الاستراتيجية بالنسبة للمصالح الأمريكية.

ويخلص جالاجر إلى "أنه إذا كان ترامب يريد الحفاظ على إرثه القائم على "عدم خوض حروب جديدة"، فعليه أن يبقى خارج إيران. كما أن ذلك سيوفر له فرصة أن يكون الرئيس الذي أعاد أخيرا وبشكل كامل توجيه أولويات واهتمامات الولايات المتحدة نحو منطقة المحيطين الهندي والهادىء".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك